اتفاق سلام تاريخي بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة

جانب من توقيع الاتفاق التاريخي بين جميع الأطراف بالسودان اليوم في جوبا (سونا)
جانب من توقيع الاتفاق التاريخي بين جميع الأطراف بالسودان اليوم في جوبا (سونا)
TT

اتفاق سلام تاريخي بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة

جانب من توقيع الاتفاق التاريخي بين جميع الأطراف بالسودان اليوم في جوبا (سونا)
جانب من توقيع الاتفاق التاريخي بين جميع الأطراف بالسودان اليوم في جوبا (سونا)

وقّعت الحكومة السودانية وحركات سودانية مسلحة رسميا بالأحرف الأولى، اليوم الاثنين، على اتفاق سلام تاريخي من شأنه أن يضع حدا لـ17 سنة من نزاعات في مناطق عدة.
وانتقل عدد كبير من المسؤولين السودانيين وقادة الحركات المسلحة في ولايات دارفور وجنوب كردوفان والنيل الأزرق إلى جنوب السودان للاحتفال بأول إنجاز كبير منذ إسقاط الرئيس السابق عمر البشير في أبريل
(نيسان) 2019.
وحسبما ذكرت وكالة الأنباء السودانية (سونا)، وقَّع الرئيس سلفاكير ميارديت نيابة عن حكومة جنوب السودان، ووقَّع الفريق أول محمد حمدان دقلو رئيس الوفد الحكومي، ووقَّع عن «حركة العدل والمساواة» جبريل إبراهيم رئيس الحركة، كما وقع عن «حركة تحرير السودان» مني أركو مناوي رئيس الحركة، ووقع عن «حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي» رئيس الحركة الدكتور الهادي إدريس، وعن «التحالف السوداني» وقع رئيسه خميس عبد الله أبكر، وعن «تجمع قوى تحرير السودان» وقَّع عبد الله يحيى.
وفور التوقيع، ارتفع التصفيق والزغاريد في القاعة، بينما رفع العديدون شارات النصر. ورفع رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان ورئيس الحكومة عبدالله حمدوك وكير الوثيقة التي تم التوقيع عليها مبتسمين، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال رئيس وفد الوساطة توتكو غاتلواك، مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية، الأحد «الحلم أصبح حقيقة بعد جهود كبيرة سمحت بالتوصل الى اتفاق سلام والجبهة الثورية السودانية».
وكان ممثلون للحكومة و«الجبهة الثورية السودانية» التي تضم أربع حركات مسلحة، قد وقعوا أمس بالأحرف الأولى اتفاقاً لإنهاء 17 عاماً من الحرب الأهلية.
وقام ممثلون لمختلف الأطراف بالتوقيع بالأحرف الأولى من أسمائهم، في جوبا، على البروتوكولات الثمانية التي تشكل اتفاق السلام: الأمن، وقضية الأرض والحواكير، والعدالة الانتقالية، والتعويضات وجبر الضرر، وبروتوكول تنمية قطاع الرحل والرعاة، وقسمة الثروة، وبروتوكول تقاسم السلطة، وقضية النازحين واللاجئين، حسبما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وينص الاتفاق على ضرورة تفكيك الحركات المسلحة، وانضمام مقاتليها إلى الجيش النظامي الذي سيعاد تنظيمه ليكون ممثلاً لجميع مكونات الشعب السوداني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».