عبر وساطات محلية ودولية طوى فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» الليبية خلافاته «مؤقتاً» مع وزير داخليته، فتحي باشاغا، في العاصمة طرابلس التي شهدت أمس عملاً إرهابياً بتفجير محدود نفذه انتحاري بالقرب من بوابة الغيران غرب المدينة، بينما أعلن «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف «المرتزقة السوريين» الموالين لتركيا خلال تفجير استهدف أحد معسكراته بالعاصمة.
وانقضت مهلة الـ72 ساعة التي منحها السراج لباشاغا للخضوع لتحقيق إداري؛ وذلك على خلفية مواقفه من المظاهرات التي شهدتها طرابلس مؤخراً، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وتدهور الخدمات العامة، من دون الكشف عن إجراء التحقيق أو نتائجه، بإعلان غير رسمي عن تفاهم مفاجئ بين السراج وباشاغا، يتعهد فيه الأخير، بـ«الانضباط وعدم التمرد على الحكومة».
وجاءت هذه التطورات بعد أن فجّر انتحاري كان يقود دراجة نارية نفسه في ساعة مبكرة من صباح أمس في طرابلس، لكن من دون وقوع أي أضرار بشرية أو مادية جراء التفجير. ولم يصدر أي بيان رسمي بتفاصيل الحادث، لكن وسائل إعلان محلية قالت إن انتحارياً فجّر عبوة ناسفة عند مدخل الطريق السريعة القادمة من الغرب، في هجوم هو الأول من نوعه منذ أكثر من عام.
ميدانياً، أعلن المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» بـ«الجيش الوطني» وقوع انفجار ضخم مساء أول من أمس في معسكر اليرموك بطرابلس «خلف قتلى وجرحى من (المرتزقة السوريين)». في حين التزمت حكومة «الوفاق»، التي تسيطر على المعسكر الذي يعد مقراً لـ«المرتزقة السوريين» الذين جلبتهم تركيا للقتال في صفوف قواتها، الصمت ولم تعلن عن أي تفاصيل عن الانفجار، الذي سمع دويه في المدينة. لكن وسائل إعلام محلية وشهود عيان أكدوا أنهم شاهدوا دخاناً يتصاعد منه، بعد ساعات قليلة فقط من إعلان «الجيش الوطني» عن اغتيال ثلاثة من «المرتزقة السوريين» الذين جلبتهم تركيا، إثر تعرض سيارتهم لإطلاق نار من قبل مجهولين بمنطقة الدريبي بالعاصمة طرابلس.
ووقعت هذه الهجمات قبل ساعات فقط من محادثات مفاجئة أجراها في طرابلس جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية مع السراج وأعضاء حكومته، أمس، حيث اعتبر أن «ليبيا تبقى على رأس أولويات الاتحاد الأوروبي»، معلناً ترحيبه بالتفاهم الأخير لوقف إطلاق النار، ومؤكداً مواصلة دعم الحوار والحل السياسي الذي تقوده ليبيا لحل النزاع.
وأوضح بوريل، أن الاجتماع بحث سبل المضي قدماً في العملية السياسية، والعودة إلى محادثات اللجنة العسكرية (5 + 5)، ورفع الحصار النفطي، لافتاً إلى دعم الاتحاد الأوروبي بشدة عملية برلين، وجهود الوساطة وجهود الوساطة وإجراءات التهدئة، بما في ذلك حظر الأسلحة، باعتبارها عناصر أساسية لإنهاء الصراع الليبي.
بدوره، أكد وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، عقب اجتماعه أمس مع السراج بالعاصمة طرابلس، على أن ليبيا «لاعب مهم بالنسبة لنا، ومحور حاسم لبناء نموذج جديد للتنمية في البحر الأبيض المتوسط، مع ازدهار التجارة وفرص النمو لجميع البلدان في المنطقة». معلناً تأييده للاتفاق الذي تم التوصل إليه بين حكومة «الوفاق» ومجلس النواب لتعزيز وقف إطلاق النار، ومعتبراً «أن كل التدخل الخارجي يجب أن يتوقف».
ونقلت وكالة «نوفا» الإيطالية للأنباء عن السراج قوله «سنشكّل لجنة بشأن القضايا الاقتصادية بين إيطاليا وليبيا في أقرب وقت ممكن... ونريد أن تأتي الشركات الإيطالية إلينا لدعم التنمية والنمو في ليبيا».
كما التقى دي مايو في شرق البلاد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، لمناقشة ملفات تعاون صناعية وتجارية مشتركة، بالإضافة إلى حلحلة الوضع السياسي في البلاد.
وتزامناً مع محادثات تركية - روسية في موسكو، سلّم مبعوث شخصي من صالح رسالة إلى نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، تتعلق بآخر مستجدات الأزمة الليبية، وأكدا التنسيق الكامل مع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بخصوص إيجاد تسوية سياسية جادة وشاملة للوضع على الساحة الليبية.
في شأن آخر، صعّد حراك «23 أغسطس»، الذي يشارك في تنظيم مظاهرات طرابلس، من مطالبه وأعلن في بيان له مساء أول من أمس أنه يستهدف إنهاء حالة الانقسام السياسي، مجدداً مطالبته بإسقاط الأجسام السياسية كافة، على أن يتسلم المجلس الأعلى للقضاء السلطة، ويعمل على تشكيل حكومة أزمة مصغرة لتسيير الحاجات الأساسية للمواطن لفترة 6 أشهر، تقوم بالإشراف على الدستور، وانتخاب مجلس نواب ورئيس للدولة تحت رقابة وضمان الأمم المتحدة.
في المقابل، وفي إطار مساعيه لاحتواء الاحتجاجات الشعبية على سوء أداء حكومة «الوفاق» اعتمد مجلسها الرئاسي، أمس، لائحة نظام الإيرادات المحلية، التي تنظم آلية تحصيل الرسوم ذات الطابع المحلي، وكيفية التعامل مع تلك الإيرادات. وقرر المجلس صرف مبلغ ملياري دينار للبلديات، وجّه 70 في المائة منها للمشروعات والبرامج التنموية المحلية؛ بهدف «تمكين البلديات من ممارسة اختصاصها، وتوفير التمويلات اللازمة لتقريب الخدمة للمواطنين وتحقيق تنمية مكانية». كما استحدث السراج، أمس، وزارة للإسكان والتعمير في حكومته، وعين نائبه أحمد معيتيق رئيساً لمجلس أمناء صندوق الإنماء الاقتصادي البالغ رأس ماله نحو 9 مليارات دينار، وفقاً لبيان حكومي تم تسريبه أمس.
وساطات تطوي خلافات باشاغا والسراج «مؤقتاً»
الاتحاد الأوروبي يؤكد ضرورة الإبقاء على وقف النار في ليبيا
وساطات تطوي خلافات باشاغا والسراج «مؤقتاً»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة