«إرهاب الفتنة» سلسلة انطلقت من تفجير «الدالوة»

TT

«إرهاب الفتنة» سلسلة انطلقت من تفجير «الدالوة»

تستريح قرية «الدالوة» على السفح الجنوبي الغربي لجبل «قارة» شرق الهفوف، في الأحساء، المحافظة الوادعة التي عرفت بالتسامح والتآخي بين فئات مجتمعها، لكنها في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، تحّولت إلى ميدان لهجوم إرهابي استهدف إثارة الفتنة الطائفية، حيث هاجم أربعة إرهابيين حسينية الدالوة في ذروة الاحتفال بمناسبة عاشوراء (العاشر من شهر محرم)، حيث أدى الهجوم المسلح إلى قتل 8 أشخاص وإصابة 9 آخرين.
وكان التنظيم الإرهابي «داعش» قد افتتح بتفجير الدالوة سلسلة عملياته الدموية التي استهدفت أماكن العبادة وتجمعات المدنيين الآمنين.
وحققت وزارة الداخلية السعودية نجاحاً كبيراً في التعامل مع الحادث، حيث تمّ الكشف سريعاً عن هويات منفذي الهجوم على حسينية الدالوة في الأحساء، وقبل مرور 10 ساعات من الحادثة فقط تم القبض على 6 من المشتبه بهم في ثلاث مدن هي شقراء والخبر والأحساء. وتمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على 15 من المشتبه بهم، ووصفتهم بأن لهم علاقة وثيقة بالحادث الذي كان يراد له تفجير أزمة طائفية في المجتمع السعودي.
وقالت الوزارة، إن منفذي الهجوم هم كل من عبد الله آل سرحان، وخالد العنزي، ومروان الظفر، وطارق الميموني، وأضافت أن «المعتدين الأربعة ينتمون إلى تنظيم (داعش)». وأعلن تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عن هذه الجريمة.
وكانت الأحساء مسرحاً لآخر عمل إرهابي ضد المصلين، حيث استهدف إرهابيون مسجد الرضا في حي «محاسن» الواقع غرب مدينة المبرز على مدخل الأحساء باتجاه الطريق إلى الرياض العاصمة، ووقع الحادث في 29 يناير (كانون الثاني) 2016، حيث شهد هذا الحي هجوماً إرهابياً تم التخطيط له بعناية وتم تنفيذه من خلال ثلاثة مهاجمين انتحاريين كانوا يستهدفون إيقاع أكبر عدد من الضحايا في صفوف المصلين. وقُتل في الاعتداء خمسة أشخاص وأصيب نحو 36 آخرين، بينهم 3 رجال أمن.
وبين الدالوة ومحاسن نحو 20 كيلومتراً، لكن بين الحدثين نحو ستة تفجيرات دموية أودت بأكثر من 60 قتيلاً وعشرات الجرحى. فمنذ تفجير «الدالوة» وقعت 6 تفجيرات استهدفت مساجد في الأحساء، والقطيف، والدمام، وعسير، ونجران، وسيهات.

القديح
في 22 مايو (أيار) 2015، وقع الهجوم على المصلين في القديح بمحافظة القطيف، حين استهدف انتحاري مسجد الإمام علي في بلدة القديح التابعة لمحافظة القطيف، وذلك أثناء أداء صلاة الجمعة؛ مما أوقع 22 قتيلاً و102 من الجرحى. وتمكنت وزارة الداخلية السعودية من تحديد هوية الإرهابي الذي فجّر المسجد في القديح، وذلك بعد نحو 24 ساعة من وقوع الجريمة.
وأعلنت وزارة الداخلية، أن منفذ الجريمة يدعى صالح بن عبد الرحمن بن صالح القشعمي، وهو من المطلوبين لوزارة الداخلية لارتباطه بخلية تتبع تنظيم «داعش». والانتحاري القشعمي هو أحد الملاحقين أمنياً ضمن خلية كبيرة تابعة لـ«داعش» تم القبض على 26 من أفرادها. وأعلن «داعش» فعلاً مسؤوليته عن هجوم مسجد القديح.

العنود
في 29 مايو 2015، استهدف انتحاري مسجد الإمام الحسين في حي العنود بالدمام ونجح حراس المسجد في التصدي له ومنعه من دخول الجامع الذي كان يغص بمئات المصلين، وأدى تفجير الإرهابي الحزام الناسف الذي كان يحمله إلى «استشهاد» 4 أشخاص من حماة المصلين.
وتمكنت السلطات الأمنية في 3 يونيو (حزيران) 2015 من الكشف عن هوية منفذ الجريمة الإرهابية الآثمة بمسجد الحسين بحي العنود بالدمام، ويدعى خالد عايد محمد الوهبي الشمري (سعودي الجنسية)، كما تمكنت الجهات المختصة من الحصول على معلومات مهمة عن أطراف لها ارتباطات متفاوتة بالجرائم الأخيرة، معلنة عن قائمة لـ16 مطلوباً.

مسجد الطوارئ
تواصل إرهاب المساجد ليستهدف في 6 يوليو (تموز) 2015 مسجداً لقوات الطوارئ في أبها التابعة لمنطقة عسير جنوب غربي السعودية وأدى إلى مقتل 15 شخصاً، بينهم 12 من قوات الطوارئ. وتمكنت السلطات الأمنية من الكشف سريعاً عن شخصية الانتحاري، حيث هدف تنظيم «داعش» إلى خلط الأوراق وضرب قوات الأمن. وقالت الداخلية، إن الانتحاري هو يوسف السليمان عبد الله السليمان، سعودي الجنسية، من مواليد 1415هـ.

سيهات
أدى هجوم مسلح نفذه إرهابي مساء الجمعة 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2015 (3 محرم 1437هـ) مستهدفاً مسجداً بحي الكوثر بسيهات في محافظة القطيف، إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة عدد آخر من المواطنين.
وكشفت وزارة الداخلية عن تفاصيل الهجوم، وقالت إن دورية أمن كانت في الموقع بادرت بالتعامل مع الجاني الذي أطلق النار على المواطنين في محيط المسجد، حيث تم تبادل إطلاق النار معه؛ ما أدى إلى مقتله، لافتة إلى أنه نتج من إطلاق الجاني النار مقتل خمسة مواطنين من المارة – بينهم امرأة – وإصابة 9 آخرين.

نجران
وفي 27 أكتوبر 2015 فجّر انتحاري نفسه داخل مسجد في نجران أثناء صلاة المغرب، ونتج من التفجير الإرهابي مقتل شخصين، في حين جُرح 19 آخرون على الأقل.
وكان القاسم المشترك في كل تلك الجرائم هو إعلان تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عنها، مستهدفاً إحداث فتنة أهلية وضرب الوحدة الوطنية في السعودية.
لكن القاسم الأكبر لكل تلك الجرائم، أنه بصمود الأهالي ووعيهم، ويقظة رجال الأمن وحزم السلطات الأمنية، فشلت مخططات الإرهابيين في استهداف السلم الأهلي وضرب وحدة البلاد، وفشل الإرهاب في تحقيق أي من أهدافه وغاياته، وتكسرت أهدافه في بث الفرقة والانقسام الطائفي وإضعاف الثقة بالقدرات الأمنية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.