مؤشرات الثقة الاقتصادية تتزايد أوروبياً

قفزة أعمال واستهلاك في إيطاليا وتفاؤل في بريطانيا

يرى خبراء أنه من المشجع رؤية تحسن تدريجي في التجارة  وتفاؤل بشأن الاقتصاد البريطاني (إ.ب.أ)
يرى خبراء أنه من المشجع رؤية تحسن تدريجي في التجارة وتفاؤل بشأن الاقتصاد البريطاني (إ.ب.أ)
TT

مؤشرات الثقة الاقتصادية تتزايد أوروبياً

يرى خبراء أنه من المشجع رؤية تحسن تدريجي في التجارة  وتفاؤل بشأن الاقتصاد البريطاني (إ.ب.أ)
يرى خبراء أنه من المشجع رؤية تحسن تدريجي في التجارة وتفاؤل بشأن الاقتصاد البريطاني (إ.ب.أ)

مع الأيام الأخيرة لشهر أغسطس (آب)، تتزايد المؤشرات الاقتصادية الأوروبية التي تزيد من التفاؤل حول تجاوز القارة العجوز إحدى أكبر كبواتها الاقتصادية في العصر الحديث، بعد نتائج فصلية هي الأسوأ من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية في بعض الاقتصادات الأوروبية الكبرى.
وكشف مسح نشرته المفوضية الأوروبية الجمعة، عن أن المعنويات الاقتصادية بمنطقة اليورو ارتفعت في أغسطس للشهر الرابع على التوالي بعد تراجع قياسي ناجم عن إجراءات العزل العام التي استهدفت إبطاء انتشار «كورونا» في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين.
وبينما ظل المؤشر الشهري الذي يقيس الثقة في الاقتصاد منخفضاً بكثير عن مستويات ما قبل الأزمة ومتوسطه في الأمد الطويل، فإنه ارتفع إلى 87.7 نقطة من 82.4 نقطة في يوليو (تموز) الماضي، ما يزيد على متوسط عند 85 نقطة توقعه خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم.
وكان التحسن الجديد، الذي يؤكد الانتعاش الاقتصادي الذي بدأ في مايو (أيار)، مدفوعاً في الأغلب بارتفاع التفاؤل في قطاع الخدمات، الأكبر في التكتل الذي يضم 19 دولة. وظل التفاؤل في منطقة سلبية، لكنه صعد إلى «سالب» 17.2 نقطة في أغسطس، من «سالب» 26.2 نقطة في يوليو.
كما زادت الثقة في قطاعي الصناعة وتجارة التجزئة، على الرغم من أن توقعات مديري المصانع للإنتاج انخفضت بعد زيادات على مدى ثلاثة أشهر دفعتها إلى أعلى من مستويات ما قبل الأزمة.
وسجلت ثقة المستهلكين تعافياً طفيفاً إلى «سالب» 14.7 نقطة من «سالب» 15.0 نقطة، مؤكدة تقديرات أولية نشرتها المفوضية في وقت سابق من الشهر الحالي. وكشف المسح، عن أن توقعات أسعار المستهلكين انخفضت، مع ارتفاع طفيف في الإقبال على القيام بعمليات شراء كبيرة في الاثني عشر شهراً المقبلة، وانخفاض طفيف في هذا الإنفاق الكبير حالياً. وواصل مؤشر لتوقعات التوظيف تحسنه للشهر الرابع على التوالي، بينما تدهورت الثقة في قطاع التشييد قليلاً.
وبين أكبر اقتصادات التكتل، تحسنت المعنويات على نحو ملحوظ في فرنسا وهولندا وألمانيا. كما ارتفعت في إيطاليا، لكنها تراجعت في إسبانيا.
وتحسنت ثقة الأعمال والمستهلكين في إيطاليا خلال أغسطس الحالي، حيث اقتربت من معدلاتها خلال فترة ما قبل جائحة كورونا. وذكرت وكالة الإحصاء الرسمية في إيطاليا (إيستات)، أن ثقة الأعمال ارتفعت من 77 نقطة في يوليو، إلى 88.8 نقطة في أغسطس. وأضافت، أن هذه هي أفضل قراءة لمؤشر ثقة الأعمال منذ مارس، وهو أول شهر كامل بعد تفشى فيروس كورونا المستجد، لكنها ما زالت أقل من القراءة التي تم تسجيلها في فبراير (شباط) وبلغت 98.9 نقطة.
كما ارتفع مؤشر ثقة المستهلك في أغسطس إلى 100.8 نقطة مقابل 100.1 نقطة في يوليو الماضي. وهذه هي أفضل قراءة للمؤشر منذ مارس الماضي، وإن كانت تقل عن قراءة فبراير التي بلغت 110.6 نقطة. ويذكر أن أي قراءة تتجاوز حاجز الـ100 تشير إلى حدوث تحسن بناء على المستوى الأساسي للمؤشر في عام 2010.
وكانت إيطاليا أول دولة غربية تتعرض لجائحة كورونا في أواخر فبراير. وبلغ عدد الإصابات في البلاد قرابة 264 ألف حالة وزهاء 35 ألف حالة وفاة على صلة بالفيروس.
وأظهر مسح الجمعة أيضاً، أن ثقة الشركات البريطانية زادت، لكنها تظل دون مستوياتها المعتادة بكثير؛ إذ يواجه الاقتصاد صعوبات للتكيف مع التباعد الاجتماعي ويستعد أرباب الأعمال لخفض وظائف.
وارتفع مقياس بنك لويدز للشركات ثماني نقاط إلى «سالب» 14 نقطة، وهو أكبر ارتفاع شهري في ثلاث سنوات وأظهر التفاؤل بشأن آفاق الاقتصاد والتجارة زيادات مماثلة. وقال هان - جو هو، الخبير الاقتصادي لدى بنك لويدز، إن المستويات المنخفضة للثقة، مصحوبة بأكبر انكماش للاقتصاد على الإطلاق في الفترة بين أبريل ويونيو (حزيران) حين انكمش بنسبة 20 في المائة، تعني أن شكل أي تعاف تظل تكتنفه الضبابية إلى حد كبير. وقال «على الرغم من ذلك، من المشجع أن نرى تحسناً تدريجياً في آفاق التجارة وتفاؤل بشأن الاقتصاد، على الرغم من أن ذلك يأتي من أساس متدنٍ».



