لوكاشينكو يحذّر من {مذبحة} ويلوّح بإغلاق الحدود مع أوروبا

احتجاجات بيلاروسيا تمتد إلى المؤسسات التعليمية... والمعارضة تدعو إلى الحوار... وموسكو ترفض محاولات «فرض الوساطة»

قوات الأمن تمنع مسيرة لناشطين محتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية في العاصمة مينسك (أ.ف.ب)
قوات الأمن تمنع مسيرة لناشطين محتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية في العاصمة مينسك (أ.ف.ب)
TT

لوكاشينكو يحذّر من {مذبحة} ويلوّح بإغلاق الحدود مع أوروبا

قوات الأمن تمنع مسيرة لناشطين محتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية في العاصمة مينسك (أ.ف.ب)
قوات الأمن تمنع مسيرة لناشطين محتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية في العاصمة مينسك (أ.ف.ب)

لوّح رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، أمس، بإغلاق الحدود مع البلدان الأوروبية المجاورة، في أول ردّ فعل على رزمة عقوبات أوروبية جديدة استهدفت عشرات المسؤولين البيلاروسيين.
وبالتزامن مع استمرار الاحتجاجات واتساع نطاقها أمس، بعد انضمام طلاب الجامعات والمعاهد الدراسية إلى مسيرات واسعة في عدد من المدن، بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد، بدا أن العلاقة مع أوروبا تتجه إلى مزيد من التصعيد. وقال لوكاشينكو، أمس، إن بلاده قد تغلق الحدود بالقرب من بريست وغرودنو (غرب)، وتمنع دخول مواطني الدول الغربية.
ونقلت وكالة «بيلتا» الحكومية، عن لوكاشينو قوله: «البلدان الأكثر خبرة تدرك أنه لا يجوز التنمر على بيلاروسيا، لأنها يمكن أن تغلق الحدود بالقرب من بريست وغرودنو، ولن تتمكن الشحنات الألمانية من الوصول إلى مناطق الشرق».
ويعني إغلاق المعبرين الحدوديين مع كل من بولندا وليتوانيا توقف عبور البضائع والزوار من أوروبا إلى بيلاروسيا وروسيا.
وعكس التلويح أول رد فعل من جانب لوكاشينكو على توسيع لوائح العقوبات الغربية ضده؛ خصوصاً بعد إعلان جمهوريات حوض البلطيق (لاتفيا وليتوانيا وإستونيا) المجاورة لبلاده فرض عقوبات على 29 مسؤولاً بيلاروسياً، بينهم لوكاشينكو نفسه، والعدد الأكبر من المقربين منه. وهذه أول عقوبات غربية تفرض على الرئيس البيلاروسي بشكل شخصي.

