اجتماع قادة «الفتح» مع الكاظمي ينهي {هدنة الكاتيوشا»

قيادي في تيار الحكيم يتهم الأحزاب الشيعية بـ«بناء دولة موازية»

اجتماع قادة «الفتح» مع الكاظمي ينهي {هدنة الكاتيوشا»
TT

اجتماع قادة «الفتح» مع الكاظمي ينهي {هدنة الكاتيوشا»

اجتماع قادة «الفتح» مع الكاظمي ينهي {هدنة الكاتيوشا»

بعد هدنة استمرت أكثر من أسبوع، تم استئناف إطلاق صواريخ الكاتيوشا على المنطقة الخضراء في بغداد، حيث السفارة الأميركية، من قبل فصائل مسلحة تصنف دائماً على أنها قريبة من إيران. الهدنة التي بدت غريبة تزامنت مع زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الولايات المتحدة الأميركية، وتسليم الأميركيين والتحالف الدولي معسكر التاجي إلى العراقيين، في جزء من خطة الانسحاب أو إعادة الانتشار.
ورغم إصدار عشرات الفصائل بياناً شديد اللهجة عشية عودة الكاظمي إلى العراق من زيارته إلى الولايات المتحدة، ومن ثم ذهابه إلى عمان، لحضور القمة الثلاثية مع الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإن الهدنة بقيت مستمرة، الأمر الذي لم يجد له المراقبون العراقيون تفسيراً، لا سيما أن الفصائل رفضت نتائج الزيارة، بعد إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الانسحاب سيكون على مدى 3 سنوات، بينما يريدون هم أن يكون الانسحاب فورياً.
غير أن اجتماعاً عقد قبل يومين في منزل زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، وبحضور زعيم «دولة القانون» نوري المالكي، وممثلين عن كتل أخرى في تحالف «الفتح»، بحضور رئيس الوزراء، أنهى هذه الهدنة بعد إطلاق 3 صواريخ مساء أول من أمس على المنطقة الخضراء مستهدفة السفارة الأميركية. الجديد في هذه الصواريخ أمران، وهما أن الصوت بدا قوياً جداً هذه المرة، طبقاً لما نقله كثير من سكان المنطقة الخضراء الذين اعتادوا على أصوات مثل هذه الصواريخ التي تسبقها بثوان صفارات إنذار السفارة الأميركية؛ والثاني أنها أطلقت هذه المرة من مكان قريب إلى حد كبير من المنطقة الخضراء وموقع السفارة الأميركية، بعكس المرات السابقة التي كانت تطلق فيها من أماكن بعيدة نائية في الغالب.
البيان الصادر عن خلية الإعلام الأمني ذكر أن الصواريخ أطلقت من منطقة البيجية في حي المنصور، وهو ربما السبب الوحيد لأصواتها العالية، فهي منطقة لا تبعد كثيراً عن المنطقة الخضراء. وأكد البيان أن الصواريخ سقطت في ساحة فارغة، دون خسائر بشرية أو مادية.
وطبقاً للمعلومات المتداولة بشأن الاجتماع مع الكاظمي الذي كان متوقعاً اختصاره على نتائج زيارته إلى كل من واشنطن وعمان، فإن أحداث البصرة والناصرية، وما ترتب عليها هذه المرة من تجريف لمقرات أحزاب وفصائل مسلحة، كانت أبرز ما دار في الاجتماع، لا سيما أن قادة «الفتح» حملوا الكاظمي مسؤولية الحفاظ على أمن تلك المناطق والمقرات، وعدم السماح للمتظاهرين باستخدام العنف. ومع أن نتائج الزيارة بحثت أيضاً خلال الاجتماع، فإن هناك عدم رضا بشأن مدة الانسحاب البالغة 3 سنوات.
ولم تخرج نتائج الاجتماع إلى العلن، لكن صوت الكاتيوشا الذي مزق ليل بغداد أعطى صورة كاملة عن النتائج التي خرج بها المجتمعون والكاظمي الذي يتعين عليه إرضاء الجميع: قادة الكتل السياسية، والمتظاهرون والفصائل المسلحة.
وكان جوي هود، كبير مساعدي وزير الخارجية الأميركي، أكد أن الولايات المتحدة لديها وجود أمني طويل الأمد في جميع أنحاء المنطقة، مضيفاً أنه «بغض النظر عن العلاقة الأمنية التي تتمنى الحكومة العراقية إيجادها مع الأميركيين خلال 3 أو 5 أو 10 سنوات، فنحن على ثقة بأننا سنكون قادرين، بالشراكة مع الحكومة العراقية، على حماية مصالحنا».
وفي غضون ذلك، تعرض رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، الذي يتزعم تحالف القوى العراقية، وهو التحالف السني الأكبر، إلى هجمة كبيرة بسبب تصريح تلفزيوني له بشأن ما سماه «السلاح المنفلت». واللافت أن الهجوم لم يأتِ فقط من فصائل مسلحة، بل من قبل كثير من الشركاء السياسيين في الكتل الشيعية. لكن الحلبوسي رد على الهجمات التي طالته بالقول، في تغريدة له على «تويتر»، إنه في المحافظة التي ينتمي إليها، وهي الأنبار (غرب العراق)، فإن «البعض استخدم شعاراته الرنانة قبل السلاح لإضعاف الدولة (في إشارة إلى مظاهرات عام 2013) فسقطت المدينة (الرمادي) بيد الإرهاب، وذقنا الويلات». ويضيف الحلبوسي: «كل السلاح خارج نطاق الدولة مخالف للقانون، ويهدد الأمن المجتمعي، بصرف النظر عن جهة حيازته»، وقال: «لا نريد أن تتكرر المأساة، ونعاني وأهلنا في الجنوب من السلاح المنفلت».
إلى ذلك، أكد فادي الشمري، عضو المكتب السياسي في «تيار الحكمة»، الذي يتزعمه عمار الحكيم، أن «الأطراف الشيعية بنت دولة موازية داخل الدولة». وأضاف الشمري، في تغريدة له أمس: «هناك حساسية مفرطة مما قاله رئيس البرلمان»، مبيناً أن «الأغلبية الشيعية بسياسييهم ونخبهم فشلوا في تقديم نموذج واع للقيادة والإدارة بالشكل الذي يبني دولة راشدة»، وتابع أن «الأطراف الشيعية بنت دول موازية داخل الدولة، يشكلون حكومة نهاراً وينقلبون عليها ليلاً»، مضيفاً: «إذا أردتم الرد، فابنوا دولة قوية فاعلة».
وبشأن صواريخ الكاتيوشا، أكد الخبير الاستراتيجي الدكتور معتز محي الدين، رئيس المركز الجمهوري للدراسات الأمنية والسياسية، لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس الأميركي دونالد ترمب كان أجاب رداً على سؤال لأحد الصحافيين قائلاً إن سحب الجنود الأميركيين يعتمد على قدرة القوات العراقية على التعامل مع هذه الهجمات، وكذلك قدرة التحالف الدولي على التعامل مع هذه المنطقة». وأضاف أن «ترمب كان قد شدد على أن ضرب المواقع الأميركية ومصالح الولايات المتحدة سوف يقابل بالرد الحاسم القوي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.