ضغوط على الحكومة الجزائرية لوقف «مضايقات الصحافيين»

TT

ضغوط على الحكومة الجزائرية لوقف «مضايقات الصحافيين»

في حين أطلق أكثر من 300 صحافي جزائري، لائحة للمطالبة بالإفراج عن مراقب «مراسلون بلا حدود» خالد درارني، الذي أدانه القضاء بثلاث سنوات سجناً، نددت «منظمة العفو الدولية» بمتابعة صحافيين بسبب كتاباتهم وتعاليقهم على الأحداث، وطالبت السلطات بوقف المضايقات ضدهم.
ووقّع على اللائحة أشخاص بارزون في المجتمع، من بينهم أيقونة ثورة التحرير لويزة إيغيل حريز، والحقوقيان مصطفى بوشاشي، وعبد الغني بادي، ورئيسة «حزب العمال» لويزة حنون، والكاتب الكبير بوعلام صنصال المقيم بفرنسا. ومما جاء فيها، أن «ذنب الصحافي درارني، الوحيد أنه مارس مهنته كصحافي وفق قواعد أخلاقية، ولا سيما ما يخص تغطيته المستمرة للحراك منذ 22 فبراير (شباط) 2019، وقد حُكم على متهمين آخرين في نفس القضية بنفس التهم، التي لا أساس لها من الصحة»، في إشارة إلى الناشطين سمير بن العربي وسليمان حميطوش. وقد اعتُقل الثلاثة بالعاصمة، في مارس الماضي، خلال مظاهرة معارضة للسلطات.
وضمت اللائحة ألفي توقيع، وستنشرها اليوم كبرى الصحف في البلاد، وأكد أصحابها أن العقوبة التي أنزلها القضاء بدرارني (40 سنة) «هي الأكثر قسوة ضد صحافي منذ الاستقلال».
وتابعت النيابة مراقب منظمة «مراسلون بل حدود» ومراسل تلفزيون «موند 5» الفرنسي، بتهمتي «المس بالوحدة الوطنية» و«التحريض على تنظيم مظاهرة غير مرخصة». واتهمه الرئيس عبد المجيد تبون، خلال مؤتمر صحافي، بـ«التخابر لمصلحة سفارة فرنسا بالجزائر»، ما أثار حفيظة دفاعه الذي ذكّر بأن الرئيس «تعمَد التأثير على القضاة لدفعهم إلى إصدار إدانة شديدة ضد الصحافي»، الذي سيحاكم يوم 8 من الشهر المقبل في محكمة الاستئناف. وتم الأسبوع الماضي إدانة صحافي آخر اسمه عبد الكريم زغيلش، بعامين سجناً نافذاً، بسبب منشور على «فيسبوك» هاجم فيه الرئيس بقوله إنه «جاء إلى الحكم نتيجة تزوير الانتخابات».
وفي نفس السياق، قالت «منظمة العفو الدولية»، في تقرير حديث، إنه «يجب على السلطات الجزائرية أن تضع حداً فوراً، لحملة المضايقات المتصاعدة ضد الإعلام، التي شهدت مؤخراً إصدار أحكام قاسية بالسجن بحق صحافيين بارزَين لمجرد تعبيرهما عن آرائهما أو لتغطية الاحتجاجات».
وأفادت المنظمة الحقوقية بأنه «منذ انطلاق حركة الحراك الاحتجاجية التي تدعو إلى تغيير سياسي جذري في الجزائر، في فبراير (شباط) 2019 تعرض للسجن ما لا يقل عن ثمانية صحافيين بسبب تقاريرهم أو تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، غالباً بعد إدانتهم بتهم مزيفة مثل (المساس بسلامة وحدة الوطن)، أو (إهانة رئيس الجمهورية)، أو (التحريض على التجمهر غير المسلح). ويواجه العديد من المواقع الإخبارية على الإنترنت المعروفة بموقفها الانتقادي تجاه الحكومة، عرقلة في وصول الأشخاص إلى مواقعها عبر الشبكات الجزائرية».
وأكدت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا، بالمنظمة، أن «السلطات الجزائرية مستعدة لفعل أي شيء لإسكات الأصوات المنتقدة. فقد سُجن مؤخراً صحافيون لتبادلهم مقاطع فيديو، وانتقاد الرئيس، والتعبير عن دعمهم لحركات الاحتجاج». ودعت لـ«وضع حد للمضايقات القضائية الممنهجة ضد الصحافيين، وإلى احترام الحق في الحصول على المعلومات من خلال رفع حجب المواقع الإخبارية على الإنترنت». وتواجه الصحف والقنوات التلفزيونية الخاصة، ضغوطاً حكومية شديدة لثنيها عن نقل أخبار المعتقلين، تحت طائلة حرمانها من إعلانات الشركات والأجهزة المملوكة للدولة.
وأضاف تقرير الجمعية الحقوقية أن العديد من الصحافيين «يعاقَبون بسبب قيامهم بعملهم المشروع. فبدلاً من التنمر على الصحافيين، يجب على السلطات الجزائرية ضمان تمكين جميع الصحافيين في البلاد من أداء عملهم دون التعرض للترهيب والمضايقة والتهديد بالاعتقال».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.