واتهم لوكاشينكو بلداناً أوروبية كبرى بأنها تقف وراء العقوبات الجديدة، وزاد: «تم الإيعاز لدول البلطيق، وهي الأضعف لكي تقف ضد بيلاروسيا (..) لقد صاحوا بهم؛ اهجموا، فهجموا من تحت السياج».
إلى ذلك، حذّر لوكاشينكو مجدداً من أنه في حال وصول قوى المعارضة إلى السلطة ستشهد بيلاروسيا مذبحة، و«سيكون وضعها أسوأ مما أصبحت عليه أوكرانيا المجاورة».
وقال لوسائل إعلام: «لا أريد أن يقطع بلدي إرباً إرباً، هذا البلد الذي بنيته على أنقاض الإمبراطورية... ولا أريد أن يذبح الناس الصادقون والمحترمون الذين عملوا من أجل هذا الهدف». وزاد أنه في حال انتصار المعارضة «لن يقتصر الأمر على حملات التطهير، كما يقول البعض، بل ستكون هناك مذبحة... وبالمقارنة معها سيبدو ما حدث في أوكرانيا مجرد لعبة أطفال».
وحذّر لوكاشينكو المسؤولين الذين انضموا إلى المجلس التنسيقي المعارض من أنهم «سيحاسبون وفق القانون»، مذكراً بأنه تم رفع دعاوى جنائية على خلفية تأسيس هذه الهيئة، باعتبارها «محاولة للاستلاء على السلطة».
لكن لوكاشينكو استبعد في الوقت ذاته احتمال اندلاع حرب أهلية، موضحاً أنه «إذا أفرطنا في استخدام العنف بعضنا ضد بعض، فأقل شيء يمكن أن ينجم عن ذلك هو حرب أهلية. لكن لا تقلقوا لأن ذلك لن يحدث».
وأضاف أن بيلاروسيا مضطرة لانتهاج سياسة خارجية متعددة المسارات «بغضّ النظر عن تطور الأوضاع».
وتطرق إلى أزمة التضييقات على الكنيسة الكاثوليكية في بيلاروسيا أخيراً، مشيراً إلى أنه لن يسمح بـ«ممارسة أي ضغوط على أي طائفة». وزاد: «الكنائس الكاثوليكية ستبقى مفتوحة في البلاد».
تزامن هذا التصريح مع إعلان الكنيسة الكاثوليكية منع عودة رئيسها تاديوش كوندروسيفيتش إلى البلاد بعد زيارة قام بها أخيراً إلى بولندا المجاورة.
وقال متحدث باسم الكنيسة إن رئيسها الذي يحمل الجنسية البيلاروسية أبلغ على المعبر الحدودي بأنه لن يسمح له بالدخول، مشيراً إلى أن الخطوة جاءت على خلفية انتقادات وجّهها رجل الدين الكاثوليكي إلى السلطات بسبب الاستخدام المفرط للقوة؛ خصوصاً بعد محاولة رجال الأمن قبل أيام اقتحام «الكنيسة الحمراء»، وهي واحدة من أشهر دور العبادة الكاثوليكية في بيلاروسيا لاعتقال متظاهرين لجأوا إليها أثناء مطاردتهم من جانب قوات الأمن.
في الأثناء، بدا أن لوكاشينكو يسعى إلى تسريع عملية وضع تعديلات دستورية لطرحها على استفتاء عام، في إطار ما تصفه مينسك بأنه المخرج الوحيد المقبول من الأزمة الراهنة.
واقترح لوكاشينكو أمس، في لقاء مع رئيس المحكمة العليا في البلاد فالنتين سوكالو، الشروع بعملية واسعة لتعديل الدستور، بشكل يعيد توزيع الصلاحيات بين أركان السلطة ويقلص صلاحيات رئيس الجمهورية.
في المقابل، جدّد الرئيس البيلاروسي موقفه المعارض لفتح أي حوار مع المعارضة، كما جدّد رفضه عرض الوساطة الذي اقترحته مفوضية الأمن والتعاون في أوروبا. وهو الموقف ذاته الذي شددت عليه موسكو، إذ اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تسوية الوضع في بيلاروسيا لا تتطلب أي وساطة من القوى الخارجية، متهماً سلطات ليتوانيا المجاورة بمحاولة زعزعة الاستقرار في هذا البلد.
وانتقد لافروف بقوة «جيراننا الليتوانيين»، الذين اتهمهم بأنهم «تجاوزا كل حدود اللياقة»، بسبب إفساح المجال أمام زعيمة المعارضة البيلاروسية للقيام بنشاطها السياسي على أراضيهم. وقال لافروف خلال إلقاء محاضرة: «لدينا ما يدعو للاعتقاد أنهم يتعاملون مع السيدة سفيتلانا تيخانوفسكايا (زعيمة المعارضة البيلاروسية المقيمة في ليتوانيا) بأساليب ليست ديمقراطية على الإطلاق تخلو من الاحترام لسيادة جمهورية بيلاروسيا».
في الوقت ذاته، قال لافروف إنه «لا يرى داعياً لأي وساطة أوروبية في بيلاروسيا»، مشدداً على أن «تسوية الوضع يجب أن يقوم بها البيلاروسيون أنفسهم». وقال إن «الإصلاح الدستوري الذي اقترحه الرئيس لوكاشينكو، يمثل الصيغة المثلى لتسوية الوضع في البلاد كونها تساعد في تنظيم حوار بين السلطة والمجتمع المدني».
وأكد لافروف أن روسيا في تعاملها مع الحالة البيلاروسية ستسترشد بالقانون الدولي والاتفاقات القائمة بين البلدين.
وكان ألكسندر لوكاشيفيتش الممثل الدائم لروسيا لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا حذّر من محاولات «فرض وساطة» عبر الضغط على مينسك لفتح حوار مع المعارضة.
وقال المندوب الروسي: «لا داعي لفرض وساطة على مينسك في الحوار مع المعارضة. القرار في هذا الصدد هو حق سيادي لبيلاروسيا».
وشدد على أن «أي ضغط في مسألة الوساطة يعيد إلى الذاكرة اتفاق 21 فبراير (شباط) عام 2014 بين الحكومة والمعارضة في أوكرانيا، عندما فشل وسطاء من ألمانيا وفرنسا وبولندا في منع تطبيق سيناريو انقلاب دموي في كييف وتناسوا تعهداتهم، ما حطّم سمعة الدول الغربية كوسطاء نزيهين وألقى بظلاله أيضاً على منظمة الأمن والتعاون في أوروبا».
وأشار لوكاشيفيتس إلى أن «مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع للمنظمة قد تهرب من أداء مهامه في مراقبة الانتخابات في بيلاروسيا، تحت ذريعة واهية، مفادها أن السلطات البيلاروسية تأخرت في توجيه الدعوة له»، في إشارة إلى رفض المفوضية الأوروبية الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن اندلاع موجة الاحتجاجات الواسعة في البلاد.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».