مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: مصالحنا في العراق لا تتطلب وجوداً عسكرياً

واشنطن شددت على كون العراق دولة ذات «قانون وسيادة» تحمي الشعب

TT

مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: مصالحنا في العراق لا تتطلب وجوداً عسكرياً

أكدت الولايات المتحدة الأميركية ضرورة أن يكون العراق دولة ذات قانون وسيادة، وعليه استعادة سيطرته على مفاصل الدولة، وتنفيذ ما يلزم بأن تكون الميليشيات المسلحة تحت سلطة القانون، ومحاسبة كل من تسبب في قتل المتظاهرين بالبصرة وغيرها من المدن العراقية التي شهدت وتشهد احتجاجات ومظاهرات سلمية.
وأوضح جوي هود، كبير مساعدي وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف أول من أمس، حضرته «الشرق الأوسط»، أن لقاءات الحكومتين الأميركية والعراقية في الحوار الاستراتيجي المنعقد الأسبوع الماضي كانت مثمرة، ونتج عنها عديد من المبادرات بين الطرفين. وأفاد بأن مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، طلب مساعدة أميركية، وأنه كان واضحاً في أنه يرى حاجة مستمرة لدعم التحالف بالعراق، بما في ذلك الولايات المتحدة، وقد ركز كثير من مناقشات الطرفين على الشكل الذي يجب أن يبدو عليه هذا الدعم المستمر.
وفي رد على سؤال «الشرق الأوسط» حول حماية المصالح الأميركية في العراق لو انسحبت قواتها العسكرية، أجاب هود بأن الولايات المتحدة لديها وجود أمني طويل الأمد في جميع أنحاء المنطقة: «وبغض النظر عن العلاقة الأمنية التي تتمنى الحكومة العراقية إيجادها مع الأميركيين خلال ثلاث أو خمس أو عشر سنوات، فنحن على ثقة بأننا سنكون قادرين بالشراكة مع الحكومة العراقية على حماية مصالحنا».
وأكد أن الكاظمي «يفهم أكثر من أي شخص آخر ماذا يعني أننا ضيوف مدعوون في بلده، وأن عليه التزاماً مطلقاً بموجب القانون الدولي واتفاقياتنا، وفي الثقافة العربية بحمايتنا»، مؤكداً أن «هذا بالضبط ما تود رؤيته واشنطن من رئيس الوزراء والقوى الخاضعة لسيطرته». وأضاف أن الولايات المتحدة تريد في العراق «شريكاً استراتيجياً».
ولفت هود إلى موقف الولايات المتحدة من الأحداث الأخيرة والعنف في العراق، قائلاً: «قطعاً نجد الاغتيالات ومحاولات الاغتيال التي تعرض لها نشطاء وصحافيون في أماكن مثل البصرة بغيضة تماماً، لقد شجبنا هؤلاء علناً، ونعلم أن رئيس الوزراء ينضم إلينا في تلك الإدانة. في الواقع عندما عاد إلى العراق، كان المكان الأول الذي ذهب إليه هو البصرة ليطمئن على عائلات هؤلاء الضحايا الأبرياء. وأكد أن العدالة ستُحقق. أعتقد أن فرض الأمن وتطبيق القانون والسيطرة على الدولة ليس له علاقة بالوجود الأميركي العسكري. هذا أمر عراقي، بتطبيق القانون ومحاربة الفساد، ويعود إلى الحكومة العراقية والوفاء بوعودها في حماية القانون والدولة».
وأشار هود إلى أنه على مدار سبع جلسات مفاوضات جانبية خلال زيارة الكاظمي إلى واشنطن، أجرى الطرفان مناقشات مثمرة حول استعدادات العراق لإجراء انتخابات ذات مصداقية، وحماية المجتمع المدني، ومساعدة المكونات الدينية والعرقية على التعافي من فظائع «داعش»، وضمان الهزيمة النهائية للتنظيم.
وقال: «لم يكن الحوار مجرد كلام، فقد أبرمنا مع العراقيين تسع صفقات أو مذكرات تفاهم تتعلق بالتنمية والتمويل والصحة والطاقة، وأعلنَّا عن 204 ملايين دولار إضافية في شكل مساعدات إنسانية، و10 ملايين دولار ستذهب لدعم الانتخابات العراقية، عن طريق تسليمها لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق لضمان انتخابات نزيهة. وهذا يوضح بشكل أكبر التزامنا بمساعدة مواطني العراق الأكثر ضعفاً، ودعم الإصلاحات التي يطالب بها الشعب العراقي».
بدوره، قال ديفيد كوبلي، المسؤول في مكتب شؤون الشرق الأوسط بالخارجية الأميركية: «لقد أجرينا كثيراً من المناقشات الجيدة حقاً مع شركائنا العراقيين حول الأمن»، مشيراً إلى أن الطرفين ينتقلان حالياً إلى مرحلة جديدة في الحملة ضد «داعش»، تركز بشكل أكبر على العمل الاستشاري والتدريبي، بالإضافة إلى توفير قدرات التمكين المهمة، مثل الدعم الجوي الوثيق لقوات الأمن العراقية. وأضاف أن واشنطن تتطلع إلى يوم تنتفي فيه الحاجة إلى قوات التحالف، وقال: «لقد وجهنا الرئيس (دونالد ترمب) بتخفيض قواتنا إلى المستويات الأدنى في أسرع وقت ممكن، ولكن كما أشار الوزير (مايك) بومبيو في ذلك اليوم في المكتب البيضاوي، سنبقى حتى تكتمل المهمة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».