«الوطني الليبي» يتوقع هجوماً تركياً على سرت حال تصاعد المظاهرات

احتجاجات اليوم الرابع تصل إلى منزل السراج... وداخليته تحذر من تجاوز الشروط القانونية

السراج خلال اجتماعه بكبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين في حكومته (المجلس الرئاسي)
السراج خلال اجتماعه بكبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين في حكومته (المجلس الرئاسي)
TT

«الوطني الليبي» يتوقع هجوماً تركياً على سرت حال تصاعد المظاهرات

السراج خلال اجتماعه بكبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين في حكومته (المجلس الرئاسي)
السراج خلال اجتماعه بكبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين في حكومته (المجلس الرئاسي)

قال «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، إنه يتوقع أن تشن تركيا هجوماً على مواقع قواته في مدينة سرت الاستراتيجية في حال خرجت المظاهرات التي تشهدها العاصمة طرابلس عن سيطرة حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، الذي نقل متظاهرون احتجاجاتهم في يومها الرابع على التوالي على تردي الأوضاع المعيشية وسوء أداء حكومته، إلى مقر إقامته في منطقة النوفليين، ما دفع ميليشيات مسلحة موالية له إلى التدخل للحيلولة دون اقتحامه.
وكشف اللواء أحمد المسماري الناطق باسم «الجيش الوطني» النقاب في تصريحات تلفزيونية في ساعة مبكرة من صباح أمس، النقاب عن محاولة القوات التركية الموجودة في خليج سرت الاقتراب من خطوط قوات الجيش بفرقاطتين و3 سفن صغيرة، لافتاً إلى أنها تقوم بأعمال تشويش على الدعم الإلكتروني للجيش وطائراته واستطلاعات جوية بالرادارات وتمارس ما وصفه بأعمال «عدائية وعدوانية خطيرة جدا».
وأعلن المسماري أن «حشود تركيا البحرية الكبيرة» الموجودة حاليا شرق مدينة مصراتة في غرب البلاد، ستتحرك سريعا نحو مدينة سرت في حال تصاعد وتيرة المظاهرات في طرابلس لنقل المعركة من ساحة المظاهرات السلمية للمطالبة بالحقوق إلى معركة الساحات القتالية العسكرية، على حد تعبيره.
واتهم المسماري الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة «الوفاق» بإطلاق النار على المتظاهرين واقتحام الساحات، وقال إن الميليشيات في «مسرحية من إخراج إردوغان» قامت بحماية المظاهرات وكذلك أصبحت هي من تتظاهر في الساحات وتحاول اقتحامها.
وتابع «نرحب بأي مظاهرات سلمية تطالب بالحقوق وإنهاء الفوضى»، لافتا إلى أن «قوات الجيش تقاتل منذ عام 2014 من أجل إنهاء فوضى الميليشيات».
وفى خطوة تصعيدية جديدة، اجتمع السراج أمس، بمسؤولي حكومته العسكريين والأمنيين بعد ساعات من زحف المتظاهرين في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، من مقر حكومة «الوفاق» بالعاصمة طرابلس إلى منزل السراج وتجمعوا أمامه مرددين هتافهم الشهير «نبو الدولارات زي الزلمات»، قبل أن تتدخل عناصر مسلحة من ميليشيات كتيبة «النواصي» التابعة لحكومته لتفريقهم واعتقال بعضهم.
وقالت مصادر أمنية وشهود عيان بالإضافة إلى وسائل إعلام محلية إن ميليشيات النواصي استخدمت السلاح في محيط منزل السراج، لتفريق المتظاهرين وألقت القبض على عدد منهم.
وتدخلت قوات أمنية تابعة لوزارة الداخلية و«النواصي» لمنع المحتجين من الوصول إلى ميدان الشهداء، وأغلقته في محاولة لتضييق الخناق عليهم ومنعهم من التظاهر، بعدما تجاهلوا تعهد السراج بتحسين الأوضاع، وهتفوا بإسقاط حكومة «الوفاق» ومجلسها الرئاسي وإخراج المرتزقة الموالين لتركيا. كما رصدت لقطات مصورة هتافات مناوئة لتنظيم الإخوان، من بينها: «لا إخوان لا رئاسي- الشعب الليبي لا يساسي».
وأكد أحمد أبو عرقوب المتحدث باسم حراك «همة الشباب» على سلمية المظاهرات رغم ما وصفه بمحاولات تحويل مسارها، لافتا في تصريحات له أمس، إلى أن الاحتجاجات استهدفت سوء الخدمات العامة وليس الإطاحة بالحكومة.
وبعدما قدر عدد المتظاهرين بنحو 10 آلاف في مختلف مناطق طرابلس، موضحا أن الحراك مستمر إلى حين تلبية المطالب أو خروج الحكومة بخطة لتنفيذها، واعتبر أن خطاب السراج ضعيف ومحبط، وأضاف «لم يضع يده على المشكلة ووعد بمساواة المناطق في ساعات قطع الكهرباء وإقالة الوزراء، نحن لم نطالبه بإقالة الوزراء أو إقصائهم، مطلبنا الرئيسي محاسبة من تطالهم تهم الفساد واختلاس أموال الليبيين».
وانضمت نقابة المحامين للحراك وأعلنت رسميا دعمها للحراك الشعبي وأمهلت حكومتي «الوفاق» و«المؤقتة» المنافسة لها في شرق البلاد، 3 أيام لتلبية مطالب المحتجين، فيما تظاهر محامون أمام مجمع المحاكم في طرابلس وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين ومحاربة الفاسدين ورددوا شعارات «القانون مستقل- ونحاسبوا الكل» و«الدستور الدستور- ليبيا دولة قانون».
وفى ظل استمرار غياب لافت للانتباه لفتحي باشاغا وزير الداخلية بحكومة «الوفاق» الموجود حاليا في تركيا، ناقش السراج في اجتماع عقده خارج المقر التقليدي للحكومة في العاصمة طرابلس، بحضور رئيس جهاز المخابرات العامة وكبار المسؤولين العسكريين والأمنيين بحكومته، «أحداث الشغب التي وقعت في العاصمة طرابلس وضرورة معرفة جميع أبعادها، وتنفيذ إجراءات ضبط الأمن وتأمين سلامة المواطنين».
وأوضح السراج الذي يعتبر نفسه القائد الأعلى للجيش الليبي أن الاجتماع الذي شارك فيه مسؤولون أمنيون وعسكريون من الحكومة ناقش رؤية وتصوراً مشتركاً لبرامج بناء القدرات لمواجهة مختلف التحديات والمخاطر ودحر تنظيمات الإرهاب والتطرف، فضلا عن آليات التنسيق بين هذه المؤسسة والمؤسسات الأمنية والدفاعية الليبية.
بدورها، هددت وزارة الداخلية في بيان لها أمس، باتخاذ «جميع الإجراءات القانونية اللازمة بشأن أي تجمعات لا تلتزم بالشروط القانونية للتظاهر»، وشددت على «ضرورة الحصول على الإذن اللازم للتظاهر السلمي من مديريات الأمن».
وكانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني ويليامز، شددت لدى اجتماع افتراضي عقدته مساء أول من أمس، مع عدد من الناشطات والناشطين من مختلف أرجاء ليبيا، على أهمية مكافحة الفساد وحق المواطنين في التظاهر السلمي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.