عون يتجه إلى الدعوة لحوار وطني... وماكرون يأمل في بداية «عصر جديد»

الرئيس ميشال عون يلقي كلمة ترحيب بالرئيس ماكرون خلال مأدبة الغداء بقصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون يلقي كلمة ترحيب بالرئيس ماكرون خلال مأدبة الغداء بقصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
TT

عون يتجه إلى الدعوة لحوار وطني... وماكرون يأمل في بداية «عصر جديد»

الرئيس ميشال عون يلقي كلمة ترحيب بالرئيس ماكرون خلال مأدبة الغداء بقصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون يلقي كلمة ترحيب بالرئيس ماكرون خلال مأدبة الغداء بقصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)

أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، أنه سيدعو إلى حوار وطني للتوصل إلى صيغة تكون مقبولة من الجميع لإقرار الدولة المدنية في لبنان، فيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الغداء الذي أقيم بالقصر الجمهوري احتفاء بمئوية إعلان «لبنان الكبير»: «إننا سنكون هنا، وفق الصداقة عينها وروح الأمانة وحدها».
وعقدت أمس قمة لبنانية - فرنسية بين الرئيسين ميشال عون وإيمانويل ماكرون الذي أقيم له حفل رسمي في القصر الجمهوري احتفاء بمئوية إعلان دولة «لبنان الكبير»، حيث استعرض الرئيسان ثلة الحرس الجمهوري على وقع النشيدين اللبناني والفرنسي، وعقدا بعد ذلك خلوة ثنائية انضم إليها لاحقاً رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ورحب عون بضيفه الفرنسي قائلاً إن «وجودكم فيما بيننا والوفد المرافق، يسطر فصلاً جديداً من التاريخ المميز الذي يربط بلدينا وشعبينا». وأكد أن «ذكرى إعلان دولة (لبنان الكبير) تجمعنا اليوم. مائة سنة عبرت منذ 1 أيلول (سبتمبر) 1920... ورغم اقتصار الاحتفال بهذا الحدث التاريخي، إلى أقصى الدرجات، إلا إن التأثر يبقى موجوداً ها هنا»، مضيفاً أنه «تأثر يبلغ ذروته في الوقت الذي يجتاز فيه لبنان حالياً فترة ألم عميق نتيجة الانهيار الاقتصادي والمالي والأزمة الناجمة عن تفشي وباء (كورونا)، إضافة إلى المأساة غير المسبوقة في تاريخنا الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت».
وقال عون: «أمام ضربات القدر هذه، هناك احتمالان: الاستسلام أو الحفاظ على الأمل. لقد علمنا تاريخنا أن ننهض ونعيد البناء، متطلعين أبداً نحو المستقبل»، لافتاً إلى أن «الماضي الغني بالتجارب يحضنا اليوم على العمل، وهو خير معلم لنا يدفعنا إلى عدم تكرار الأخطاء».
وتابع: «يرتكز أملنا اليوم على تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على إطلاق ورشة الإصلاحات الضرورية، من أجل الخروج بالبلد من الأزمة الحالية»، مؤكداً أن «الأمل يكمن أيضاً في جعل آلامنا حافزاً يدفعنا إلى أن نغدو دولة مدنية، حيث الكفاءة هي المعيار والقانون هو الضامن للمساواة في الحقوق». وتحقيقاً لهذه الغاية، قال عون إنه التزم «الدعوة إلى حوار وطني لكيما نبلغ إلى صيغة تكون مقبولة من الجميع». وأضاف: «فليكن الأول من أيلول 2020 محطة انطلاق للبنان جديد، حيث المواطن هو الملك وليس زعماء الطوائف: دولة حديثة تستجيب لانتظارات الشعب وتطلعات شبيبتنا الذين هم مستقبل البلد».
وأكد ماكرون، بدوره، أن «الرسالة التي يشكلّها لبنان وهو في قلب فرنسا؛ عشق غير مشروط للحرية وتعلق بالمساواة بين المواطنين، إضافة إلى ارتباط بما نسميه تعددية».
وقال ماكرون: «رسالة لبنان ترتدي أهمية أكثر مما كانت عليه قبل مائة عام، لأنكم، من دون أي شك، آخر من يحمل هذا الإرث. وأن ينجح ذلك اليوم من قِبَلكم، في وقت ربما لم ينجح من قبل آخرين قبلكم، وفي ظروف أسهل، فسببه أنتم؛ لأنكم أنتم تحققون ذلك وفي ظروف أشد قسوة تبلغ حد المستحيل».
وقال: «نحن سنكون هنا، وفق الصداقة عينها وروح الأمانة وحدها: أمانة في هذا التاريخ وما يجمعنا من خلاله، وفق التزام بالسيادة والعشق غير المشروط للحرية». وقال: «هذا ما رغبت في قوله لكم في هذا اليوم، الذي هو بمثابة احتفال، ولكن أرجو من كل قلبي أن يشكل بداية لعصر جديد».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.