أحزاب تونس تستعد لجلسة منح الثقة لحكومة المشيشي

في ظل تباين المواقف ومساعٍ لحل الخلافات

المشيشي في اجتماع سابق مع أعضاء حكومته المرشحة  (إ.ب.أ)
المشيشي في اجتماع سابق مع أعضاء حكومته المرشحة (إ.ب.أ)
TT

أحزاب تونس تستعد لجلسة منح الثقة لحكومة المشيشي

المشيشي في اجتماع سابق مع أعضاء حكومته المرشحة  (إ.ب.أ)
المشيشي في اجتماع سابق مع أعضاء حكومته المرشحة (إ.ب.أ)

انضم الحزب الجمهوري المعارض إلى حزبي «التيار الديمقراطي» اليساري و«ائتلاف الكرامة» الإسلامي في اتخاذ قرار بعدم منح حكومة المشيشي الثقة خلال الجلسة البرلمانية المقرر عقدها في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل، وهو ما يزيد في تشتت أوراق المشهد السياسي والبرلماني ويهدد بإسقاط الحكومة الجديدة وحل البرلمان والمرور إلى انتخابات برلمانية سابقة لأوانها.
وفي هذ الشأن، قال عصام الشابي رئيس الحزب الجمهوري إن التصويت لفائدة الحكومة المرتقبة لا يمثل إلا حلا من «الحلول الترقيعية» التي ستمدد في عمر الأزمة ولا تحلها بصفة جذرية. وطالب الحزب رئيس الجمهورية بتحمل مسؤولية اختياره «الفاشل»، ودعاه إلى إجراء مشاورات جدية وفق الأعراف السياسية مع الأحزاب والكتل النيابية والشخصيات المشهود لها بالكفاءة. كما دعا إلى تكليف شخصية وطنية تتوفر فيها ملامح القائد السياسي الذي يمتلك رؤية لإنقاذ البلاد.
وفيما يستعد البرلمان التونسي لعقد جلسة برلمانية مخصصة لمنح الثقة لحكومة المشيشي، فإن معظم الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان لم تحدد بعد مواقفها بصفة واضحة من حكومة الكفاءات المستقلة المكونة من 28 وزيراً والتي فرضها رئيس الحكومة المكلف على الأحزاب الفائزة في انتخابات 2019 واختار عدم إشراك ممثلين لها على رأس الوزرات.
وبالنسبة لحركة «النهضة» فقد أكد خليل البرعومي المكلف بالإعلام في حركة النهضة وعضو المكتب التنفيذي، أن الحركة ستعقد اجتماعا لمجلس الشورى يوم غد الاثنين 31 أغسطس (آب) الحالي للنقاش حول تركيبة الحكومة المقترحة وعرض مسألة منحها الثقة من عدمه على أعضاء المجلس البالغ عددهم 150 عضوا.
وكان نور الدين البحيري رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان قد أكد في تصريح إعلامي أن الحزب سيتخذ موقفه من حكومة هشام المشيشي المقترحة، بعد التحاور مع شركائه في تحالف برلماني يضم 120 نائباً لاتخاذ موقف جماعي والعودة إلى مجلس الشورى، مذكرا بأن خيار حركة النهضة كان في اتجاه حكومة وحدة وطنية موسعة، وهو ما عارضه رئيس الحكومة المكلف ومضى في تشكيل حكومة كفاءات تتماشى وقناعات الرئيس التونسي قيس سعيد بعدم جدوى عمل الأحزاب السياسية وخضوعها للتجاذبات.
ويضم هذا التحالف وفق البحيري كلاً من كتلة حركة النهضة (54 نائبا) وائتلاف الكرامة (19) وقلب تونس (27) وكتلة المستقبل (9) إضافة إلى بعض النواب غير المنتمين لكتل برلمانية.
وفي السياق ذاته، يعقد حزب «قلب تونس» غداً الاثنين مجلسا وطنيا لتحديد موقفه النهائي من حكومة المشيشي، وقد أكد فؤاد ثامر القيادي في هذا الحزب أن الاتجاه الغالب سيكون نحو منح الثقة للحكومة الجديدة، فيما أبدى الحزب الدستوري الحر الذي تترأسه عبير موسي تحفظاته تجاه بعض الأسماء المقترحة لتولي حقائب وزارية حيث أكدت في مؤتمر صحافي عقدته قبل يومين أن وزراء العدل والداخلية والدفاع لا تنطبق عليهم معايير التحديات التي تنتظر حكومة المشيشي.
ووفق متابعة للتصريحات الإعلامية التي أدلت بها القيادات السياسية لمعظم الأحزاب الممثلة في البرلمان، فإن كتلة «تحيا تونس» و«الكتلة الوطنية» وكتلة «الإصلاح الوطني» علاوة على حركة الشعب قد أعلنت عن دعمها لحكومة المشيشي لكن مواقفها تبقى قابلة للتغيير إذ أن تلك الأحزاب ربطت التصويت لفائدة الحكومة بالاطلاع على برنامجها وضرورة إعطاء الأولوية للملفات الاقتصادية والاجتماعية.
وكانت لقاءات قد جمعت بين قيس سعيد رئيس الجمهورية وراشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة وخصصت لتوضيح بعض الإخلالات في العلاقة بأحد الأسماء المقترحة لحقيبة وزارة التجهيز، وكذلك الموقف من وليد الزيدي المرشح المثير للجدل لوزارة الثقافة، كما جمع لقاء آخر هشام المشيشي رئيس الحكومة المكلف براشد الغنوشي تم خلاله التطرق إلى الترتيبات والاستعدادات لحسن تنظيم جلسة منح الثقة للحكومة، علاوة على عدة مبادرات سياسية هدفها تفادي حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات برلمانية جديدة.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.