تجارب كارثية سابقة تظهر خطورة التعجيل باستخدام لقاح لكورونا

امرأة تحمل لقاحاً تجريبياً ضد فيروس كورونا (رويترز)
امرأة تحمل لقاحاً تجريبياً ضد فيروس كورونا (رويترز)
TT

تجارب كارثية سابقة تظهر خطورة التعجيل باستخدام لقاح لكورونا

امرأة تحمل لقاحاً تجريبياً ضد فيروس كورونا (رويترز)
امرأة تحمل لقاحاً تجريبياً ضد فيروس كورونا (رويترز)

يحذر خبراء اللقاحات الحكومة الفيدرالية من التسرع في استخدام لقاح لفيروس كورونا قبل أن يثبت الاختبار أنه آمن وفعال. وتظهر عقود من التاريخ لماذا هم على حق، وفقاً لتقرير لشبكة «سي إن إن».
وازداد القلق من أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية قد تتحرك بسرعة كبيرة عندما قال مفوض إدارة الغذاء والدواء الدكتور ستيفن هان لصحيفة «فاينانشيال تايمز» إن وكالته يمكن أن تفكر في الحصول على ترخيص استخدام طارئ للقاح كورونا قبل اكتمال التجارب السريرية في المرحلة المتأخرة إذا كانت البيانات تظهر أدلة قوية بما يكفي من شأنها حماية الناس.
وللمفوض سلطة السماح باستخدام المنتجات الطبية غير المعتمدة في حالات الطوارئ عندما لا توجد بدائل مناسبة أو معتمدة. وهذا ما حدث مع الهيدروكسي كلوروكين والكلوروكين، حيث منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية اتفاقية ترخيص استخدام طارئ للأدوية - التي أشاد بها الرئيس دونالد ترمب كثيراً - في 28 مارس (آذار). وألغت الاتفاقية الخاصة بها في يونيو (حزيران)، بعد أن أظهرت الدراسات أنها لم تكن فعالة ويمكن أن تسبب أيضاً مشاكل قلبية خطيرة.

* الموافقة على اللقاح
لكي تتم الموافقة على لقاح من قبل إدارة الغذاء والدواء، يجب على العلماء جمع بيانات كافية من خلال التجارب السريرية بأعداد كبيرة من المتطوعين لإثبات أنه آمن وفعال في حماية الناس من المرض. بمجرد جمع البيانات، عادةً ما يقضي مستشارو إدارة الغذاء والدواء الأميركية شهوراً في التفكير فيها.
وأعطت إدارة الغذاء والدواء لقاحاً بهذه الموافقة القياسية مرة واحدة فقط من قبل، لكنها كانت في ظروف غير عادية. ورفع الجنود دعوى قضائية، زاعمين أن لقاح الجمرة الخبيثة الإلزامي جعلهم مرضى، وأوقف القاضي البرنامج. وطلبت وزارة الدفاع اتفاقية ترخيص الاستخدام الطارئ التي تجاوزت بعد ذلك حكم المحكمة في عام 2005، حتى تتمكن من مواصلة تطعيم الأفراد العسكريين - هذه المرة على أساس تطوعي.
خلافاً لذلك، يجب أن تمر اللقاحات خلال عملية التجربة السريرية بأكملها وعملية موافقة إدارة الغذاء والدواء، التي قد تستغرق شهوراً أو سنوات.
وعندما تم التعجيل بعملية صنع اللقاح، كانت هناك نتائج سيئة.

* حادثة «كاتر»
في 12 أبريل (نيسان) عام 1955، أعلنت الحكومة عن أول لقاح لحماية الأطفال من شلل الأطفال. في غضون أيام، صنعت المعامل آلاف من اللقاحات. واحتوت دفعات من إنتاج شركة واحدة «كاتر لابز»، عن طريق الخطأ على فيروس شلل الأطفال الحي ما تسبب في تفشي المرض.
وحصل أكثر من 200 ألف طفل على لقاح شلل الأطفال، ولكن في غضون أيام اضطرت الحكومة إلى التخلي عن البرنامج.
وأصيب إثر ذلك نحو أربعين ألف طفل بشلل الأطفال. وقال الدكتور هوارد ماركيل، طبيب الأطفال ومدير مركز تاريخ الطب في جامعة ميشيغان، إن البعض كانت لديهم مستويات منخفضة من المرض، وعانى بعض المئات من الشلل الكامل، وتوفي نحو 10 آخرين.

