تونس: المشيشي يقبل مبادرة «هدنة» الـ18 شهراً

أبدى انفتاحه على مبادرة «حركة الشعب» قبل بدئه مشاورات حزبية

المشيشي خلال اجتماع مع المرشحين للوزارات في حكومته أمس (إ.ب.أ)
المشيشي خلال اجتماع مع المرشحين للوزارات في حكومته أمس (إ.ب.أ)
TT

تونس: المشيشي يقبل مبادرة «هدنة» الـ18 شهراً

المشيشي خلال اجتماع مع المرشحين للوزارات في حكومته أمس (إ.ب.أ)
المشيشي خلال اجتماع مع المرشحين للوزارات في حكومته أمس (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الحكومة التونسية المكلف هشام المشيشي تخليه عن المرشح لتولي حقيبة الثقافة وليد الزيدي، مؤكداً خلال مؤتمر صحافي، أمس، إثر لقائه فريقه الحكومي، على «ضرورة التضامن بين مختلف الوزراء».
وكشف المشيشي عن استعداده لعقد لقاءات مع الأحزاب الممثلة في البرلمان في إطار التواصل والإصغاء. وقال: «نرحب بكل المبادرات الإيجابية وسنتفاعل معها، ومن بينها مبادرة حركة الشعب». وبشأن برنامج عمل الحكومة، قال المشيشي إنه سينكب على إعداد وثيقة ستُقدم إلى نواب البرلمان، بعد أن قدم الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي الذي سيركز بالأساس على الملفات الاقتصادية والاجتماعية.
وعبرت أحزاب تونسية عدة عن دعمها المشروط لحكومة هشام المشيشي المقترحة، وقدمت «حركة الشعب» (حزب قومي) مبادرة هدفها تجاوز أزمة الثقة بين الأحزاب، فيما تمسكت «حركة تحيا تونس» (حزب ليبرالي) بثلاثة شروط لدعم الحكومة. أما رئيسة «الحزب الدستوري الحر» (ليبرالي) عبير موسي فقد وجهت رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة المكلف أكدت من خلالها أن حزبها سيصوت للحكومة «إن لم تتضمن عناصر من تنظيم الإخوان».
ودعا رئيس «حركة الشعب» زهير المغزاوي إلى توافق سياسي على منح الثقة لحكومة المشيشي، شرط التزام رئيس الحكومة المـكلف تقديم تصوّر واضح يضبط الإجراءات الكفيلة بوقف النزف الاقتصادي والمالي والاجتماعي، وتحديد المدى الزمني لحكومته بمدة أقصاها سنة ونصف السنة يُصار خلالها إلى التوافق بين الكتل البرلمانية على تعديل النظام الانتخابي الحالي. واعتبر أنها «مبادرة للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس».
واقترح المغزاوي التزام كل الأطراف السياسية والاجتماعية بتنفيذ «هدنة»، إذا تم القبول بالشروط المعلنة، ومع نهاية فترة التوافق يتم الاختيار بين ثلاثة حلول، أولها استمرار حكومة المشيشي إلى نهاية العهدة البرلمانية، وتنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها خريف 2024. أما الحل الثاني فيدعو إلى تكوين أغلبية برلمانية تتولى تشكيل حكومة سياسية، فيما الحل الثالث يتمثل بالذهاب مباشرة إلى انتخابات برلمانية سابقة لأوانها.
وقررت حركة «تحيا تونس» التي يتزعمها يوسف الشاهد رئيس الحكومة السابق تقديم دعم مشروط للحكومة المقترحة. واشترطت الالتزام ببرنامج عاجل للحد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للفيروس «كورونا» والشروع في مجموعة من الإصلاحات الكبرى.
وبشأن تخلي المشيشي عن الزيدي الذي اقتُرح لتولي وزارة الثقافة، أشار مكتب الإعلام الخاص برئيس الحكومة المكلف إلى أن القرار اتخذ إثر التصريحات الصادرة عن الزيدي، التي عبر فيها عن «تعففه عن تحمل مسؤولية وزارة الثقافة». وأكد رئيس الحكومة المكلف أنه «لا مجال للتردد في خدمة تونس والتعفف عن تلبية نداء الواجب الوطني».
وكان الزيدي قد نشر تدوينة أكد من خلالها أنه لا يرى نفسه وزيراً، وأن مكانه الأفضل في مدارج الجامعة التونسية وبين طلابه. وأشار في تصريح إذاعي إلى أنه «يتعفف» عن المناصب، ولا رغبة له في توليها، وهو ما أدى إلى التخلي عنه من قبل رئيس الحكومة المكلف.
ومن المنتظَر عقد جلسة برلمانية لمنح الثقة لحكومة المشيشي، مطلع الشهر المقبل، وهي حكومة كفاءات مستقلة مكونة من 28 حقيبة وزارية. واستبعد رئيس الحكومة المكلف الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان من المشاركة في الحكومة، وهو ما كان محل جدل واسع بلغ حد اتهامه بـ«الانقلاب على المسار الديمقراطي».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.