موسكو ترفض «الاتهامات المهينة» حول تسميم نافالني

توالت ردود الفعل الروسية على اتهامات غربية لموسكو في قضية تسميم المعارض البارز أليكسي نافالني. وانتقد «الكرملين» ما وصفه بأنه «ضجيج فارغ يُثار حول هذا الملف»، وأشار إلى أن فرضية تسميم نافالني لم تثبت صحتها، مستبعداً فتح تحقيق جنائي في هذه المرحلة، في حين دعت الخارجية الروسية الغرب إلى عدم التسرع في توجيه اتهامات «مهينة» وأكدت ضرورة فتح «تحقيق موضوعي»، قبل التوصل إلى استنتاجات.
وكان الطاقم الطبي الألماني الذي يشرف على علاج المعارض الروسي أكد أن نتائج الفحوص أظهرت تعرضه لمادة كيماوية سامة لم يتم تحديدها بدقة، بانتظار استكمال الفحوص. ودعت هذه النتائج عدداً من البلدان الغربية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى السلطات الروسية، بشكل غير مباشر، عبر الإعلان عن ضرورة «إجراء تحقيق كامل وشفاف ومعاقبة المتورطين في هذا الحادث»، وفقا لبيانات صدرت في ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وبلدان غربية أخرى.
دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء إلى إجراء «تحقيق كامل وشفاف». وأعلن رئيس الوزراء المحافظ في تغريدة على «تويتر»: «صدم تسميم أليكسي نافالني العالم. المملكة المتحدة تعرب عن تضامنها معه ومع أسرته. نحتاج إلى تحقيق كامل وشفاف فيما حدث».
وسارع «الكرملين» إلى وصف الاتهامات بأنها «غير صحيحة ولا تزيد عن كونها ضجيجاً فارغاً». وقال الناطق الرئاسي الروسي إنه «لا يمكن أخذ هذا الأمر على محمل الجد»، موضحاً أن موسكو «لا يمكنها أن تتعامل بجدية مع الاتهامات لأنها لا يمكن أن تكون صحيحة على الإطلاق بأي شكل من الأشكال، وهي عبارة عن ضوضاء فارغة. لذلك، لا ننوي التعامل حيالها بجدية».
في الوقت ذاته، قال بيسكوف إن «(الكرملين) لا يرى حتى الآن ما يدعو لإجراء تحقيق جنائي في الحادث، وسيتم فتح التحقيق في حالة ثبوت عملية التسمم». وعكست هذه العبارة رفضاً روسياً للنتائج التي توصل إليها الأطباء الألمان. وزاد بيسكوف أن «الأطباء الروس مستعدون لتزويد زملائهم الألمان بنتائج اختبارات نافالني الأولى»، لافتاً إلى أن الأطباء الروس كافحوا لثلاثة أيام من أجل إنقاذ حياة المعارض، و«قد يكونون بالفعل نجحوا في إنقاذ حياته». ولفت بيسكوف إلى أن «(الكرملين) مهتم بتحديد أسباب مرض أليكسي نافالني، ولا يسعى لتحويل هذه القضية إلى نقطة خلافية مع الغرب». لكنه انتقد «تسرع الغرب في إطلاق اتهامات واستنتاجات».
وشدد على أن التحليلات التي أجراها الأطباء الروس لم تدلّ على وجود مادة سامة في جسم نافالني. وزاد: «لا نعرف ما إذا كان الأطباء الألمان قد تمكنوا من إثبات وجود هذه المادة. ما نعرفه أن تقييمات الحالة هي نفسها تمامًا لأطبائنا والأطباء الألمان». وأضاف بيسكوف أن «هذا مواطن روسي وقع في غيبوبة، ونود جميعاً معرفة سبب هذه الغيبوبة»، منتقداً محاولات الغرب إظهار فرضية التسمم كفرضية وحيدة لما تعرض له نافالني، وأوضح أن «هناك العديد من الأسباب والفرضيات، قد يكون بينها تناول أدوية أو عقاقير أو مواد أخرى». في غضون ذلك، انتقدت وزارة الخارجية بدورها الاتهامات التي وُجّهت لأطباء مدينة أومسك الذين تولوا علاج نافالني في الحادثة مباشرة، وبينها اتهامات بأنهم حاولوا «إخفاء معلومات عن حالة التسمم».
وأفاد بيان أصدرته الخارجية بأن السلطات الروسية تدعو إلى «تحقيق أشمل وأكثر موضوعية حول ما حدث». ورأت الخارجية أن «الاتهامات التي صدرت من بعض العواصم الغربية تجاه الأطباء في مدينة أومسك، بأنهم سعوا إلى إخفاء الحقيقة تعد اتهامات مهينة بشكل عميق، ولا يمكن القبول بها».
وشدد البيان على أن الأطباء الروس «قدموا إسعافاً فورياً عالي الكفاءة لنافالني، وكل المعطيات الخاصة بحالته الصحية تم تسليمها لنظرائهم الألمان الذين وصلوا لنقله إلى مستشفى (شاريتيه) في برلين».
ولفت البيان إلى أن موضوع نافالني كان على طاولة البحث خلال المحادثات التي جرت الثلاثاء في موسكو مع نائب وزير الخارجية الأميركي، ستيفن بيغن، وأكدت أن الجانب الروسي أشار إلى أنه «من غير المقبول توجيه أي اتهامات لا أساس لها»، لافتة إلى أن «قيادة روسيا تدعو إلى إجراء تحقيق أكثر دقة وموضوعية حول الحادثة».
كما أعرب الجانب الروسي خلال اللقاء عن أمل في أن «يبدي الأطباء الألمان نفس الموقف المهني، وعدم سماحهم باستغلال نتائج تحاليلهم المختبرية بأي أغراض سياسية». وأشارت الخارجية الروسية إلى استغرابها من سرعة استخدام واشنطن وبروكسل فرضية تسميم نافالني، متسائلة حول الأطراف التي يمكن أن تستفيد من هذا الأمر، وشددت على أنه «من الواضح أن ذلك ليس مفيداً بالنسبة إلى القيادة الروسية».
وأكدت «استعداد موسكو للتعاون من أجل دراسة هذه القضية مع استخدام الحقائق وبشكل غير منحاز، إلى جانب ملفَيْ ليتفينينكو وسكريبال، اللذين تذكرتهما وسائل الإعلام الغربية كما لو أنهما حقيقة مثبتة». وحملت العبارة تذكيراً بقضية تسميم الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو في لندن الذي قُتِل في لندن بمادة مشعّة، وقضية محاولة تسميم العميل السابق للاستخبارات الروسية سيرغي سكريبال وابنته في لندن أيضاً قبل عامين، بمادة «نوفيتشوك» الكيماوية السامة. ورفضت موسكو في الحالتين اتهامات غربية بتورط جهاز المخابرات الخارجية الروسي في الحادثتين، ووصفت الاتهامات الغربية بأنها «مسيسة».