* مشكلة القرد
ومع ذلك، فشلت الرقابة المتزايدة في اكتشاف مشكلة أخرى مع لقاح شلل الأطفال. من عام 1955 إلى عام 1963 ، كان ما بين 10 في المائة و30 في المائة من لقاحات شلل الأطفال ملوثة بفيروس القرد 40 «إس في 40».
وقال عالم الإنثروبولوجيا الطبية إس. لوشلان جين: «الطريقة التي نما بها الفيروس كانت على أنسجة القرود. تم استيراد عشرات الآلاف من قرود المكاك الريسوسية من الهند». وأضاف جين، الذي درّس تاريخ دورة اللقاحات في ستانفورد: «كانوا محبوسين في أقفاص وفي هذه الظروف، مات بعضهم أثناء الرحلة، وأصيب الكثيرون بالمرض وانتشرت الفيروسات بسرعة».
واعتقد العلماء خطأً أن الفورمالديهايد الذي استخدموه سيقتل الفيروس، وقال جين: «تم نقل المرض إلى ملايين الأميركيين».
ويعتقد الكثيرون أن هذه القضية لم تتم متابعتها بشكل كافٍ، وأظهرت بعض الدراسات وجود صلة محتملة بين الفيروس والسرطان. ومع ذلك، قال موقع المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض، إن معظم الدراسات «مطمئنة» ولم تجد أي رابط.

* الجائحة التي لم تحصل
في عام 1976، تنبأ العلماء بانتشار جائحة لسلالة جديدة من الإنفلونزا تسمى إنفلونزا الخنازير. بعد أكثر من 40 عاماً، يسميها بعض المؤرخين «وباء الإنفلونزا الذي لم يحصل أبداً».
وقال مايكل كينش، أستاذ علاج الأورام بالإشعاع في كلية الطب في جامعة واشنطن: «أُخبر الرئيس فورد بشكل أساسي من قبل مستشاريه أن هناك وباء قادماً يسمى إنفلونزا الخنازير سيكون سيئاً مثل الإنفلونزا الإسبانية».
وتم إقناع فورد بطرح لقاح تم وضعه على عجل. وقال كينش: «عندما تكون لديك حالة إجهاد جديدة تماماً مثل هذه، كان عليهم القيام بذلك على الفور». واتخذ فورد قراراً بجعل التطعيم إلزامياً.
وأطلقت الحكومة البرنامج في نحو سبعة أشهر وتم تطعيم 40 مليون شخص ضد إنفلونزا الخنازير، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض. وتم ربط حملة التطعيم هذه لاحقاً بحالات اضطراب عصبي يسمى متلازمة غيلان باريه، التي يمكن أن تتطور بعد الإصابة أو في حالات نادرة بعد التطعيم بلقاح حي.
وقال كينش: «لسوء الحظ، بسبب هذا اللقاح، وحقيقة أنه تم إجراؤه على عجل، كانت هناك بضع مئات من حالات غيلان باريه».
وأوضح مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها أن الخطر المتزايد كان نحو حالة واحدة إضافية من غيلان باريه لكل 100 ألف شخص حصلوا على لقاح إنفلونزا الخنازير. بسبب هذا الارتباط الصغير، أوقفت الحكومة البرنامج للتحقيق.
وقال ماركيل: «لقد كان نوعاً من الفشل الذريع... النبأ السار هو أنه لم يكن هناك وباء لإنفلونزا الخنازير. لذلك كنا بأمان، لكن هذا يظهر لك ما يمكن أن يحدث».

