خلاف بين رأسَي السلطة في تونس حول بعض الوزراء

TT

خلاف بين رأسَي السلطة في تونس حول بعض الوزراء

كشفت قائمة أعضاء الحكومة التونسية المقترحة عن خلافات بين رأسَي السلطة التنفيذية، تضاف لها دعوة عدة قيادات سياسية لتعديل تركيبة الحكومة، نتيجة وجود شكوك حول استقلالية البعض منهم، وذلك قبل تمريرها إلى البرلمان لنيل الثقة. ففي يوم واحد، أعلن هشام المشيشي رئيس الحكومة المكلف صباحاً عن تخليه عن وليد الزيدي الوزير الكفيف المقترح لحقيبة وزارة الثقافة، بينما كان في المساء بقصر الرئاسة يتحادث مع قيس سعيد الذي أعرب عن دعمه لهذا الترشح، وأنه جدير بثقته لتولي هذه المسؤولية. وأكد سعيد أنها تجربة أولى في تونس ستؤكد أن وليد الزيدي (الوزير الكفيف) عنوان المثابرة والتحدي والجدارة لهذا المنصب.
وفي هذا الشأن، قال عبد اللطيف الحناشي المحلل السياسي التونسي، إن استقبال رئيس الدولة للزيدي يعد «ضرباً لهيبة الدولة ولمصداقية رئيس الحكومة»، في إشارة إلى إعلان المشيشي التخلي عن وليد الزيدي لتعففه عن تحمل المسؤولية، وتردده في خدمة تونس وتلبية نداء الواجب، واستقباله في اليوم نفسه من قبل الرئيس التونسي.
وفي السياق ذاته، قال سيد الفرجاني القيادي في حركة «النهضة»، إن الرئيس التونسي قيس سعيد «افترس الدولة مستغلاً غياب تركيز المحكمة الدستورية»، ودعا إلى دعم رئيس الحكومة المكلف، وحثه على تشكيل حكومة تضمن التوازن بين السلطات الثلاث، على حد تعبيره. وانتقد الفرجاني المبادرة السياسية التي قدمتها حركة «الشعب» بشأن الهدنة السياسية والتوافق على منح الحكومة الثقة، قائلاً إن المبادرة تهدف إلى إخراج حزبه من العزلة السياسية، والظهور في وضع من يسدي خدمة لرئيس الحكومة، مع الإبقاء على قيس سعيد متحكماً في الحكومة.
في غضون ذلك، واستعداداً لعقد جلسة منح الثقة لحكومة المشيشي في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل، التقى راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي برئيس الحكومة المكلف، وتطرق اللقاء إلى الاضطراب الحاصل على مستوى قائمة أعضاء الحكومة المقترحة، بعد تسجيل عدم تطابق بين اسم وزير التجهيز المعلن من قبل المشيشي والاسم المرسل من قبل رئاسة الجمهورية.
كما تم التطرق خلال اللقاء إلى تراتيب جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة، وإلى الوضع العام بالبلاد، وأبرز المشاغل والأولويات المتصلة بالمرحلة المقبلة. وفي السياق ذاته، لوحت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» بعدم تزكية حكومة هشام المشيشي، نتيجة وجود اتهامات بعدم استقلالية بعض الوزراء، وانتمائهم لأطراف سياسية بعينها. وفي هذا الشأن، قالت في مؤتمر صحافي إن المكلف تشكيل الحكومة خيب الآمال، من خلال تشكيلة الحكومة التي أعلنها، داعية إياه إلى الإسراع بتغيير وزيري الداخلية والعدل المقترحين.
وأضافت أن المشيشي لم يكن وفياً للعهود التي قدمها لحزبها إثر لقاءين عقدهما معه. كما أبدت موسي ملاحظات بشأن تعيين الوزراء أحمد عظوم (وزير الشؤون الدينية) وعثمان الجرندي (وزير الخارجية) ومحمد الفاضل كريم (وزير تكنولوجيات الاتصال) بسبب مشاركتهمم من وزراء سابقين لحركة «النهضة».
وأكدت أن لحزبها اعتراضاً على وزير الداخلية المقترح توفيق شرف الدين، بسبب قرابة عائلية مع أحد المتهمين بالإرهاب، وضد وزير العدل القاضي محمد بوستة، الذي قالت إنه «ليس من الكفاءات القضائية»؛ متسائلة عن سبب إبعاد وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال. وذكَّرت بفحوى لقاءاتها مع المشيشي، ومطالبتها بتكوين أقطاب وزارية وإبعاد أي مرشح قريب من حزب «النهضة» وكتلة «ائتلاف الكرامة» في البرلمان، كشرط لمنح الثقة للحكومة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».