الحريري لن يسمّي مرشحاً للحكومة قبل تعيين الاستشارات النيابية

نواف سلام من الأسماء المتداولة لرئاسة الحكومة (تويتر)
نواف سلام من الأسماء المتداولة لرئاسة الحكومة (تويتر)
TT

الحريري لن يسمّي مرشحاً للحكومة قبل تعيين الاستشارات النيابية

نواف سلام من الأسماء المتداولة لرئاسة الحكومة (تويتر)
نواف سلام من الأسماء المتداولة لرئاسة الحكومة (تويتر)

كشفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق لن يدخل في بازار الأسماء المرشّحة لتولي رئاسة الحكومة ما لم يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون إلى تحديد موعد لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه لن يبدّل موقفه لقطع الطريق أمام إقحام البلد في لعبة المناورات السياسية مع أنه لا يحتمل إضاعة الوقت في ضوء المهمات الملحّة التي تقع على عاتق الحكومة الجديدة وأولها الشروع في إعادة إعمار الأحياء التي دمّرها الانفجار وحوّل العاصمة إلى مدينة منكوبة.
وشدّدت المصادر السياسية نفسها على أن المسؤولية في تأخير ولادة الحكومة تقع على عاتق عون وحده قبل السؤال عن مواقف القوى السياسية، وهي دعته إلى الإقلاع عن إطلاق المواقف الشعبوية، وتحديداً بالنسبة إلى التعويض على المتضررين من انفجار مرفأ بيروت.
وسألت عون من أين سيؤمّن المال المطلوب لبدء إعادة إعمار المناطق المتضرّرة والمنكوبة في بيروت، ما دام أن المساعدات الدولية مرتبطة بتشكيل حكومة ببرنامج عمل إصلاحي وإعماري، وهذا ما يشدّد عليه المجتمع الدولي الذي لا يزال يحصر مساعداته بالجانب الإنساني؟
وقالت المصادر نفسها إن مشكلة عون تكمن في أنه يعطي الأولوية لإعادة تعويم رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل مع أنه في حاجة ماسة إلى إعادة تعويم عهده مع دخوله في الثلث الأخير من ولايته الرئاسية، فيما يشتد عليه الحصار الدولي والإقليمي، إلا إذا قرر أن يتعامل مع المساعدات الإنسانية على أنها تعطيه براءة ذمّة يوظّفها لغسل يديه من مسؤوليته حيال الأزمة السياسية المستعصية التي كانت وراء إيصال البلد إلى طريق مسدود.
وفي هذا السياق، سألت التيار السياسي المحسوب على عون ما إذا كان لديه استعداد لإجراء مراجعة نقدية تمهّد لإعادته النظر في نهجه وأدائه السياسي الذي كان وراء القطيعة التي ما زالت قائمة بين رئيس الجمهورية وقوى 14 آذار سابقاً والتي انسحبت أخيراً على علاقة رئيس المجلس النيابي نبيه بري به وباسيل على خلفية الاختلاف في مقاربة الملف الحكومي، ناهيك عن علاقة عون المقطوعة مع زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، فيما «حزب الله» يتجنّب الدخول في اشتباك مع حليفه.
ولفتت إلى أن بعض ما ورد في بيان الحريري حول عزوفه عن الترشُّح لرئاسة الحكومة يتقاطع مع موقف بري، وقالت إن كليهما يشدّد على ضرورة الإفادة من عودة الاهتمام الدولي بلبنان فور النكبة التي حلت ببيروت، مؤكدة أن تقاطعهما في الموقف يلتقي مع ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام الذين التقاهم في قصر الصنوبر.
فالرئيس الفرنسي شدّد على ضرورة توظيف هذا الاهتمام الدولي لإعادة إعمار بيروت ووقف الانهيار المالي والاقتصادي المشروط بوضع برنامج اقتصادي تتولى الحكومة تنفيذه، محذّراً من إضاعة هذه الفرصة والتفريط فيها لأنها قد لا تتكرر.
واستغربت المصادر ما أُشيع أخيراً بأن الحريري يدعم ترشُّح سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة نواف سلام في العلن ولا يؤيّده سراً، وقالت بأنه أول من رشّحه لتولّي رئاسة الحكومة بعد استقالته في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأكدت أنه عاد ورشّحه في لقاءاته مع كبار المسؤولين الفرنسيين، وأيضاً لدى استقباله مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل.
ورأت أن السفير سلام لن يكون حسان دياب آخر، وقالت إنه ليس من الذين يفرّطون بموقعه وبسمعته دولياً وعربياً، وبالتالي لن يُقحم نفسه في مغامرة غير محسوبة النتائج لأن همّه في مكان آخر يبقى محصوراً في خدمة بلده لأن لا معنى لانضمامه إلى نادي رؤساء الحكومات ما لم تتوافر شروط النجاح للانتقال بلبنان ولو على مراحل من التأزُّم إلى الانفراج. ورداً على سؤال أوضحت المصادر بأن الحريري مع التوافق على رئيس حكومة جديد شرط أن تتوافر له شروط النجاح وأن يؤتى بوزراء يلتزمون ببرنامج إصلاحي يحظى بدعم دولي وإقليمي، وهذا ما يسمح بولادة الحكومة في غضون أيام معدودة.
وقالت إن بري من موقعه يبقى الأقدر عن أن يدير المشاورات السياسية للوصول إلى توافق على اسم الرئيس، وهذا ما لا يتمتع به عون الذي يعطي الأولوية لتعويم باسيل وبات يفتقد إلى التواصل مع معظم المكوّنات السياسية.
ورأت أن التوافق على اسم سلام يتوقّف على تأييده من الثنائي الشيعي لأن اعتراضه على تسميته يعيق توفير الدعم له، وعزت السبب إلى أن مقاطعته للحكومة يدفع باتجاه عودة الاحتقان بين السنة والشيعة وهذا ما لا يحبّذه سلام ولا من يدعمه في الشارع السنّي لأنه ليس في وارد استيلاد مشكلة يراد منها إخراج عون من الحصار المفروض عليه باعتباره المسؤول عن الإحباط في الشارع السنّي، وبالتالي فإن الجميع يرصد مدى استعداد عون لتحديد موعد للاستشارات قبل وصول ماكرون إلى بيروت لتفادي رد فعله حيال إهدار الفرصة لإنقاذ لبنان.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.