مالك جندلي.. أول موسيقي عربي يطلق سيمفونيته في قاعة «كارنيغي» الأميركية

التونسية فتحية إسماعيل تفوز بجائزته الدولية للعزف على البيانو لعام 2014

الموسيقار مالك جندلي مع مجموعة من العازفين الصغار  وفي الاطار فتحية إسماعيل
الموسيقار مالك جندلي مع مجموعة من العازفين الصغار وفي الاطار فتحية إسماعيل
TT

مالك جندلي.. أول موسيقي عربي يطلق سيمفونيته في قاعة «كارنيغي» الأميركية

الموسيقار مالك جندلي مع مجموعة من العازفين الصغار  وفي الاطار فتحية إسماعيل
الموسيقار مالك جندلي مع مجموعة من العازفين الصغار وفي الاطار فتحية إسماعيل

أعلنت لجنة تحكيم «مسابقة مالك جندلي الدولية على آلة البيانو للشباب لعام 2014»، عن جائزتها السنوية، التي شارك فيها العام الحالي، 23 عازف بيانو دون الـ18، ينتمون إلى بلدان عدة. وفازت التونسية فتحية إسماعيل (10 سنوات) بالجائزة الكبرى وقيمتها ألف دولار أميركي. درست فتحية الموسيقى منذ سن السادسة، وحققت مراكز متقدمة في مسابقة نابل الدولية للبيانو تحت إشراف أستاذها د. منتصر بن مسعود.
أما الفائزة بالجائزة الثانية، فهي عازفة البيانو السورية، مي خليفة (14 سنة) المقيمة، حالياً، في كندا، ونالت 500 دولار. وجاءت الجائزة الثالثة من نصيب سليم خميسي (11 سنة)، وحصل على 300 دولار. كما حصل الفائزون الثلاثة، على جوائز تشجيعية تشمل كتبا موسيقية لمؤلفات جندلي لآلة البيانو، ومجموعة كاملة من ألبوماته الموقعة.
وكانت لجنة التحكيم، ضمت قائد الأوركسترا توماس لودفيغ، والبروفسور عبد الرحيم الصيادي، ود. كريستيان ويندلاند، بالإضافة إلى الموسيقار مالك جندلي، ومحكمين دوليين متخصصين في علوم الموسيقى.
وقالت الفنانة الصغيرة، فور إبلاغها نبأ فوزها، إن ذلك سيمنحها دفعة قوية لمواصلة رحلتها الموسيقية، وتحقيق حلمها بأن تكون عازفة بيانو عالمية. وعبرت الفنانة الشابة مي خليفة، الحائزة على الجائزة الثانية، عن فرحتها، وتمنت أن يتسنى لها مواصلة العزف والتقدم، على الرغم من الظروف المؤلمة والكارثة الإنسانية التي يمر بها بلدها سوريا.
وسيجري توزيع الجوائز والشهادات أمام حشد كبير من المختصين والمتابعين، في الحفل الموسيقى الذي يحييه الموسيقار جندلي في قاعة كارنيغي في نيويورك، في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، حيث يُطلق ألبومه الجديد «سيمفونية سوريا»، الذي قام أخيرا، بإنتاجه وتسجيله مع الفرقة الفليهارمونية الملكية في لندن.
وقال جندلي لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا المشروع الفني «معني بتسليط الضوء على المواهب الناشئة والواعدة، والتحفيز على تفجير طاقاتهم الإبداعية الكامنة، ونشرها على المستوى العالمي، ليكونوا نواة جيل مبدع يقدر الفن ويتعلم مدارسه ويتقن أساليبه».
وأكد المايسترو لودفيغ على أهمية المبادرات الشخصية في دعم الحركة الفنية. ودعا المؤسسات الرسمية إلى تولي مسؤولياتها في دعم الفنون والمساهمة في تأسيس أجيال من المبدعين المحليين. كما دعا الصيادي، بدوره، أصدقاء الفن والإنسانية، إلى المبادرة بدعم هذه الفعالية العالمية، كونها أول مسابقة دولية يؤسسها فنان عربي في المهجر.

