مالك «دجلة» يتهم «ميليشيات الظلام»... و«الداخلية» ترفض الاعتداء

بعد اقتحام مقر القناة التلفزيونية في بغداد وحرقه

TT

مالك «دجلة» يتهم «ميليشيات الظلام»... و«الداخلية» ترفض الاعتداء

تعهد رئيس حزب «الحل» ومالك قناة «دجلة» التلفزيونية، جمال الكربولي، بالمثول أمام القضاء بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه بتهمة «تعمد الإساءة إلى شعائر إحدى الطوائف الدينية» بعد مواصلة الفرع الآخر للقناة «دجلة طرب» بث الأغاني المعتادة ليلة العاشر من محرم وما يرتبط بها من حزن لدى الطائفة الشيعية.
وكانت مجموعة من الأشخاص هاجموا، أول من أمس، مقر القناة في بغداد وحطموا أثاثها وأحرقوا أجزاء من المبنى احتجاجاً على بث القناة للأغاني ليلة العاشر من محرم. وقال الكربولي في بيان تعليقاً على صدور مذكرة القبض وإحراق مبنى القناة «سأحترم القضاء وأمثل أمامه، على الرغم من أن قناة (دجلة طرب) موجهة للجمهور العربي للتعريف بالتراث والفن العراقي، وتخلو تماماً من أي برنامج سياسي ولا يعمل بها أي صحافي سوى تقنيي الحاسوب، وجميعهم يعملون من خارج العراق». وتابع «لقد اعتدنا على حرق قناة (دجلة) من قبل ميليشيات الظلام تماماً مثل اعتيادنا على إطلاق الكاتيوشا على البعثات الدولية أمام أعين القوات الأمنية، فقد أحرقوا العراق من قبل».
وسبق أن قامت مجموعة مسلحة في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، باقتحام مقر قناة «دجلة» وتحطيم معداتها بسبب قيامها بتغطية نشاطات الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في تلك السنة. وحمّل الكربولي الأجهزة الأمنية مسؤولية حرق القناة، وقال إن «المسؤول عن إحراق قناة (دجلة) ببغداد هي الأجهزة الأمنية لعجزها عن منع الغوغاء من تنفيذ جريمتهم التي أعلنوا عنها قبل 24 ساعة، حيث بدت القوات الأمنية متعاونة معهم ومستمتعة بمنظر انتشار النار فيها، واكتفت بالتفرج على منع الإطفائية من العمل.. الدولة لا وجود لها».
وأظهرت الفيديوهات التي انتشرت عقب حرق القناة عناصر من الداخلية وهم يتفرجون على العناصر التي هاجمت مبنى القناة وحرقه.
بدورها، أصدرت وزارة الخارجية بياناً رفضت فيه الاعتداء على القناة، لكنه اعتبر «خجولاً» بنظر كثيرين ولا يتناسب مع حجم الاعتداء الذي طال مؤسسة إعلامية. وذكرت الوزارة في بيانها، أنها «تسعى وضمن مهام عملها ووظيفتها التنفيذية إلى فرض سيادة القانون وجعله الفيصل في جميع نقاط الخلاف والمشاكل التي تعترض مجتمعنا الكريم بألوانه المختلفة، وهي حريصة على احترام المعتقدات لكل أطيافه الكريمة».
وأضافت، أنها «في الوقت الذي تؤكد فيه الاحترام لقدسية شهر محرم الحرام وتقدر بإجلال واعتزاز مشاعر أبناء شعبنا الكريم المرتبطة بروحانية وعظمة صاحب الذكرى، فإنها وفي الوقت ذاته ترفض الاعتداءات التي طالت إحدى القنوات الفضائية، وستتخذ الإجراءات القانونية وفق مهامها الدستورية». وأشارت الوزارة إلى أن «حرية العمل الصحافي والإعلامي في البلاد المحكوم بالأصل بقانون نافذ ومؤسسات معنية تتابع بدقة أي إساءات أو تجاوزات غير مقبولة أو بث برامج لا تتناسب وقدسية الشهر».
وتواصل الجدل، أمس، حول حادث اقتحام وحرق قناة «دجلة»، وتراوحت ردود الأفعال حول من يرى أنه يمثل انتهاكاً صارخاً لحرية الإعلام وسعي جهات نافذة إلى إخضاع بقية المكونات إلى نمط محدد من التصرف والسلوك يتوافق مع مكون بعينه، وبين من رأى أن القناة أخطأت ولم تراع مشاعر قطاع واسع من المواطنين، وثالث يرى أن الحادث وقفت وراءه جهات سياسية تراجعت سمعتها بين أوساطها الشعبية وعمدت إلى إثارة موجة جديدة من الشحن الطائفي للظهور بمظهر المدافع عن كيان الطائفة.
بدوره، عاد رئيس «هيئة النزاهة» الأسبق، القاضي رحيم العكيلي، أمس، وكتب عن قضية قناة «دجلة» بعد أن تعرض لانتقادات على منشور سابق انتقد فيه عملية الاقتحام والحرق وذكر في منشور عبر «فيسبوك»، أن «القضية ليست متعلقة بـ(دجلة طرب)، إنما بحرية الإعلام والتعبير من جهة، وبمنع فرض الدين والشعائر على الآخرين من جهة أخرى، وأيضاً بمنع الاستقواء المذهبي والتغطرس الطائفي». وأشار إلى أن «النبش بمسببات الفرقة والشحن الطائفي يؤذي الجميع، وهو سبب رئيسي لما أنشره عن الموضوع، والأهم أنها تظهرنا للعالم كطائفة متغطرسة تمتهن الكراهية والاستقواء على الآخر».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.