حظر رفع أي علم غير العراقي فوق أجهزة الدولة و«الحشد»

TT

حظر رفع أي علم غير العراقي فوق أجهزة الدولة و«الحشد»

يمتلك العراق أكثر من نصف مليون عسكري موزعين على 6 جهات أمنية رئيسية؛ هي: وزارتا الدفاع والداخلية وما تتضمنانه من أفرع كالقوات الجوية وطيران الجيش والاستخبارات، إلى جانب أجهزة مكافحة الإرهاب، والمخابرات، والأمن الوطني، و«هيئة الحشد الشعبي».
غير أن تعدد وتنوع الصنوف الأمنية والعسكرية وعديد عناصرها الضخم، لم يوفر لها الفاعلية والقوة المطلوبة لفرض القانون وهيبة الدولة، كما يرى غالبية العراقيين، بل إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اعترف، أول من أمس، بذلك علناً.
ويبدو أن رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة انطلق من قضية رفع الأعلام في إطار خطواته الرامية لتعزيز هيبة الدولة ومكانة الأجهزة الأمنية؛ إذ أصدر، أمس، قراراً يمنع رفع أي علم غير العلم العراقي فوق مباني الوزارات والأجهزة الأمنية و«هيئة الحشد الشعبي».
وأظهرت وثيقة موقعة من قبل السكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة موجهة إلى قيادة العمليات المشتركة، ووزارتي الدفاع والداخلية، والمخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب، و«هيئة الحشد الشعبي»، وقيادة عمليات بغداد، توجيهاً بأن «تكون سارية العلم العراقي فوق المباني نظامية وموحدة، يرفع عليها العلم العراقي، والاهتمام بأن يكون بهياً نظيفاً جديداً متناسب الأبعاد، مع عدم جواز رفع أي علم آخر». وحمّل القرار رئيس أي مؤسسة عسكرية أو أمنية «مسؤولية أي تقصير أو مخالفة التعليمات».
ورغم البساطة الظاهرة للإجراء، فإن بعض المراقبين ينظرون إليه بوصفه قراراً مهماً بالنسبة لهيبة المؤسسة العسكرية، بالنظر إلى تعمد بعض الجهات، خصوصاً تلك المنتمية إلى «هيئة الحشد»، رفع أعلامها الخاصة على مقراتها وعجلاتها العسكرية، مثلما تتعمد بعض القوات في وزارتي الداخلية والدفاع رفع الأعلام الخاصة في المناسبات الدينية على مقارها وعجلاتها ومعداتها العسكرية، الأمر الذي يثير حساسيات.
وكانت قوات الأمن العراقية بمختلف صنوفها شهدت مرحلة تصاعد لافتة بعد المعارك التي خاضتها ضد تنظيم «داعش» الإرهابي وإعلان هزيمة التنظيم نهاية 2017. لكن فاعليتها ومعنوياتها تراجعت بعد انطلاق المظاهرات الاحتجاجية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كما يؤكد رئيس الوزراء.
وقال الكاظمي، أول من أمس، في اجتماع لمجلس الوزراء: «دعونا نعترف بأن الأجهزة الأمنية لم تستطع القيام بواجباتها بسبب انكسار معنوياتها بعد أكتوبر الماضي، لكننا نحاول استعادة هيبة الدولة عن طريق تطبيق القانون وتحدي الجماعات الإجرامية، وبدأنا بخطوات منذ الأسبوع الماضي»، في إشارة إلى إخفاق القوات الأمنية في حماية المتظاهرين مقابل صعود جماعات مسلحة تسببت في مقتل 540 متظاهراً وجرح نحو 25 ألفاً.
وأكد الكاظمي «استمرار العمليات الهادفة إلى فرض القانون». وقال إن «هناك أطرافاً تعتاش على الفوضى، ونعمل بقوة لإعادة هيبة الدولة ورفع معنويات قواتنا البطلة التي انكسرت خلال الفترة الماضية، ولدينا عمليات لاستعادة هيبة الدولة وفرض القانون».
وبحث اجتماع لرئيس الوزراء مع وزيري الدفاع والداخلية وعدد من قادة الأجهزة الأمنية «سبل الارتقاء بأداء الأجهزة الأمنية والعسكرية، وكذلك وضع استراتيجيات لإصلاح المؤسسة الأمنية العراقية بما يؤمّن أفضل المخرجات في أدائها على سبيل حماية أمن البلاد واستقرارها». وشدد الكاظمي على «وضع رؤية مستقبلية ضمن إطار الإصلاح، تأخذ في اعتبارها أمن المواطن وأمن أجهزة الدولة ومؤسساتها على حد سواء».
بدوره؛ أشاد عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب بدر الزيادي، أمس، بالخطوات الأمنية لرئيس الوزراء باتجاه حصر السلاح بيد الدولة. وقال الزيادي في تصريحات صحافية إن «فرض القانون وتحقيق الاستقرار الأمني سيثمر ازدهار الاقتصاد وتنشيط حركة الاستثمار... هذه الخطوات موفقة ومدعومة من الجميع، بشرط ألا نفرق بين جهة وأخرى، ويجب تطبيق القانون على الجميع بالتساوي».
وتتعرض القوى والمؤسسات والجهات الأمنية منذ أشهر لانتقادات شديدة من قبل قطاعات غير قليلة من العراقيين لعجزها عن كبح جماح الفصائل والجماعات المسلحة الموالية لإيران التي تشن هجمات بصواريخ «الكاتيوشا» والعبوات الناسفة بشكل شبه يومي على المنطقة الخضراء (الحكومية) حيث مقر السفارة الأميركية ومعسكرات الجيش وقوافل الإمدادات المدنية لقوات التحالف الدولي الآتية من جنوب البلاد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.