أديب أمام تحدي تشكيل حكومة لبنانية إصلاحية سريعاً بعد تسميته بأغلبية 90 نائباً

يعمل على اختيار فريق وزاري متجانس من أصحاب الكفاءة والاختصاص

عون متوسطاً أديب وبري خلال لقائهم في بعبدا أمس (إ.ب.أ)
عون متوسطاً أديب وبري خلال لقائهم في بعبدا أمس (إ.ب.أ)
TT

أديب أمام تحدي تشكيل حكومة لبنانية إصلاحية سريعاً بعد تسميته بأغلبية 90 نائباً

عون متوسطاً أديب وبري خلال لقائهم في بعبدا أمس (إ.ب.أ)
عون متوسطاً أديب وبري خلال لقائهم في بعبدا أمس (إ.ب.أ)

كلف الرئيس اللبناني ميشال عون أمس (الاثنين)، السفير مصطفى أديب بتشكيل الحكومة العتيدة بعد أن نال 90 صوتا من أصوات النواب في الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها عون أمس، وسط تحدي تأليف الحكومة بسرعة، تحاكي مطالب المجتمع الدولي وتنفذ الإصلاحات المطلوبة من لبنان لإنقاذ البلاد من أزماتها.
ووصل أديب إلى القصر الجمهوري في ختام استشارات نيابية ملزمة أجراها الرئيس اللبناني ميشال عون لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، وبعد أن أبلغ عون رئيس مجلس النواب نبيه بري بحصيلة الاستشارات، تم استدعاء أديب إلى القصر، وفق ما يفرضه الدستور.
وفيما اكتفى بري بالقول: «عقبال الحكومة في أسرع وقت»، وهو يغادر القصر الجمهوري، أكد الرئيس المكلف أديب أن «لا وقت للكلام والوعود والتمنيات، بل للعمل بكل قوة بتعاون الجميع من أجل تعافي وطننا واستعادة شعبنا الأمل بغد أفضل، لأن القلق كبير لدى جميع اللبنانيين على الحاضر والمستقبل». كما أكد «العمل لاختيار فريق عمل وزاري متجانس من أصحاب الكفاءة والاختصاص وننطلق سريعا بالتعاون مع المجلس النيابي الكريم، في إجراء الإصلاحات الأساسية وبسرعة».
وحاز أديب على أغلبية الـ90 صوتا من أصل 121 نائبا في البرلمان (بعد استقالة 7 نواب إثر انفجار مرفأ بيروت)، وذلك بموجب تسوية سياسية بين الأفرقاء، دفع باتجاهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي وصل إلى بيروت مساء أمس للمشاركة في احتفالات مئوية إعلان لبنان الكبير في العاصمة اللبنانية. وقالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أن التسوية لا تقتصر على تكليف رئيس للحكومة، بل تشمل إسراعا في تأليفها وتنفيذ الإصلاحات.
وفي مؤشر على الإسراع في تشكيل الحكومة، بدأ أديب أمس الجولة البروتوكولية على رؤساء الحكومات السابقين، واستهلها بالرئيس الأسبق نجيب ميقاتي، ثم زار رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، تلتها زيارة الرئيس تمام سلام، قبل أن ينتقل عصرا إلى منزل الرئيس الأسبق سليم الحص، على أن يزور الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس حسان دياب.
وتبدأ غدا الأربعاء استشارات التأليف في مقر رئاسة مجلس النواب «عين التينة»، بسبب الأضرار التي لحقت بمجلس النواب جراء انفجار مرفأ بيروت، ويلتقي خلالها الرؤساء بري وميقاتي والحريري وسلام ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، تليها لقاءات مع الكتل النيابية والنواب المستقلين.
وانطلقت الاستشارات النيابية صباح أمس، قبل أن تنتهي ظهرا. وصوّت رؤساء الحكومات السابقون وكتلتا «المستقبل» و«الوسط المستقل» لصالح أديب، كما سماه نواب «تكتل لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) و«التنمية والتحرير» (حركة أمل) «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) و«اللقاء الديمقراطي» (الحزب التقدمي الاشتراكي) و«القومي الاجتماعي» و«التكتل الوطني» (تيار المردة) ونواب آخرون، فيما حاز السفير نواف سلام على 15 صوتا بعد تسميته من قبل كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية)، بينما كسبت الوزيرة السابقة ريا الحسن صوتا، وأعطي صوت للفضل شلق بموازاة خروج 8 نواب من دون تسمية أحد.