بارنييه يقدّم تنازلاً جديداً لتمرير الموازنة... والأسواق الفرنسية تتفاعل

رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه يتحدث خلال جلسة الأسئلة الموجهة إلى الحكومة في الجمعية الوطنية (رويترز)
رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه يتحدث خلال جلسة الأسئلة الموجهة إلى الحكومة في الجمعية الوطنية (رويترز)
TT

بارنييه يقدّم تنازلاً جديداً لتمرير الموازنة... والأسواق الفرنسية تتفاعل

رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه يتحدث خلال جلسة الأسئلة الموجهة إلى الحكومة في الجمعية الوطنية (رويترز)
رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه يتحدث خلال جلسة الأسئلة الموجهة إلى الحكومة في الجمعية الوطنية (رويترز)

ارتفعت الأسهم الفرنسية، يوم الاثنين، عاكسةً بذلك الانخفاضات السابقة، إذ مثّلت تنازلات الموازنة الجديدة التي قدمتها الحكومة الفرنسية لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، بارقة أمل للمستثمرين القلقين من الاضطرابات السياسية المحلية.

وارتفع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.6 في المائة، مسجلاً أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع بحلول الساعة 12:51 (بتوقيت غرينتش)، في حين زاد مؤشر «كاك 40» الفرنسي بنسبة 0.3 في المائة بعد أن كان قد تراجع بنسبة 1 في المائة في وقت سابق من الجلسة، وفق «رويترز».

