السلطة تلجأ إلى الأمم المتحدة لاستعادة جثامين فلسطينيين من إسرائيل

66 في الثلاجات و254 في مقابر الأرقام

TT

السلطة تلجأ إلى الأمم المتحدة لاستعادة جثامين فلسطينيين من إسرائيل

طالبت السلطة الفلسطينية الأمم المتحدة بالضغط على إسرائيل من أجل استعادة جثامين فلسطينيين تحتفظ بهم تل أبيب في الثلاجات أو مقابر جماعية، وترفض تسليمهم لذويهم.
وأرسلت فلسطين رسالة إلى المقررين الخاصين للأمم المتحدة، تطالب فيها بالضغط على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، من أجل الامتناع عن اللجوء إلى السياسة الوحشية الهمجية، المتمثلة في حجز جثامين الشهداء، وإلغاء أي قوانين تسمح بمثل هذا العمل، ومطالبتها بإعادة الجثث على الفور إلى عائلاتهم، وإجراء تحقيقات حقيقية نزيهة مستقلة فعالة بوفاة المعتقلين والمتظاهرين السلميين.
وجاء في الرسالة التي أرسلتها البعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، في جنيف، باسم دولة فلسطين، إلى عدة مقررين، بينهم المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بالإضافة للمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية، أنه يجب ضمان محاسبة وردع إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بسبب حجز الجثامين الفلسطينية، خاصة جثامين القاصرين والمعتقلين.
وطلبت الرسالة كذلك حث إسرائيل على نشر قواعد الاشتباك الخاصة بها بشأن استخدام الذخيرة الحية، وتنظيم استخدام النيران القاتلة، واحترام القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ودعوة المجتمع الدولي لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، ووضع حد لسياسات إسرائيل المنهجية التمييزية، ودعم عمل مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في دراسته الأولية للوضع في فلسطين. وحثت الرسالة المقررين الخاصين على بدء تحقيق جنائي في إعادة الجثامين، بما في ذلك تطوير اختبار الحمض النووي، وخدمة التسجيل، وتسهيل التعرف على الجثث والرفات ودفنها بشكل صحيح. وتحتجز إسرائيل 66 جثماناً لفلسطينيين في الثلاجات منذ قرار أخذه «الكابنيت» في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2015، رداً على الانتفاضة التي اندلعت آنذاك، وعرفت بانتفاضة السكاكين، أقدمهم الآن هو عبد الحميد أبو سرور من بيت لحم، واحتجزت إسرائيل جثمانه في أبريل (نسيان) 2016، وآخرهم هو محمد حريز من دير أبو مشعل قرب رام الله، واحتجز جثمانه في الـ20 من الشهر الحالي.
ويضاف هؤلاء لنحو 254 فلسطينياً دفنهم الجيش الإسرائيلي في مقابر الأرقام الجماعية، معظمهم مقاتلون في الثورة الفلسطينية إبان السبعينيات والثمانينيات.
وتحتفظ إسرائيل بهذه الجثث منذ عشرات السنين في 4 مقابر، في الداخل، وهي مقبرة جسر «بنات يعقوب» التي تقع في منطقة عسكرية عند ملتقى حدود فلسطين ولبنان وسوريا، وتضم رفات مئات الفلسطينيين واللبنانيين الذين قتلوا في حرب 1982، وما بعد ذلك، ومقبرة «بير المكسور» أو «جسر دامية» التي تقع في منطقة عسكرية مغلقة بين أريحا وغور الأردن، ويحيط بها جدار فيه بوابة حديدية معلق عليها لافتة كبرى، كتب عليها بالعبرية «مقبرة لضحايا العدو»، ومقبرة «ريفيديم» بغور الأردن، ومقبرة «شحيطة» في قرية وادي الحمام شمال طبريا.
وسابقاً، نجحت السلطة في استعادة 91 جثماناً في عام 2012، ضمن اتفاق مع إسرائيل، لكنها لم تتسلم أي رفات بعد ذلك.
وطالما احتج الفلسطينيون ولجأوا للمحاكم، بما فيها الإسرائيلية، ونظموا كثيراً من الاحتجاجات على هذه السياسة الإسرائيلية، لكن دون جدوى.
وقال محمد عليان، وهو والد الشاب بهاء عليان الذي نفذ عملية في القدس قبل 5 سنوات، إنها معركة شديدة التعقيد والحساسية، لكنها مستمرة حتى النهاية.
ولا يتمنى عليان سوى دفن ابنه من أجل الوقوف على الحقيقة الأكثر مرارة وصعوبة في حياته، وهذا حال الآخرين الذين يتطلعون إلى عناق أخير ووداع.
واتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل باستخدام هذه الممارسة غير القانونية المنهجية، المتمثلة في حجز جثامين فلسطينيين أعدمتهم أو قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلية، بصفتها ورقة مساومة، منتهكة بذلك الكرامة الإنسانية للضحايا وعائلاتهم، متعدية على حق العائلات في الخصوصية والحرية الدينية.
وجاء في الرسالة الرسمية أن «سياسة احتجاز الجثامين، وتأثيرها على العائلات، ترقى إلى المعاملة القاسية اللاإنسانية المهينة، في انتهاك للمادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والقانون الدولي العرفي الذي يحظر التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك القاعدة (90) من دراسة القانون الدولي العرفي التي يجب على إسرائيل الالتزام بها في الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وقالت أيضاً: «إن سياسة حجز الجثامين تحرم الضحايا الفلسطينيين، وعائلاتهم المنكوبة، من التحقيق في ملابسات عمليات القتل، وبالتالي تنتهك التزام إسرائيل بالتحقيق والمعاقبة ومعالجة الحرمان التعسفي من الحياة، بما في ذلك واجب السماح بإجراء تشريح طبي مناسب، بواسطة فاحص شرعي مستقل، إذا طلبت الأسرة ذلك».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.