الطموح السياسي يقصي باشاغا «رجل المتناقضات» في ليبيا

عرّاب الـ«ناتو» وصديق الأتراك

فتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة «الوفاق»
فتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة «الوفاق»
TT

الطموح السياسي يقصي باشاغا «رجل المتناقضات» في ليبيا

فتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة «الوفاق»
فتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة «الوفاق»

ما الذي يجمع بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتجارة إطارات السيارات؟ السؤال المحير والفريد في نوعه تحول في ليبيا إلى نكتة سياسية لاذعة، تتعلق الإجابة عنه بشخص فتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة «الوفاق» التي تولت السلطة نهاية عام 2015 بموجب اتفاق الصخيرات بالمغرب.
باشاغا وحده هو القاسم المشترك الأعظم بين الناتو وإطارات السيارات، فكما كان مسؤولا في مجلس مصراتة العسكري عن منح الحلف الإحداثيات لضرب قوات العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، تاجر لاحقاً في إطارات السيارات قبل أن يعود إلى باب الحكومة.
يسخر ليبيون معارضون لتوجهات باشاغا على نحو مستمر، لكن الرجل الذي لطالما قدم نفسه على أنه رجل المهام الصعبة والتصريحات المثيرة للجدل، لا يأبه بكل ذلك.
ووزير داخلية السراج الموقوف عن عمله، الذي عُين عام 2018، شخصية مؤثرة من مدينة مصراتة وهي ميناء ومركز عسكري، ولعب دورا أساسيا في الاستعانة بالمرتزقة وتركيا للدفاع عن طرابلس خلال الهجوم الذي شنته في الرابع من شهر أبريل (نيسان) العام الماضي، لمدة 14 شهرا قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابلس.
ويحظى باشاغا بتقدير كبير من قبل الداعمين الدوليين لحكومة «الوفاق» وقد أعلن خطوات لكبح جماح الجماعات المسلحة التي تمسك بالسلطة الحقيقية في طرابلس. لكن، وبعد مرور 8 أيام فقط على احتفاله بعيد ميلاده الثامن والخمسين، تلقى باشاغا المولود في 20 أغسطس (آب) عام 1962 «هدية غير متوقعة» من رئيس حكومته فائز السراج، بوقفه عن العمل. وهكذا لم يشاهد الليبيون باشاغا يقود طائرة ولو لمرة واحدة قط، لكنهم الآن باتوا يرون طائرته تحط على مهبط الحكومة بشكل اضطراري ومفاجئ.
وبدا أن السراج كان يتحسب لردة فعل يدركها مسبقا لأن القرار لم ينص على إقالة باشاغا وتعيين وزير آخر ليحل محله على الفور، إنما وقفه عن العمل وتكليف أحد مساعديه بمهامه مؤقتاً.
لكن هذا التحسب كان سبباً في تأجيل صدام كان محتوما في نهاية المطاف، رغم تأجيله عدة مرات قبل أن تفجره مظاهرات طرابلس مؤخرا.
قبل شهور أوعز أسامة الجويلي، الذي يعد أحد كبار القادة العسكريين لقوات حكومة «الوفاق» إلى رئيسها فائز السراج، تشكيل قوة عسكرية مشتركة تقوم وقت الحاجة بتأمين العاصمة ومقرات الحكومة. وبالفعل في شهر يوليو (تموز) الماضي، تقرر إنشاء ما بات يعرف باسم «القوة المشتركة» من الوحدات التي تشارك في عملية «بركان الغضب» لقوات «الوفاق»، بقوام 500 فرد من كل منطقة عسكرية تحت دعوى تأمين المنطقة الغربية والقبض على العصابات المسلحة.
وتهدف القوة إلى تنفيذ مهام بينها «تأمين مداخل ومخارج المنطقة الغربية وضبط حركة الآليات والأسلحة، وإخلاء المقرات العامة والخاصة من المجموعات المتمركزة خلافا للقانون وتسليمها للجهات الرسمية»، وتشمل أيضا «القبض على العصابات المسلحة التي تهدد المؤسسات العامة والخاصة ومصادرة الآليات والأسلحة».
وبدا أن دور هذه القوة يتخطى بيان إنشائها، حيث تتضمن مهامها مكافحة ظاهرة تهريب الوقود والسلع التموينية والهجرة غير النظامية وكل ما يتعلق بذلك، وإزالة المباني العشوائية ومنع التعدي على الأراضي العامة، فضلا عن أي مهام أخرى تكلف بها.
وتأكيدا لفكرة أن باشاغا أكبر من كونه وزيرا للداخلية، كان هناك جانب من اتصالات هاتفية أجراها السفير الأميركي لدي ليبيا ريتشارد نورلاند، في الثامن من هذا الشهر، حيث تشاور حول الجهود المبذولة لبناء الثقة بين الأطراف بما من شأنه أن يؤدي إلى حلّ ليبي شامل في سرت والجفرة، وذلك بعد يوم واحد من اتصاله بالسراج.
يقول مصدر دبلوماسي غربي «الرسالة الأميركية هنا كانت واضحة، واشنطن تريد التعامل مع السراج وباشاغا بالمستوى نفسه»، وأضاف «صحيح أن المشاورات كانت تتعلق بفكرة تشكيل قوة نظامية مشتركة من قوات الجيش الوطني والوفاق لتأمين سرت، وهذا عمل في صميم مهمة باشاغا لكن كان بإمكان نورلاند أن يكتفي بالاتصال بالسراج، لكن اتصاله لاحقا بباشاغا لبحث الفكرة نفسها يعني تماما أن واشنطن تراه جديرا بالأمر».
بيد أن ثمة من يذهب بعيدا لتقديم باشاغا على أنه رجل الأجانب الأول أينما ومتى كانوا في ليبيا، واستدلوا على ذلك بتنقلاته المعلنة من تعاونه مع حلف الناتو إلى منح واشنطن قاعدة عسكرية وصولا إلى حصول تركيا على قواعد عسكرية في طرابلس ومصراتة والخمس.
بجانب ذلك كان باشاغا الذي شغل منصب المتحدث باسم المجلس العسكري في مصراتة هو من أبلغ وسائل الإعلام الدولية بوصول عبد الحكيم بلحاج قائد مجلس طرابلس العسكري إلى مصراتة لمعاينة جثة القذافي عقب مقتله متأثراً بجروحه.
وكان باشاغا صاحب الدعوة لزيارة الفيلسوف الفرنسي اليهودي، برنارد ليفي، ليبيا، ما أثار استهجاناً رد عليه باعتبار أن الزيارة شخصية، استغلت لتصفية حسابات سياسية.
في المقابل كان ليفي كريما مع باشاغا الذي عرفه عام 2011، إبان عمله بمجلس مصراتة العسكري كمسؤول عن تقديم الإحداثيات لحلف الناتو، حيث وصفه بأفضل رجل أمن في البلاد.
الطموح السياسي هو ما دفع باشاغا إلى مقارعة السراج على السلطة، وتعتقد «صحيفة المرصد» المحلية في موقعها الإلكتروني أنه إذا كان السراج رئيساً، فباشاغا لا يراه أكثر من زميل في مجلس النواب وقد انتخبا أسوة ببعضهما سنة 2014. وإن كانت بمقياس 17 فبراير (شباط)، فالثاني أحد قادتها من غرفة عمليات إحداثيات الناتو في مصراتة، أما الأول فكان يتابع مجرياتها عبر قناة الجزيرة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.