إجماع نيابي على الإسراع بتشكيل الحكومة وباسيل يقترح «المداورة بالحقائب»

حزب «القوات» لن يشارك و«المستقبل» يطلب تأليفها من اختصاصيين ودعوات لتنفيذ الإصلاحات

TT

إجماع نيابي على الإسراع بتشكيل الحكومة وباسيل يقترح «المداورة بالحقائب»

أسفرت الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أنجزها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة مصطفى أديب عن إجماع النواب على الطلب من أديب الإسراع في تشكيل الحكومة وتنفيذ الإصلاحات، وسجلت خرقين، أولهما مطالبة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بألا تكون المداورة في توزيع الحقائب مقتصرة على طرف واحد، وهو ما سيؤدي إلى تعقيدات في حال طالت المداورة حقيبة المالية ضمن الوزارات السيادية الأربع، كما سُجل خرق آخر بإعلان «القوات اللبنانية» أنها ترفض المشاركة في الحكومة.
وقال باسيل باسم تكتل «لبنان القوي» إن «المطلوب تأليف حكومة فعلا قادرة على أن تنجز الإصلاحات ولا مطالب لنا ولا شروط، كل ما نريده النجاح في تنفيذ قرارات الإصلاح». وقال: «نقبل بكل ما يتفق عليه الآخرون، المهم إنجاز حكومة قادرة على العمل ونتمنى أن تكون هناك مداورة في الوزارات، إذا وافق الجميع على المداورة بالوزارات يكون ذلك جيدا للبنان ولكن المهم ألا تسلك المداورة خطا واحدا».
ولم يُفهَم ما إذا كان طرح باسيل يشمل المداورة في الحقائب السيادية الأربع، أو أن تطال المداورة حقيبة المال التي تولاها منذ عام 2014 وزيران شيعيان تنفيذاً لتفاهم بات عرفاً بعد اتفاق الطائف يقضي بمنح الشيعة مشاركة في السلطة التنفيذية عبر توقيع وزير المالية. ودأب رئيس مجلس النواب نبيه بري على تسمية الوزيرين المتعاقبين، وهي واحدة من أربع وزارات سيادية (الخارجية والدفاع والداخلية والمال) توزع بالتساوي بين الموارنة والسنة والشيعة والأرثوذكس.
وعما إذا كانت هناك مداورة ستشمل هذه الحقيبة الآن، أوضح عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أيوب حميد أن هذا الأمر «بتقديري غير مطروح حتى هذه اللحظة»، من غير أن ينفي أن هذا الأمر «يتعلق بمكونات أساسية في لبنان». وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الطرح «يتصل بالمواقع الأولى في الدولة اللبنانية، لذلك الأمر بحاجة إلى تأنٍّ وعدم اختلاق إشكاليات بالغنى عنها».
ومع أن تولي حقيبة المالية التي يضع وزيرها توقيعه على المراسيم التي تتطلب إنفاقاً مالياً من الحكومة، يعتبره المكون السياسي الشيعي مبدئياً بقول حميد إن «التمسك بالتوقيع الشيعي في وزارة المال مبدئي، والرئيس المكلّف ملم بالواقع اللبناني»، لفت حميد إلى أن الأمر «لم يُطرح للنقاش بعد، ولم يتم البحث بأي تفصيل خلال اللقاء مع الرئيس المكلف».
وكانت كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري طلبت من الرئيس المكلف خلال الاستشارات النيابية «الإسراع في قيام حكومة متجانسة مليئة بالكفاءات والخبرات من أجل تنفيذ الإصلاحات وأولها ملف الكهرباء».
