«القوات» يعارض وحيداً التسوية الفرنسية وخصومه يربطون موقفه بالاستعداد للانتخابات

النائب فادي سعد: «حزب الله» و«الوطني الحر» سيتحكمان بالرئيس المكلف

TT

«القوات» يعارض وحيداً التسوية الفرنسية وخصومه يربطون موقفه بالاستعداد للانتخابات

قرر حزب «القوات اللبنانية»؛ الذي خرج مؤخراً من السلطة، مواصلة عمله من خارجها، معلناً المواجهة مع القوى السياسية الأخرى بعدما فشلت محاولات إحياء تحالفه السابق مع الحزب «التقدمي الاشتراكي» و«تيار المستقبل». وارتأت قيادة «القوات» «التمرد» على المبادرة الفرنسية التي أدت أخيراً إلى تسمية مصطفى أديب لتشكيل الحكومة، فانفردت بتسمية السفير السابق للبنان لدى الأمم المتحدة نواف سلام، وردت موقفها هذا إلى رفضها «التسويات الداخلية والخارجية على حساب الشعب اللبناني»، وإلى أنها لا تشبه الآخرين، على حد تعبير النائب عن «القوات» جورج عدوان.
وكان وزراء «القوات» انسحبوا من حكومة الرئيس سعد الحريري على وقع انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وانضم المحازبون وأنصار الحزب إلى الناشطين في الشوارع. كما رفضوا المشاركة في حكومة الرئيس حسان دياب وخاضوا مواجهة سياسية شرسة في وجهها.
ولا يخفي النائب عن «القوات» فادي سعد أن في قرارهم الأخير عدم تسمية أديب نوعاً من «التمرد» على الآلية التي أدت لاعتماده والتي يعدّ أنها لا ترتقي لمستوى الأحداث في لبنان، مشدداً على أنه «ليس هكذا يتم اختيار رؤساء حكومة، خاصة أنه كما بات واضحاً سيتحكم به كل من (حزب الله) و(التيار الوطني الحر)، فهما بالموافقة عليه أسقطا عصفورين بحجر واحد؛ إذ سمّيا شخصية يقدران على التحكم بها وفي الوقت نفسه خففا الضغوط الخارجية عنهما بالسير بالمبادرة الفرنسية». ويوضح أن نواب «القوات» من خلال تسمية نواف سلام «أرادوا البعث برسالة للرأي العام بالشخصية التي يرون فيها المواصفات المطلوبة لقيام الدولة المنشودة، خصوصاً أننا نعرف مواقفه من القضايا والملفات الأساسية. ولكن هل من يعلم ما موقف الرئيس أديب من ملفات السلاح والحدود والمحاور والاقتصاد؟». ويضيف سعد لـ«الشرق الأوسط»: «أما ما لا نجد مبرراً له فهو موقف (الحزب التقدمي الاشتراكي) و(تيار المستقبل). على كل حال؛ يبدو أننا في إطار تحالف رباعي جديد، ونحن لن نشارك في الحكومة الجديدة ولن نسمي أحداً فيها، وإن كنا سنبلغ الرئيس المكلف نوع الحكومة التي نرغب في أن يتم تشكيلها والمعايير الواجب اعتمادها».
ويرى سعد أنه «آن الأوان لتعود الحياة الديمقراطية في البلد إلى طبيعتها بحيث تكون هناك معارضة وموالاة؛ فلا يمكن لمجلس النواب أن يحاسب حكومة هو شكّلها»، مستهجناً الاتهامات الموجهة لـ«القوات» بتنفيذ أجندة خارجية وربط موقفه من أديب باستعداده للانتخابات النيابية المقبلة، قائلاً: «من سمّى مرشح التسوية الإيرانية - الفرنسية هو الذي ينفذ أجندة خارجية، أما الاستعداد للانتخابات فليس خطيئة في حال كان حاصلاً، خصوصاً أننا نستبعد تماماً أن ينظموا انتخابات قريباً لأنها ستكتب نهايتهم».
وفي الوقت الذي تؤكد فيه مصادر «القوات» أنها كانت على اطلاع على تفاصيل المبادرة الفرنسية لأنها كانت على تواصل مع الرئيس الفرنسي والمعنيين بملف التكليف والتشكيل، يعدّ مدير «معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، أن اعتماد أديب «تم نتيجة تقاطع بين رؤساء الحكومات السابقين وفريق (8 آذار) المتمثل في (الثنائي الشيعي) والرئيس ميشال عون»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يكن هناك دور لـ(القوات) بحيث إنه تأمنت له الميثاقية المطلوبة من خلال الغطاء السني الذي كان يفتقده حسان دياب والشيعي الذي أمنه (حزب الله) و(حركة أمل) كما المسيحي الذي يؤمنه عون».
ويضيف نادر أن طرح نواف سلام من قبل «القوات» جاء «نتيجة تقاطع مع الأسرة الدولية التي تعدّ أن (حزب الله) يشكل عائقاً أمام عودة لبنان إلى الحضن العربي والشرعية الدولية، كما يساهم بطريقة أو بأخرى في تفاقم الأزمة الاقتصادية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».