النيابة الليبية تحقق في «تجاوزات مالية» بشركة كهرباء طرابلس

وضعت 17 مسؤولاً على قوائم المنع من السفر

مقر الشركة العامة للكهرباء في طرابلس (موقع الشركة)
مقر الشركة العامة للكهرباء في طرابلس (موقع الشركة)
TT

النيابة الليبية تحقق في «تجاوزات مالية» بشركة كهرباء طرابلس

مقر الشركة العامة للكهرباء في طرابلس (موقع الشركة)
مقر الشركة العامة للكهرباء في طرابلس (موقع الشركة)

استجابة للضغوط الشعبية، بدأ مكتب النائب العام في ليبيا التحقيق أمس، في أزمة انقطاع الكهرباء، التي تؤرق جموع المواطنين بعموم مدن غرب وجنوب البلاد منذ سنوات، لمدد تصل أحياناً إلى 17 ساعة يومياً. وأصدر المستشار الصديق الصور رئيس مكتب التحقيقات بمكتب النائب العام أمراً بوضع 17 شخصاً من مسؤولي الشركة العامة للكهرباء على قوائم الممنوعين من السفر، بينهم علي ساسي، وعبد المجيد حمزة المدير التنفيذي السابق، والرئيس السابق لمجلس إدارة للشركة.
وشهدت مدن غرب ليبيا مظاهرات واحتجاجات عديدة خلال الشهر الماضي تنديداً بانقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه متواصل على مدار الساعة في مدنهم وللمطالبة بإقالة مجلس إدارة الشركة العامة، ومحاسبته.
وتقول حكومة «الوفاق» إنها أنفقت نحو 3.5 مليار دينار خلال السنوات الخمس الماضية، لشراء معدات لقطاع الكهرباء. لكن الاقتصادي الليبي الدكتور محسن الدريجة، رأى في تعليقه على الأزمة أن المشكلة لا تزال قائمة، «لأن المسؤولين عن هذا القطاع يفكرون بطرق تقليدية قديمة».
وخاطب رئيس مكتب التحقيقات بمكتب النائب العام مصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب أمس، لمنع سفر كل المسؤولين الموقوفين، وضمت القائمة أسماء عديدة سبق للمحتجين في طرابلس المطالبة بإقالتهم من مناصبهم ومحاسبتهم.
وفي مذكرة ثانية خاطب الصور رؤساء أجهزة الأمن الداخلي، والمباحث الجنائية، والردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، والجوازات والجنسية وشؤون الأجانب بضبط وإحضار أربعة من هؤلاء المسؤولين وإحالتهم إلى النائب العام للتحقيق، وهم أبو القاسم علي شنقير، وسليمان عمران أبو قلغة، بالإضافة إلى حمزة، وساسي.
ونوه مكتب النائب العام في مذكرته أن تقارير الخبرة الفنية التي أعدها أعضاء ديوان المحاسبة أوضحت مواطن الخلل في أعمال الإدارة، والأعمال الفنية المتصلة بالتشغيل المحالة إلى مكتب النائب العام في 23 أغسطس (آب) الحالي.
وكان المجلس البلدي لسوق الجمعة طالب خلال اجتماع عمداء بلديات طرابلس بإحالة كل من تولى إدارة الشركة منذ عام 2012 للتحقيق، والمقارنة بين حجم الإنفاق بالنتائج، وكشف أسباب فشل النهوض بالقطاع، بالإضافة إلى عدم التجديد لمجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، الذي انتهت ولايته، وهو الأمر الذي استجاب له فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، فاضطر إلى إقالة مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، الذي كان يترأسه عبد المجيد حمزة، بعدما تصاعدت الاتهامات «بالفساد»، و«إهدار لمقدرات البلاد» في القطاع.
ويأتي تحرك النيابة العامة في ليبيا ضد هؤلاء الموقوفين بعدما أحال إليها رئيس ديوان المحاسبة في طرابلس خالد شكشك، ملفاً يتضمن تحقيقات الديوان بشأن أسباب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وأوصى بمنع سفرهم إلى حين انتهاء التحقيق.
واحتوى الملف الذي تحدثت عنه مصادر بالديوان لـ«الشرق الأوسط»، على اتهامات بـ«إهمال متعمد يرقى إلى جرائم جنائية»، وهو التوصيف نفسه الذي تحدث عنه ديوان المحاسبة في إحدى نشراته السابقة.
وتوقعت المصادر أن تتطرق التحقيقات إلى «الأموال التي تم رصدها لقطاع الكهرباء خلال السنوات الخمس الماضية على الأقل، وهي المدة التي أمضاها المجلس الرئاسي في حكم البلاد»، بالإضافة إلى «حجم أعمال الصيانة التي أجريت على خطوط الشبكة»، لكن المصادر تحدثت عن أن هناك حالة «تواطؤ متعمدة تصل لدرجة الفساد» ستفحصها جهات التحقيق تتعلق بعملية شراء المعدات اللازمة للشبكة، والتغاضي عن إجراء صيانة ضرورية على خطوط الضغط العالي في بعض المناطق، وعدم اتخاذ إجراء قانوني حيال شركات الصيانة المتعاقد معها.
وكان ديوان المحاسبة رصد جملة من الأزمات التي قال إن الإدارة السابقة عجزت عن معالجتها، حيث أظهر حالات الإهمال والقصور في إدارة وتشغيل المحطات القائمة وسوء توجيه موارد الشركة ومخصصاتها الأمر الذي انعكس سلباً على إنتاج وتوليد الطاقة الكهربائية وتسبب في فقدان ما يقدر بنحو 2700 ميغاواط في الساعة واللجوء إلى طرح الأحمال، وأوصى بفتح تحقيق بشأن جميع المخالفات وأوجه القصور، واستبعاد كل من ثبت تقصيره في أداء مهامه وواجباته.
وقال الديوان إن الإدارة السابقة تراخت مع الشركات المتعاقدة معها للصيانة ولم تتخذ إجراءات قانونية حيالها، بالإضافة إلى تأخر الصيانة رغم توفّر قطع الغيار، وخروج بعض الوحدات بسبب حرق النفايات بجوارها.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن شكشك أن رئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء المقال تعهد في حالة موافقة الديوان على قرضه 900 مليون أن تكون حالة الشبكة الكهربائية ‎‎جيدة جداً، منوهاً إلى أنه تم تسييلها ولم تحقق إنجازا حتى 1‎ في المائة.
يأتي ذلك في وقت لا تزال الإدارة الجديدة للشركة العامة للكهرباء، التي تولت في يوليو (تموز) تشتكي من معوقات واجهت الإدارة السابقة، من بينها رفض بعض المناطق لتخفيف الأحمال، بجانب استمرار ظاهرة سرقة كابلات الكهرباء التي، وصفتها أمس، بأنها «أصبحت حالة شبه يومية» ترتكبها «مجموعات من اللصوص ببعض المناطق، وكان آخرها الاستيلاء على قرابة مسافة كيلو من أسلاك الضغط المنخفض بدائرة توزيع الساحل».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.