جبايات الحوثيين في إب تدفع التجار إلى إعلان إضراب مفتوح

TT

جبايات الحوثيين في إب تدفع التجار إلى إعلان إضراب مفتوح

دفعت الإتاوات الحوثية التعسفية المفروضة حديثاً في محافظة إب اليمنية (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) التجار في المحافظة إلى إعلان إضراب مفتوح، في سياق احتجاجهم على الحملات المستمرة لجباية الأموال دون وجه حق قانوني.
وجاء إضراب التجار بالتزامن مع حملة أطلقها ناشطون تطالب بمحاكمة قيادة المحافظة الخاضعة لسلطة ميليشيات الحوثي، على خلفية وفاة أسرة من ستة أشخاص عندما جرفت السيول السيارة التي كانوا يستقلونها في وسط المدينة، إضافة إلى تردي الخدمات والفشل الأمني والانتهاكات المستمرة بحق المدنيين.
وفي حين أعلن التجار إضرابهم المفتوح بسبب ما سموه التعسف الضريبي الذي يمارس عليهم، أغلقوا محلاتهم التجارية، بعد أيام من قيام مندوبي مكتب هيئة الزكاة الحوثية بالاعتداء على عاملين في المحلات التجارية.
وذكر سكان في مدينة إب لـ«الشرق الأوسط» أن عدداً من المحلات التجارية في مديرية المشنة أغلقت أبوابها، الأربعاء، معلنة بذلك إضراباً مفتوحاً بسبب التعسف الذي يمارس عليهم من قبل مكتب الضرائب بالمحافظة الذي فرض مبالغ مالية قالوا إنها باهظة؛ بل خيالية، تحت اسم استكمال ما عليهم من ضرائب، رغم إعلان قيادة الميليشيات في صنعاء إعفاء صغار المكلفين من الضرائب، تقديراً للظروف التي خلَّفتها أزمة فيروس «كورونا» والركود الاقتصادي العالمي.
التجار في مدينة إب الذين يعانون من الجبايات المتواصلة والمتنوعة التي تفرضها سلطة الحوثيين، طالبوا بمساواتهم بنظرائهم في المحافظات الأخرى، وأبدوا استعدادهم لدفع ضريبة هذا العام بالمقدار نفسه للضريبة التي دفعوها العام الماضي، رغم الركود الذي سببته جائحة «كورونا» والخسائر التي تكبدوها، وسحب الطبعة الجديدة من العملة الوطنية من السوق ورفض التعامل بها، وهو ما سبب أزمة سيولة حادة، إلا أن مكتب ضرائب الميليشيات الحوثي رفض ذلك وفرض عليهم مبالغ مضاعفة.
محمد جار الله الصلاحي، عاقل السوق (وهو مشرف أو مسؤول يرفع تقاريره إلى قيادات محلية)، قال إن الإضراب سيكون مفتوحاً حتى يستجيب مكتب الضرائب لمطالب التجار، ويتفهم الظرف الطارئ الذي يواجهونه، مبيناً أن المكتب يرفض منح التجار إيصالات رسمية بالمبالغ التي ورَّدوها تحت الحساب، مؤكداً أن جميع التجار قد سددوا ما عليهم من ضريبة مقررة؛ لكن المكتب يطالب بمبالغ أخرى كبيرة، واستيفاءات غير قانونية.
وقال تجار في المحافظة لـ«الشرق الأوسط»: «إن مكتب الضرائب رفع الرسوم الضريبية هذا العام بشكل مبالغ فيه، رغم أن عملية البيع والشراء فيه شهدت كساداً نتيجة الحرب، وما ترتب من قيود بسبب فيروس (كورونا)».
وأضافوا أن «الميليشيات سلَّطت مكاتب الجباية عليهم، وفرضت مبالغ كبيرة تحت اسم الزكاة التي رفعت بنسبة تزيد على 100 في المائة، وكذلك الضرائب، أو تحت اسم مخالفات كانت دفعت بملاك المخابز لإعلان الإضراب العام الشهر الماضي».
هذه التطورات في المحافظة التي تضم نحو ثلاثة ملايين نسمة، جاءت وسط حملة يقودها نشطاء للمطالبة بإقالة قيادة المحافظة، ومحاسبتها بسبب تردي الخدمات والانفلات الأمني، وانشغالها بجمع الأموال وتنظيم التجمعات المؤيدة للحوثيين.
وبينما اتهم الناشطون قادة الجماعة الحوثية في المحافظة بـ«الفساد»؛ حمَّلوهم مسؤولية غرق أسرة مكونة من ستة أفراد كانت السيول جرفت سيارتهم قبل أيام، دون أن تقوم الجماعة بمهمة إنقاذهم أو البحث عن جثامينهم عقب توقف الأمطار.
وكان ناشطون قد تولوا مهمة البحث عن جثامين أفراد الأسرة المنكوبة، وعثروا عليها في مناطق متفرقة، بينما لا تزال جثة طفلة مفقودة حتى الآن، ويقال إن السيول جرفتها إلى محافظة الضالع المجاورة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.