وخلال الاستشارات، دعا ميقاتي إلى «أن نكون يدا واحدة وقد اخترت مصطفى أديب لكي يكون جزءا من عملية الإنقاذ»، فيما شدد الحريري على أنه «يجب أن يكون هدفنا جميعا إعادة إعمار بيروت وتحقيق الإصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد لنكسب دعم المجتمع الدولي ونسيطر على الانهيار». ولفت إلى أنه «لتحقيق هذه الأهداف على الحكومة أن تتشكل من أشخاص معروفين بالكفاءة والنزاهة والاختصاص، ويجب أن تتشكل بسرعة مع صياغة البيان الوزاري بسرعة». وقال: «يجب القيام بالإصلاحات لاستعادة ثقة الخارج، وكلنا نعلم الظروف التي أوصلت البلد إلى هذا الوضع».
ورأى النائب تمام سلام أن «حمل الرئيس المكلف سيكون ثقيلا وسندعمه وعلى المسؤولين أن يدركوا أنها الفرصة الأخيرة للبنان واللبنانيين أن ينقذوا وطنهم انطلاقا من تفاهمهم وبدعم دولي وعربي».
وأعلن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أنه «تريّث وتحفّظ ووضع ورقة بيضاء في يد رئيس الجمهورية فيما خصّ تسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة». وأضاف من قصر بعبدا «لا أستطيع في أيّام المحنة التي نعيشها أن أرى مِن طرح اسم مصطفى أديب أمرا إيجابيا مع احترامي الشديد له، وكلّ هذه التسميات هدفها الدوران حول حكومة سياسية أو تكنو - سياسية»، معتبرا أنه لا يستطيع أن يركن لأمر غير معروف وأن يراهن على مستقبل عمل شخص لا يعرفه ليكسب الثقة المرجوّة من قِبله.
ودعا رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «الجميع إلى تعاون إيجابي لما فيه مصلحة لبنان وخدمة الأولويات وفي طليعتها تحقيق الإصلاحات وإعمار بيروت والنهوض الاقتصادي».
في غضون ذلك، قال رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط: «نحن كلقاء ديمقراطي وكحزب تقدمي اشتراكي، مطالبنا كبيرة وطموحاتنا كبيرة. أولا الانتخابات النيابية المبكرة، وقانون انتخابات غير طائفي، ونطالب ونحلم بدولة مدنية، وحتى تحقيق ذلك نطلب من الحكومة أن تحافظ على ما تبقى من اتفاق الطائف، ونتمنى منها أن تركز على الإصلاحات، لأن الشعب اللبناني يموت جوعا، ومن أجل الشباب اللبناني الذي يهاجر لتأمين مستقبله في الخارج». وأعلن عدم المشاركة بالحكومة، نافيا حصول أي ضغوط بشأن التسمية.
وأكدت كتلة «الجمهورية القوية» التي سمت نواف سلام «أننا لن نقبل بتسويات لا داخلية ولا خارجية على حساب لبنان»، فيما قال النائب شامل روكز إن «تأليف الحكومة يجب أن يقوم على أشخاص مستقلّين لأنّ ليس لدينا ترف الوقت ولدى مصطفى أديب فرصة كبيرة ليكون رئيس حكومة لأنّه نال ثقة سياسيّة ولكنّ الأهم هي الثقة الشعبية».
وتحدث النائب جبران باسيل باسم تكتل لبنان القوي، فقال: «سمينا مصطفى أديب نزولا عند خيار القوة السياسية الأكثر تمثيلا لموقع رئاسة الحكومة، وثانيا هو من أصحاب الاختصاص والخبرة بالعمل الحكومي، وثالثا أنه لديه القدرة على التواصل مع المجتمع الدولي واللبنانيين». وجدد المطالبة بتشكيل «حكومة منتجة وفاعلة وإصلاحية». وتابع: «علينا تقديم التزام للمجتمع الدولي الذي نطلب مساعدته، ولو كان توقيعا، ونحن نلتزم تسهيل تشكيل الحكومة بسرعة وسنبدي المرونة اللازمة لذلك ويبقى الأهم أن تكتلنا سيكون الجهة الدافئة لتسهيل تشكيل الحكومة وأول مهامها إعادة إعمار بيروت ومواكبة المنكوبين في بيروت».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.