* غلوبال ميوزيك أويرد
وكان الموسيقار السوري، مالك جندلي، حصل على جائزة «غلوبال ميوزيك أويرد» لعام 2014. وقد اختارته لجنة التحكيم من بين قائمة ضمت 9 موسيقيين من جنسيات مختلفة، نظرا «لالتزامه الفن الراقي ولموسيقاه الجادة، ورسالته الإنسانية التي حملها ألبومه (إميسا – حمص). وقال رئيس اللجنة: «إن الخيار النهائي وقع على مالك جندلي (...) تقديرا لموهبته وألبومه (...)، بالإضافة إلى مشاريعه الإنسانية وجولاته الموسيقية لمساعدة أطفال اللاجئين.
أما الفائز جندلي، فأعلن في مؤتمر صحافي عقده في نيويورك، عن إهداء جائزته إلى أطفال سوريا، وإلى «أهلي الكرام، وأهل مدينتي حمص، ووطني الجريح سوريا، ولكل شعوب العالم المطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الإنسانية». واعتبر الجائزة «تكريما لشهداء الحرية والمعتقلين في كل مكان وزمان». أما مديرة أعماله، ديبي سميث، فقد دعت إلى مناصرة الفنانين الملتزمين كافة، ممن يساندون شعوبهم في النضال من أجل الحرية والمساواة.

* موعد في قاعة كارنيغي
سكان نيويورك وعشاق الموسيقى الكلاسيكية في أميركا عموما، والمتطلعين إلى تجارب حداثية في سياقها، سيكونون على موعد مع جندلي، يوم 31 يناير المقبل، في قاعة كارنيغي في نيويورك، حيث يطلق الموسيقار السوري الأصل، ألبومه الجديد، ويتضمن 3 أعمال موسيقية هي: «متنوعات على لحن سوري قديم للبيانو والأوركسترا»، و«سيمفونية سوريا»، و«طائر الفينيق المنفي». وبذلك يكون جندلي، أول موسيقار عربي يحقق نجاحا عالميا يكتسب احترام المختصين الغربيين الذين فتحوا لمؤلفاته الموسيقية المجال للانطلاق، من على خشبة أهم صرح أميركي للموسيقى، شهد ولادة الكثير من أعمال عظماء الموسيقى الكلاسيكية، من أمثال رحمانينوف، وديوك إيلينغتون، وريتشارد شتراوس.
وسيقدم جندلي ولأول مرة، مؤلفاته الجديدة لموسيقى الحجرة، ضمن ثلاثي فريد من نوعه، يضم آلة العود العربية مع التشيللو والبيانو، متوجا جولة عالمية شملت قاعة الكونسيرت هاوس في فيينا، وقاعة جوائز النوبل في العاصمة السويدية استوكهولم، وخشبة المسرح الوطني في مدريد في حضور ملكة إسبانيا.
وتكمن أهمية مشروع جندلي الموسيقي الجديد الفنية، في تلخيصه حقائق الواقع ضمن تداعيات هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها سوريا والمنطقة، في خطوة هامة تهدف إلى المحافظة على الهوية الثقافية لسوريا التي تتعرض للإبادة والتدمير بشكل كامل وممنهج.

