بري: لبنان لم يعد يمتلك فائضاً من الاستقرار السياسي والأمني

حذر من أن الكيدية السياسية تضع البلاد على حافة خطر وجودي

بري: لبنان لم يعد يمتلك فائضاً من الاستقرار السياسي والأمني
TT

بري: لبنان لم يعد يمتلك فائضاً من الاستقرار السياسي والأمني

بري: لبنان لم يعد يمتلك فائضاً من الاستقرار السياسي والأمني

حذر رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، من أن «الاستخفاف والحقد والأنانية والكيدية السياسية وانعدام المسؤولية الوطنية والإنكار تضع لبنان على حافة خطر وجودي»، منبهاً إلى أن لبنان «لم يعد يمتلك فائضاً من الاستقرار السياسي، ولا الاقتصادي ولا المالي، ولا الاستقرار الأمني الذي بدأ يهتز»، داعياً إلى «حوار تحت سقف المؤسسات حول مفهوم الدولة المدنية، وصياغة قانون انتخابي خارج القيد الطائفي، وإنشاء مجلس للشيوخ».
وألقى بري كلمة في الذكرى الـ42 لتغييب مؤسس «حركة أمل» مؤسس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى»، الإمام موسى الصدر ورفيقيه، وجّه فيها رسالة سياسية حاسمة إلى بعض السياسيين الذين «لم يشعروا بعد بالترددات الناجمة عن الزلازل التي ضربت -ولا تزال تضرب- لبنان؛ شعر بها العالم أجمع من أقصاه إلى أقصاه... ولم يشعر بها هؤلاء، وبقوا يتصرفون وكأن شيئاً لم يحصل»، مؤكداً أن «الوطن لم يعد يمتلك فائضاً من الاستقرار السياسي، ولا الاقتصادي ولا المالي، ولا فائضاً من ثقة المواطن، ومن ثقة الخارج أيضاً بالدولة وسلطاتها وأدوارها».
وقال: «الأخطر أن الوطن، للأسف، لم يعد يمتلك فائضاً من الاستقرار الأمني الذي بدأ يهتز، ونحن نسمع ونرى الحوادث المتنقلة من منطقة إلى أخرى؛ حوادث مشبوهة في أمكنتها وتوقيتها ومفتعليها»، مذكراً بأن كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حرب أو فتنة داخلية «ليس كلاماً عبثياً».
وحذر بري من «الاستمرار في هذا الأداء والسلوك السياسي اللامسؤول، فهو يمثل أرضية خصبة لإعادة استيلاد الفوضى، وإيقاظ الشياطين النائمة من الخلايا الإرهابية التي تتحين الفرصة للانقضاض على الاستقرار في لبنان، والعبث بالوحدة والسلم الأهلي».
ونبه إلى أن «الخوف والقلق على لبنان هذه المرة ليس من الخارج، بل من الداخل»، موضحاً: «إذا كان الفساد والإهمال والاستهتار أسباباً مباشرة لكل هذه الأزمات التي نعاني منها، وسبباً لانفجار كاد أن يزيل العاصمة عن الوجود... فإن الاستخفاف والحقد والأنانية والكيدية السياسية وانعدام المسؤولية الوطنية والإنكار، كلها قد تكون مسببات تضع لبنان على حافة خطر وجودي»، لكنه شدد على أنه «خطر يمكن تفاديه إذا أحسن الجميع التقاط اللحظة الدولية والإقليمية والمحلية المتاحة حالياً التي توفر لها كثير من الدول الصديقة، وكثير من الدول العربية الشقيقة، المناخات الملائمة لتقديم كل مساعدة للبنان واللبنانيين، وإنقاذهما من هذه المحنة، شريطة أن تكون النوايا صادقة، وأن نحب لبنان، وأن نقدّر أهمية هذا الوطن في الموقع والدور بالمقدار نفسه الذي ينظر إليه العالم».
وعشية مئوية لبنان الكبير، رأى بري أن «أخطر ما كشفته كارثة المرفأ، عدا عناصر الدولة الفاشلة، سقوط هيكل النظام السياسي والاقتصادي بالكامل، ولا بد من تغيير في هذا النظام الطائفي، فهو علة العلل والفساد والحرمان، بل كان السبب والمسبب لعدم تطبيق أكثر من 54 قانوناً، بل ولمخالفات دستورية لا تعد ولا تحصى».
وفي الشأن الحكومي، دعا الرئيس بري إلى وقف الحملات الإعلامية والتراشق الكلامي، مشدداً على «ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة قوية جامعة للكفاءات تمتلك برنامجاً إنقاذياً إصلاحياً محدداً بفترة زمنية توازي بين إعادة الأعمار لما تهدم في بيروت والقيام بالإصلاحات الضرورية».
ودعا إلى الإصلاح في طبيعة النظام السياسي، وفقاً لما ورد في اتفاق الطائف والدستور، خاصة في بنوده الإصلاحية.
ودعا بري باسم «كتلة التنمية والتحرير» و«حركة أمل» المكونات السياسية في لبنان كافة، في المعارضة والموالاة، والجادين والصادقين في الحراك، إلى «الحوار تحت سقف المؤسسات حول مفهوم الدولة المدنية، وصياغة قانون انتخابي خارج القيد الطائفي، على قاعدة لبنان دائرة انتخابية واحدة أو المحافظات الكبرى، والاقتراع في أماكن السكن (...) إنشاء مجلس للشيوخ تمثل فيه الطوائف كافة، وتنحصر صلاحياته بالقضايا المصيرية، وتعزيز استقلالية القضاء وتطويره وتحصينه»، وقال: «هذه العناوين لا نطرحها للمناورة أو الهروب إلى الأمام».
وجدد بري دعوته «أبناء أفواج المقاومة اللبنانية (أمل) إلى أن يبقوا على أتم الجاهزية والاستعداد من موقعهم، بصفتهم مبتدأ للمقاومة وخبرها، لمجابهة أي اعتداء صهيوني على لبنان، إلى جانب (حزب الله)»، داعياً إلى «العمل لمنع الانزلاق إلى المكان الذي يريد العدو أخذ الوطن إليه»، مؤكداً أن «الوحدة بين أبناء المقاومة الواحدة والوطن الواحد يُحمى بها لبنان، وتُدرأ فتنة هي أشد من القتل».
وفي قضية الأمام الصدر ورفيقيه الذين اختطفوا في أثناء زيارة إلى ليبيا في عام 1978، أكد بري أن قضية الأمام السيد موسى الصدر ورفيقيه هي قضية لن تموت إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولن تنتهي إلا بعودة الأمام الصدر ورفيقيه، وكشف كل الملابسات المحيطة بهذه الجريمة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.