غضب يمني من استمرار الحوثيين في استهداف مأرب بالصواريخ

TT

غضب يمني من استمرار الحوثيين في استهداف مأرب بالصواريخ

أثار استمرار الميليشيات الحوثية في استهداف مدينة مأرب (شرق صنعاء) بالصواريخ غضباً واسعاً في صفوف اليمنيين على المستويين الشعبي والرسمي، إذ عدته السلطة المحلية في المحافظة دليلاً على إرهاب الجماعة الموالية لإيران ومؤشراً على فشلها العسكري.
وكانت الميليشيات الحوثية أقدمت، الجمعة، بالتزامن مع تصعيدها المستمر في محافظة الحديدة (غرب) واستهدافها لمطاحن القمح، على استهداف مسجد في محافظة مأرب بصاروخ باليستي أسفر عن مقتل وإصابة 20 شخصاً أثناء صلاة الفجر، وفق ما أفادت به مصادر عسكرية يمنية.
وفي حين أكدت مصادر رسمية مقتل خمسة أشخاص على الأقل من المصلين داخل مسجد معسكر القوات الخاصة، ذكرت أن الهجوم الحوثي يأتي في سياق مساعي الجماعة للتعويض عن انكسارها في مختلف الجبهات، لا سيما المحيطة بمحافظة مأرب.
في غضون ذلك، عبّر سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط» عن غضبهم الشديد إزاء الجرائم الحوثية التي قالوا إنها «لا تفرق بين مدني وعسكري ولا بين مسجد أو مدرسة أو معسكر» وقالوا إن «الطريقة الوحيدة للرد على هجمات الجماعة تكمن في استكمال تحرير بقية المناطق اليمنية وصولاً إلى صنعاء».
من جهته، أكد محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة، أن «لجوء ميليشيا الحوثي لاستهداف دور العبادة والأعيان المدنية والمدنيين من النساء والأطفال والشيوخ في المحافظة وآخرها استهداف مسجد معسكر الأمن بمدينة مأرب يصنف قانونياً بأنه من الأعيان المدنية، يعد مؤشر فشل وإفلاس ودليل عجز الجماعة عن تحقيق مآربها ومخططاتها ضد مأرب». بحسب ما جاء في تصريحاته لوسائل الإعلام خلال تفقده لمكان القصف.
وقال المحافظ العرادة إن «استهداف مسجد معسكر الأمن، واستشهاد خمسة مصلين وعدد من الجرحى ليس بالصدفة، فهذا هو الاستهداف الرابع لدور العبادة في المحافظة وهو يكشف النوايا العميقة للميليشيا».
وأضاف: «هذا معسكر أمني يسهر على أمن المواطنين، ويوجد فيه الإداريون والفنيون، وهو معسكر يحمي المواطن اليمني في داخل هذه المحافظة من النازحين والساكنين وليس في خندق القتال»، مؤكداً أن ذلك لن ينال من أمن هذه المحافظة واستقرارها ومن عزيمة المواطن اليمني والأمن ورجال الجيش المرابطين في كل الثغور من أجل أمن وسلامة المحافظة.
وطمأن العرادة اليمنيين بأن محافظة مأرب تعيش في خير وأمن واستقرار، وبأن قوات الجيش على مشارف حدود محافظة صنعاء والجوف والبيضاء، وقال: «يجب على الحوثي أن يفهم هذا أن مأرب أبعد عنه من عين الشمس».
وفي الوقت الذي أبدى المحافظ أسفه إزاء ما وصفه بـ«المجازر» التي يتعرض لها المسلحون الحوثيون ممن زجت بهم الميليشيات لاستهداف المناطق الآمنة والبعيدة عنهم تماماً، أكد أن قوات الجيش مضطرة للتعامل معهم باعتبارهم يحملون سلاح القتل. وقال: «نحن نأسف ويؤلمنا كثيراً أن تحصل هذه المجازر، وآمل من آبائنا وأمهاتنا في المحافظات التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي أن لا يتركوا أبناءهم يسوقهم الحوثي إلى الموت في خنادق الجيش الوطني».
ورداً على ما يروج له إعلام ميليشيا الحوثي من أن عناصرها نالوا أو سيطروا على شيء في مأرب قال المحافظ العرادة: «أكرر وأؤكد أننا لن نُحكم بالميليشيات، وليفهم القاصي والداني أن مأرب بعيدة عنهم، ونحن نريد صنعاء والحديدة وكل مناطق الجمهورية لتعود للدولة».
وتابع: «لم يجل في خاطري لحظة واحدة أن تسلّم مأرب، وأنا أثق بالله أولاً والجيش الوطني ورجال الأمن ورجال المقاومة من رجال القبائل الذين يوجدون في كل الاتجاهات على أطراف المحافظة يبذلون دماءهم رخيصة من أجل اليمن».
وكشف المحافظ العرادة عن قيام ميليشيا الحوثي خلال الفترة الماضية بتنفيذ محاولات فاشلة لاختراق الحاضنة المأربية من خلال توزيع هبات وإجراء اتصالات ترغيب وترهيب لاستقطاب الأتباع لكنها فشلت في ذلك، كما أفاد بأن الميليشيات وزعت أسلحة وأموالاً لكن من تسلمها عاد لاستخدامها في مواجهة الجماعة.
وكانت إحصائية رسمية أفادت في يوليو (تموز) الماضي بأن عدد الضحايا بلغ قريباً من 700 قتيل وجريح بينهم نساء وأطفال جراء صواريخ الميليشيات التي استهدفت مأرب.
وبلغ عدد القتلى - وفق ما جاء في الإحصائية - الحديثة 251 مدنياً بينهم 25 طفلاً و12 امرأة، بينما بلغ عدد الجرحى 438 مدنياً بينهم 47 طفلاً و8 نساء ومسنين.
وأشارت الإحصائية إلى أن منظومة الدفاع الجوي التابعة لتحالف دعم الشرعية دمرت 85 صاروخا باليستياً، في حين سقط 26 صاروخاً على أحياء سكنية داخل مدينة مأرب تسببت بقتل 174 مدنيا بينهم 3 أطفال وامرأتان، وجرح 231 مدنيا بينهم 16 طفلاً وامرأة واحدة واثنان من المسنين.
وطبقاً لما جاء في الإحصائية، تسببت صواريخ الكاتيوشا الحوثية على مدينة مأرب في مقتل 69 مدنياً بينهم 12 طفلاً و12 امرأة، كما تسببت في جرح 198 شخصاً آخرين بينهم 21 طفلاً و4 نساء و4 مُسنين، في حين تسبب صاروخ «أورجان» ليلة عيد الفطر المبارك عام 2016 في مقتل 8 مدنيين جميعهم أطفال، وإصابة 8 أطفال آخرين وامرأة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.