* تزايد انعدام الثقة في الولايات المتحدة
استغرق الأمر عدة حوادث حتى بدأ الناس في تطوير شعور عدم الثقة في اللقاحات. حتى بعد مرض آلاف الأطفال من لقاح شلل الأطفال الأول في عام 1955، عندما أُعيد تشغيل البرنامج، حرص الآباء على تلقيح أطفالهم. كانت لديهم ذكريات واضحة عن الأوبئة التي أصابت ما بين 13 ألفاً و20 ألف طفل بالشلل كل عام. كان البعض مصاباً بشلل عميق لدرجة أنهم لم يتمكنوا حتى من التنفس بسهولة بمفردهم، واعتمدوا على آلات تسمى الرئتين الحديدية لمساعدتهم في التنفس.
وقال ماركيل إن مواقف الناس بدأت تتغير بين عام 1955 ومشروع التطعيم ضد إنفلونزا الخنازير عام 1976.

* فكرة «غبية للغاية»
أشار ماركيل إلى أن عدم ثقة الناس في النظام يجعل فكرة أن إدارة الغذاء والدواء ستسرع في هذه العملية قبل أن تكتمل التجارب السريرية في المراحل المتأخرة «غبية للغاية».
وتابع: «هذا أحد أكثر الأشياء سخافة التي سمعتها من الإدارة... كل ما يتطلبه الأمر هو أحد الآثار الجانبية السيئة لفشل برنامج لقاح نحتاجه بشدة ضد هذا الفيروس».


مقالات ذات صلة

«إعلان جدة» يدفع قُدماً الأجندة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات

صحتك أبرز «إعلان جدة» دور المنظمات الرباعية في تقديم الدعم اللازم للحكومات (واس)

«إعلان جدة» يدفع قُدماً الأجندة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات

تعهَّدت الدول الأعضاء في «إعلان جدة» بتحقيق أهداف الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030.

إبراهيم القرشي (جدة)
صحتك قياس مستوى السكري لدى مريضة أثناء تلقيها العلاج الطبي في باكستان (إ.ب.أ)

دراسة: هرمونات التوتر هي المحرك الأساسي لمرض السكري المرتبط بالسمنة

أشارت دراسة حديثة إلى أن هرمونات التوتر قد تكون المحرك الأساسي لمرض السكري المرتبط بالسمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك وزير الصحة السعودي في صورة تذكارية مع وزراء وكبار مسؤولي قطاعات الصحة والبيئة والزراعة المشاركين في المؤتمر الوزاري في جدة (واس)

السعودية تطلق مبادرات نوعية لمواجهة أكثر التهديدات الصحية العالمية

أطلقت السعودية، الجمعة، عدداً من المبادرات النوعية خلال المؤتمر الوزاري الرفيع المستوى عن «مقاومة مضادات الميكروبات» الذي تستضيفه في المدينة الساحلية جدة.

إبراهيم القرشي (جدة)
صحتك جندي إسباني من قوات «اليونيفيل» يحتفل مع طفل لبناني بـ«الفصح» في القليعة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

البيض: دراسة تكشف فوائده في حماية صحة الدماغ وتقليل الكوليسترول

قد يكون للبيض تأثير إيجابي على صحة الدماغ ويساعد في خفض مستويات الكوليسترول في الدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأبحاث الناشئة تُظهر أن حمامات الجليد يمكن أن تساعد على تحسين الصحة العقلية (رويترز)

حمام الثلج... لماذا قد يكون مفيداً لصحتك العقلية؟

يروّج كثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أخيراً لحمامات الثلج، أي عندما تغمر نفسك بالكامل بالجليد، حيث يؤكد كثير من الأطباء أن ذلك يوفر فوائد صحية جسدية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقنية واعدة لإعادة تدوير البطاريات بكفاءة عالية

توجد بطاريات الليثيوم أيون في كل مكان في حياتنا اليومية من الهواتف الذكية إلى المركبات الكهربائية (جامعة جراتس للتكنولوجيا)
توجد بطاريات الليثيوم أيون في كل مكان في حياتنا اليومية من الهواتف الذكية إلى المركبات الكهربائية (جامعة جراتس للتكنولوجيا)
TT

تقنية واعدة لإعادة تدوير البطاريات بكفاءة عالية

توجد بطاريات الليثيوم أيون في كل مكان في حياتنا اليومية من الهواتف الذكية إلى المركبات الكهربائية (جامعة جراتس للتكنولوجيا)
توجد بطاريات الليثيوم أيون في كل مكان في حياتنا اليومية من الهواتف الذكية إلى المركبات الكهربائية (جامعة جراتس للتكنولوجيا)

أظهرت نتائج دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين الصينيين، أن عملية بسيطة وعالية الكفاءة وغير مكلفة وتتميز بأنها صديقة للبيئة، يمكن أن توفر مساراً لإعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون (NCM) المستنفدة بشكل مستدام.