وقال النائب أنور الخليل باسم الكتلة: «كان هناك إصرار على أن يكون للكهرباء الهيئة الناظمة ومجلس الإدارة». وأضاف «من أهم المهمات التي تقع على عاتق الحكومة إعادة ثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي بالدولة». ورداً على سؤال عن تمسك بري بوزارة المال، أجاب «لم يعلن بري تمسكه بأي شيء».
واستهل أديب الاستشارات النيابية في عين التينة صباح أمس، بلقاء الرئيس تمام سلام، الذي قال إن «الخطوات اللازمة للم الوضع في البلد من قبل الجميع من دون استثناء أمر مطلوب بإلحاح وبسرعة».
وركز نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي على مسألة الإصلاحات «التي ستنال منا الدعم الكامل»، مؤكداً « سنذهب باتجاه دفع الأمور لإجراء النقلة النوعية التي بدأت بشائرها تطل على اللبنانيين لجهة الدولة المدنية». وشدّد الفرزلي على أنّنا «سنعمل لتجاوز هذا النظام الطائفي»، مؤكّداً أنّ «إدارة الظهر للطائفة الأرثوذكسية بات أمرا غير مقبول».
وتمنت كتلة المستقبل تشكيل حكومة اختصاصيين سريعا لأن البلد لا يملك ترف الوقت. وقالت النائبة بهية الحريري باسم الكتلة بعد لقاء الرئيس المكلف: «بيروت تتصدر دائما الأولويات وخصوصا بعد انفجار المرفأ».
وأعلنت كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد لقائها أديب أنها تدرك صعوبة المرحلة ودقة الظرف الذي نمر به، وقال رئيس الكتلة النائب محمد رعد: «لم نتحدث عن تفاصيل شكل الحكومة وأردناها أن تكون فاعلة منتجة ومتماسكة». وشدد رعد على أن «الثوابت الوطنية للكتلة واضحة»، وتابع: «التزامنا بالدستور وبميثاق الوفاق الوطني أيضاً واضح ونحن جاهزون للتعاون إلى أبعد مدى تحت هذه السقوف».
في الموازاة، أكّد «التكتل الوطني» «ضرورة تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن». وقال النائب طوني فرنجيّة: «نبدي استعدادنا للتعاون وتأمين الغطاء السياسي بمن نمثل للحكومة من دون أن نطلب أو نطالب بأي حصّة والأهم أن تتشكل الحكومة بمنهجية مختلفة عن الحكومات السابقة»، كاشفاً أن «التكتل لن يطالب بأي حصة كما نتمنى من الفرقاء الترفع عن المطالبة بالحصص».
وتمنى اللقاء الديمقراطي الإسراع بتشكيل الحكومة على أن تكون قادرة وتقوم أولا بالإصلاحات «انطلاقا من المبادرة الفرنسية التي تشكل الفرصة الأخيرة». وقال النائب هادي أبو الحسن بعد لقاء الرئيس المكلف: «الحكومة لا تبدو سياسية وليس لدينا أي مطلب».
من جهتها، أبلغت كتلة «الجمهورية القوية» التي تضم نواب القوات اللبنانية الرئيس المكلف عدم مشاركتها بالحكومة، قائلة: «لن نقدم أي أسماء وأكدنا ضرورة أن تكون مؤلفة من اختصاصيين مستقلين». وقال النائب جورج عدوان: «المطلوب من الحكومة أن تحيد نفسها عن الصراعات ونحن بحاجة للتحقيق بجريمة المرفأ بإشراف وتنسيق وتعاون مع لجنة دولية».
ورأت كتلة «الوسط المستقل» «أن هناك استعدادا للتعاون والتسهيل من الفرقاء وتمنينا تشكيل حكومة متجانسة ولم نتطرق إلى مسألة الحقائب».
وأعلنت كتلة نواب الأرمن استعدادها للتعاون. وقال النائب هاغوب بقرادونيان: «طالبنا بحكومة إنقاذية متجانسة وتضم أشخاصا أكفاء»، مؤكداً الاستعداد للمشاركة في الحكومة. وأضاف «معروف عنا أننا نسهل أمور التشكيل ولا نشكل عائقاً».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».