* حكاية طائر الفينيق
يفتتح جندلي ألبومه الجديد، بمؤلف للبيانو والأوركسترا، في 7 متنوعات على الموشح الأندلسي «لما بدا يتثنى». ثم ينتقل إلى السيمفونية السورية المكونة من 4 حركات، استخدم فيها ألحانا وإيقاعات من التراث السوري الموسيقي والوصلة الحلبية، في قالب سيمفوني كلاسيكي، متحرر من النمطية العربية. ويُنهي جندلي ألبومه بمؤلف للأوركسترا السيمفونية تحت عنوان «طائر الفينيق في المنفى»، وقام بتسجيله مع الفرقة الملكية الفليهارمونية في العاصمة البريطانية لندن، وهي من أهم فرقة أوركسترا في العالم.
ويأتي طرح هذا المشروع الفني الهادف، في وقت تنادي منظمة الأمم المتحدة بحماية الآثار والتراث الثقافي في سوريا والعراق والمنطقة برمتها، من خلال مشروع «الصون العاجل للتراث السوري»، حيث أشارت إلى أن الوقت قد حان «لإيقاف التدمير، والحفاظ على تراثنا الإنساني المشترك من أجل السلام». ويتطابق هذا النداء مع أهداف مشاريع جندلي السابقة «أصداء من أوغاريت» و«صوت أطفال سوريا الأحرار»، وصولاً إلى «سيمفونية سوريا» الجديدة.
يؤمن جندلي بالقوة الناعمة للفن، وبقدرة الموسيقى على جميع البشر من أجل أن ينعموا بالسلام. ويشدد على أهمية الإنتاج الفني، ويقول إن المنطقة تشهد اليوم، تدميرا كاملا لتراث سوريا والعراق، وعملية تطهير ثقافي لها. هذه السيمفونية السورية «ستساعد على كسر الصورة النمطية للعرب في الغرب، ورسم صورة جميلة ومقبولة في ذهنية الأميركيين تخلو من العنف والتدمير».
وفي سياق توظيف ألحان عربية في قوالب الموسيقى الكلاسيكية العالمية، يقول الفنان جندلي، إن على الموسيقى العربية «أن تخضع للمقاييس الموسيقية العامة، فهي تعبير عن حياة البشر وانعكاس الذات على البناء الموسيقي.. وهويته الإنسانية سابقة لهويته القومية أو الوطنية التي تنبع من ضرورة مقاومة الواقع الأليم».
ويعتقد جندلي، بأن عالمية الموسيقى مرتبطة بمكانة العرب الثقافية التي تحددها مكانتهم السياسية في هذا العالم. مفهوم الموسيقى العالمية هي أنها مجمل الموسيقى التي تنتجها الأمم ومنها الشعوب، العربية. وهي لا تتشكل من خلال الاقتباس والترجمة والنقل. وشدد على ضرورة التكاتف والعمل الجماعي، داعيا إلى بذل جهد أكبر في اختراق الحواجز النمطية العربية، وإيجاد مشترك إنساني مع الآخر من منظور أممي وليس بشكل فردي. «مطلوب منا اليوم أن نحضر على الساحة العالمية كسيمفونية إنسانية وأممية، كي نتخلص من صراع الغرب والشرق».

* سيرة ذاتية
* مالك جندلي مؤلف موسيقي وعازف بيانو سوري، مقيم في الولايات المتحدة. من مواليد ألمانيا سنة 1972.
بدأ بتلقي علوم الموسيقى في الرابعة من عمره، وكان أول حفل بيانو له على خشبة المسرح في الثامنة من عمره. التحق بالمعهد العربي ثم بالمعهد العالي للموسيقى في دمشق، وتتلمذ على يد البروفسور فيكتور بونين، من كونسرفتوار تشايكوفسكي. قدم أعماله برفقة الكثير من الفرق السيمفونية العالمية على أهم المسارح في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة وسوريا. وهو حاصل على شهادة بكالوريوس بالموسيقى من جامعة كوينز الأميركية بدرجة الشرف، قبل إتمامه لشهادة الماجستير بإدارة الأعمال من جامعة كارولينا الشمالية.
وجندلي هو أول مؤلف سوري وموسيقي عربي قام بتوزيع أقدم تدوين موسيقي في العالم اكتُشف في مدينة أوغاريت رأس شمرا - سوريا، على لوحات مسمارية تعود للقرن الرابع قبل الميلاد.



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لأحد أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذه العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف عن سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى إن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفاعلية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني ويستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقية تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسمح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

من جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين بأن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق بوصفها مكاناً لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».