وكان فريق بحثي مشترك بين عدد من الجامعات بالصين، بقيادة قوانغمين تشو، ورويبينغ ليو، قد طوّر طريقة جديدة تعتمد على استخدام حمض الستريك لاستخلاص المعادن من كاثودات بطاريات (NCM)، وفصلها واستعادتها للاستخدام مجدداً.

وأفاد الفريق البحثي، في بيان، الجمعة، على منصة «تيك إكسبلور»، بأنه لا يلزم إضافة أي مواد كيميائية بخلاف حمض الستريك لتصفية وفصل أكثر من 99 في المائة من معادن الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنجنيز الموجودة في هذا النوع من بطاريات.

إذ يمكن تحويل المواد المعاد تدويرها مباشرة لاستخدامها مجدداً كمادة أقطاب كهربائية عالية الجودة، وفقاً لنتائج الدراسة المنشورة في ​​مجلة «أنجيوندت كيمي إنترناشيونال إديشين».

وذكر باحثو الدراسة أن «الطريقة الجديدة تتفوق على الطرق التقليدية المستخدمة الآن، وبدلاً من استخدام كميات زائدة من حمض الستريك، يستخدمون كمية صغيرة نسبياً منه».

وتوجد بطاريات الليثيوم أيون في كل مكان في حياتنا اليومية الآن، من الهواتف الذكية إلى المركبات الكهربائية، كما أنها عنصر مهم في انتقالنا إلى الطاقة المتجددة، حيث يتم استخدامها لتخزين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الزائدة وإرسالها مرة أخرى إلى شبكات الطاقة عند الطلب.

وتتكون بطاريات الليثيوم (NCM) الكيميائية من مزيج من مركبات النيكل والكوبالت والمنجنيز، مما يمنحها كثافة طاقة عالية. أما الجانب السلبي هو أن عمرها المحدود يؤدي إلى تراكم أعداد هائلة من البطاريات المستنفدة التي تحتوي على معادن ثقيلة خطيرة، بالإضافة إلى مواد كيميائية أخرى خطرة على الصحة والبيئة، فضلاً عن أنها تسهم في استنفاد مخزون المعادن المتاح على كوكب الأرض.

وتعاني معظم عمليات إعادة التدوير من ارتفاع استخدام الطاقة، والانبعاثات العالية، وعادة ما تكون المواد المستردة محدودة من حيث الكميات أو منخفضة الجودة، أو أنها تتطلب كميات كبيرة جداً من المواد الكيميائية في عمليات الاستخلاص، وهي عمليات معقدة ومكلفة، وتنتج غازات سامة.

ووفق باحثي الدراسة فإن عمليات الاستخلاص بالأحماض المتوافقة حيوياً مثل حمض الستريك يعد أحد البدائل لهذه العمليات التقليدية المكلفة والضارة بيئياً، وتتطلب العمليات التقليدية فائضاً كبيراً من الحمض، ويجب تعديل قيمة الرقم الهيدروجيني -معدل الحامضية- باستمرار باستخدام الأمونيا، وهي عمليات معقدة وغير صديقة للبيئة.

ويوضح الباحثون أن الطريقة الجديدة تؤدي إلى انطلاق أيونات الليثيوم إلى المحلول الموجود داخل البطارية، وكذلك الحال فيما يتعلق بمعادن النيكل والكوبالت والمنجنيز، حيث ترتبط في مركبات مستقرة، ويساعد تفاعل المواد الوسيطة مع بعضها بعضاً لتكوين مادة البوليستر التي تتحول إلى جزيئات صلبة يمكن فصلها بسهولة من البطارية.

ويشدد الباحثون على أن استهلاك الطاقة المطلوبة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في هذه الحالة تكون أقل بكثير من عمليات إعادة التدوير التقليدية.