برّي يصرّ على ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة رغم عزوفه

زيارة ماكرون إلى بيروت آخر اختبارات المكونات السياسية ... ولودريان يدق ناقوس الخطر

رؤساء الحكومة السابقون اجتمعوا بعيداً عن الإعلام (الوكالة المركزية)
رؤساء الحكومة السابقون اجتمعوا بعيداً عن الإعلام (الوكالة المركزية)
TT

برّي يصرّ على ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة رغم عزوفه

رؤساء الحكومة السابقون اجتمعوا بعيداً عن الإعلام (الوكالة المركزية)
رؤساء الحكومة السابقون اجتمعوا بعيداً عن الإعلام (الوكالة المركزية)

تشكل الزيارة الثانية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبيروت الاثنين المقبل، الاختبار الأخير للمكوّنات السياسية الرئيسية للتأكد من مدى استعدادها للمضي قدماً إلى الأمام للسير في الخطة الإنقاذية التي يُفترض أن تتبنّاها الحكومة الجديدة على بياض ومن دون إدخال أي تعديلات عليها أو السماح لأي طرف بالانقلاب عليها بممارسة حق النقض، لأن البديل سيدفع باتجاه زوال الدولة وانهيارها وشطب اسم لبنان عن خريطة الاهتمام الدولي الذي تحقق بمبادرة المجتمع الدولي إلى احتضانه بتقديمه مساعدات إنسانية عاجلة للبنانيين الذين حلّت بهم الكارثة من جراء الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) الجاري.
وليس من باب الصدفة أن يبادر وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، واستباقاً لوصول ماكرون إلى بيروت، إلى إطلاق رزمة من التحذيرات أخطرها أن «الدولة اللبنانية إلى زوال ما لم تتجاوب الأطراف مع عودة الاهتمام الدولي ببلدهم بعد انقطاع استمر لسنوات وتعمل على توظيفه لوقف انهياره الاقتصادي والمالي، خصوصا أنه يقف الآن على حافة الهاوية».
فالوزير الفرنسي أراد أن يدق ناقوس الخطر، محذّراً من أخذ البلد إلى الفراغ، وداعياً الأطراف إلى تنعيم موقفها والإفادة من المساعدة التي يرعاها شخصياً الرئيس ماكرون بإعطاء الأولوية لتشكيل حكومة تبقى مهمتها محصورة بتطبيق ورقة التفاهم التي هي بمثابة خريطة طريق للعبور بلبنان إلى الإنقاذ، ويفترض أن تشكّل الإطار العام للبيان الوزاري للحكومة الجديدة الذي يعطي الأولوية للإصلاحات المالية والاقتصادية، بدءاً بمراجعة نظام الكهرباء.
وفي هذا السياق، تستغرب أوساط سياسية واسعة الاطلاع استمرار رئيس الجمهورية ميشال عون في مصادرته لصلاحية النواب في تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة بعدم تحديد موعد لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة، وتقول إن اشتراطه بأن يتم الاتفاق على اسم الرئيس للحكومة الجديدة قبل التكليف يشكّل خرقاً لروحية اتفاق الطائف، خصوصاً أن عون كغيره من أسلافه وبحسب هذه الروحية، يشرف على صندوق اقتراع ليدلي النواب بأصواتهم لاختيار مرشحهم للرئاسة الثالثة. وتلفت الأوساط نفسها إلى أن موقف عون يشكل خرقاً للدستور لأن التأليف من صلاحية الرئيس المكلف، وتؤكد أنها تجهل الأسباب التي حالت دون ملاقاته للرئيس الفرنسي في منتصف الطريق، خصوصاً أن عودته للمشاورات ارتدّت عليه سلباً وأظهرت أنه لم يعد في مقدوره التحكّم بمجريات التأليف والتكليف إلا في حال امتناعه عن توقيعه للمراسيم المنصوص عليها والمتعلقة بتشكيل الحكومة. وتسأل هذه الأوساط عن حماس عون وللمرة الأولى في تمثيل الحراك الشعبي بعد أن اتهم معظم الذين يشاركون فيه بأنهم ينفّذون أجندة خارجية؟ وتقول إنه سيواجه معارضة في حال أصر على مصادرته لصلاحية النواب لمصلحة تثبيته أعرافاً مخالفة للدستور لجهة أنه من يفرض رئيس الحكومة، وإلا لماذا يريد من عملية التكليف والتأليف بأن تكون معلّبة؟
وعلمت «الشرق الأوسط» أن رؤساء الحكومات السابقين (سعد الحريري وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام) التقوا مساء أول من أمس بعيداً عن الأضواء واتفقوا على ربط ملف الترشيح لرئاسة الحكومة بإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة وحمّلوا عون مسؤولية خرق الدستور لجهة مصادرة صلاحية الرئيس المكلّف بتأليف الحكومة. وأكدت مصادر مقربة من رؤساء الحكومات أنهم لم يتطرّقوا إلى مسألة الترشيحات، وقالت إنه لا صحة لما يشاع بأن الحريري يعتزم ترشيح شخصية من رحم تيار «المستقبل»، وقالت إنها على تواصل مع رئيس البرلمان نبيه بري الذي لا يتحمّل مسؤولية حيال محاولة البعض المجيء برئيس يكون حسان دياب آخر. ووفقاً لبري، فإن هناك صعوبة أن يخرج لبنان من أزمته من دون الحريري.
ولفتت إلى أن عون يتجاهل الزلزال الذي أصاب بيروت، ويحاول أن يوحي بأن الأمر له في كل شاردة وواردة مع أن العهد القوي انتهى سياسيا وأن تياره يعاني من عزلة في الشارع المسيحي وسيجد رفضاً في تعويمه لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
لذلك، الكرة الآن في ملعب عون ويتحمّل مسؤولية ترحيل الاستشارات النيابية، خصوصاً أن مصادر سياسية تتحدث عن مرونة يبديها «حزب الله» في تعاطيه مع الملف الحكومي، وتسأل ما إذا كان لموقفه المستجد علاقة بالاتصالات الجارية بين باريس وطهران رغم أن اختبار موقفه يخضع لأدائه في هذا الملف؟ فيما يبدو أن الرئيس بري لم يسحب اسم الحريري من التداول كمرشح لرئاسة الحكومة، ولا يزال يُدرج اسمه على طاولة المشاورات، فيما أن الأخير أعلن عزوفه عن الترشُّح، ربما لاعتقاد رئيس المجلس أن هناك ضرورة لوجوده على رأس الحكومة.
ويبقى السؤال هل من مفاجأة يمكن أن تستبق مجيء ماكرون إلى بيروت؟ أم أن الفريق السياسي لعون يصر على المكابرة ولا يأخذ بتبدّل المزاج الشعبي في الشارع المسيحي وهذا ما سيضعه في مواجهة تتجاوز الداخل إلى المجتمع الدولي لأن التحرك الفرنسي يحظى بتأييد أوروبي وأميركي؟



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.