لا تقدم في اجتماعات «الدستورية» السورية في جنيف

المبعوث الأممي الخاص لسوريا غير بيدرسن خلال مؤتمر صحافي على هامش اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف أول من أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي الخاص لسوريا غير بيدرسن خلال مؤتمر صحافي على هامش اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

لا تقدم في اجتماعات «الدستورية» السورية في جنيف

المبعوث الأممي الخاص لسوريا غير بيدرسن خلال مؤتمر صحافي على هامش اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف أول من أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي الخاص لسوريا غير بيدرسن خلال مؤتمر صحافي على هامش اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف أول من أمس (أ.ف.ب)

اختتمت في جنيف، أمس، أعمال الجولة الثالثة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية، من دون تحقيق تقدم. وحملت أطراف المعارضة الوفد الحكومي المسؤولية عن إفشال الحوارات، فيما اتهمت دمشق، الأميركيين، بمحاولة التدخل والتأثير على أعمال اللجنة.
ورغم أن أعضاء في اللجنة الدستورية وصفوا أجواء الاجتماعات بأنها كانت «إيجابية عموماً مع عدم بروز اختلافات كبيرة»، لكن رئيس الوفد الحكومي أحمد الكزبري، لفت إلى أنه «ما زال الوقت مبكراً للحديث عن نتائج»، مشيراً إلى أن تعليق الاجتماعات ليومين بسبب ظهور حالات موجبة لفيروس «كورونا» الجديد بين أعضاء الوفود ساهم في تقليص فرص إيجاد الوقت اللازم لمواصلة النقاشات. وأوضح، في حديث للتلفزيون السوري، أن بعض الجلسات شهدت خروجاً للوفود الأخرى عن المبادئ المتفق عليها، وبدأ بعضهم يتحدث عن مبادئ دستورية، وهناك من تحدث عن أمور تنظيمية، ومن طرح مواد صياغية.
وأضاف أن وفد النظام سيعود إلى سوريا، الأحد، مشدداً على رفض أي تدخل خارجي في عمل اللجنة، في إشارة إلى اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، مع وفدي المعارضة السورية والمجتمع المدني في جنيف. وأشار إلى أن ذلك يؤكد وجود تدخلات غربية في المسار السياسي، وزاد أن «هذا التدخل يمتد إلى عمل اللجنة، ونحن لن نقبل به على الإطلاق، ويجب على الأمم المتحدة عدم السماح به لأنها ميسرة عمل اللجنة». وقال إن «التدخلات الأميركية التي كانت تتم في الاجتماعات السابقة من تحت الطاولة، أصبحت في هذه الجولة علنية».
من جهتها، حملت المعارضة الوفد الحكومي مسؤولية عدم تحقيق تقدم، بسبب الإصرار على عدم تمديد الجلسات، وفقاً لاقتراح قدمه وفد المعارضة «من أجل إتاحة الفرصة لمناقشة أكبر عدد ممكن من الملفات وتحقيق إنجاز حقيقي بعد نحو عام على إطلاق اللجنة».
واعتبر عضو وفد المعارضة باللجنة يحيى العريضي، في حديث مع وسائل إعلام، أنه «موقف يؤكد عدم شعور ممثلي النظام بالمسؤولية».
كان الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية عن وفد المعارضة هادي البحرة، قد أكد بعد الجلسة الأولى، أنها كانت جيدة، وأن حضور الدبلوماسيين الروس فيها ساهم بضبط وفد النظام، وعدم السماح له بتكرار أدائه السلبي الذي ظهر عليه في الاجتماعين الأول والثاني للجنة، العام الماضي.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».