وقدم رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه، تنازلاً كبيراً آخر لحزب مارين لوبان، اليميني المتطرف، إذ قرر التراجع عن التخفيضات المخطط لها في تعويضات الأدوية في محاولة أخيرة لتمرير مشروع قانون الموازنة لعام 2025.

ويعد هذا التنازل الثالث على الأقل من بارنييه بعد أن ألغى زيادة أسعار الكهرباء التي كانت تقدَّر بنحو 3 مليارات يورو الأسبوع الماضي، واتفق على تقليص المساعدات الطبية المجانية للمهاجرين غير الشرعيين.

وقال كبير محللي السوق في «سويسكوت بنك»، إيبيك أوزكارديسكايا: «الآن الأمر متروك للوبان لقبول ذلك، لأنها لا تزال لديها مطالب أخرى. ربما يكون بارنييه يختبر السوق لمعرفة كيفية استيعاب التنازلات الثقيلة».

وأضافت: «ما زلت أرى أن المخاطر تميل إلى الجانب السلبي حتى يظهر شخص ما ويعلن أنه تم التوصل إلى اتفاق».

ومع هذه الأخبار، قلَّصت البنوك الفرنسية خسائرها، حيث انخفضت أسهم «كريدي أغريكول» و«بي إن بي باريبا» بنسبة 0.1 و0.3 في المائة على التوالي.

وفي وقت سابق من اليوم، تدهورت معنويات المستثمرين تجاه الأصول الفرنسية بشكل حاد، إذ قال رئيس حزب التجمع الوطني، غوردان بارديلا، إن الحزب سيُجبر حكومة بارنييه على الانهيار ما لم يستجب لمطالبهم بشأن الميزانية في «معجزة اللحظة الأخيرة».

هل سيتم سحب الثقة؟

وفي فترة ما بعد ظُهر الاثنين، من المقرر أن يصوِّت البرلمان على جزء رئيسي من الموازنة، وهو مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي.

ودون الأصوات اللازمة لتمرير مشروع قانون الضمان الاجتماعي، قد يلجأ بارنييه إلى المادة 49.3 من الدستور، مما سيمكّنه من تمرير التدبير دون تصويت.

ومع ذلك، سيؤدي ذلك إلى تقديم اقتراح لسحب الثقة، وهو ما قد يستخدمه حزب التجمع الوطني واليسار للإطاحة بحكومته في أقرب وقت يوم الأربعاء. ولم يتم إجبار أي حكومة فرنسية على الخروج من خلال مثل هذا التصويت منذ عام 1962.

وبدلاً من ذلك، قد يقرر بارنييه المضي قدماً في التصويت. و إذا رُفض المشروع، سيعود إلى مجلس الشيوخ لإجراء مزيد من التعديلات. ومع ذلك، يمكن للأحزاب تقديم اقتراح لسحب الثقة حتى إذا تجنب بارنييه استخدام المادة 49.3 هذه المرة.

وقد ثبت أن مشروع قانون الموازنة يشكّل نقطة ضعف لبارنييه، الذي يجب عليه إرضاء نواب البرلمان المنقسمين، وفي الوقت نفسه الحفاظ على استقرار المستثمرين الذين يشعرون بالقلق حيال خطط تقليص العجز إلى 5 في المائة من الناتج الاقتصادي في 2025 بعد أن تجاوز 6 في المائة هذا العام.

ودعا غابرييل أتال، سلف بارنييه في منصب رئيس الوزراء ورئيس النواب التابعين لماكرون في الجمعية الوطنية، حزب التجمع الوطني واليسار إلى التراجع عن اقتراح سحب الثقة.

وكتب في تغريدة على «إكس»: «عدم الاستقرار هو سُمٌّ بطيء، سيهاجم تدريجياً جاذبيتنا الاقتصادية، وصدقيتنا المالية، والثقة التي جرى تقويضها بالفعل لدى الفرنسيين في مؤسساتهم».