لبنان يحبط «عملية انغماسية» لـ«داعش»

الموقوف عمل في رفع أنقاض تفجير بيروت فتولدت لديه فكرة تدبير العملية

توقيف سوري ينتمي الى داعش في لبنان (تويتر قوى الأمن)
توقيف سوري ينتمي الى داعش في لبنان (تويتر قوى الأمن)
TT

لبنان يحبط «عملية انغماسية» لـ«داعش»

توقيف سوري ينتمي الى داعش في لبنان (تويتر قوى الأمن)
توقيف سوري ينتمي الى داعش في لبنان (تويتر قوى الأمن)

أعلنت قوى الأمن الداخلي اللبنانية، أمس (الأربعاء)، أنها أفشلت في عملية استباقية مخططاً لدى سوري ينتمي لتنظيم «داعش»، لتنفيذ «عملية انغماسية» ضد عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في منطقة الجميزة، في بيروت، وذلك بعد ملاحقة ومتابعة له أدت إلى استدراجه وتوقيفه.
وقالت قوى الأمن في بيان صادر عن شعبة العلاقات العامة، إن الموقوف الذي يعمل في مجال رفع الأنقاض والزجاج المحطم في أحياء الأشرفية المدمرة جراء تفجير مرفأ بيروت، «تولدت لديه فكرة استهداف الدوريات بقنابل يدوية، كان ينوي الحصول عليها من أحد المخيمات الفلسطينية في لبنان».
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن الموقوف من قبل قوة خاصة في شعبة المعلومات التابعة لقوى الأمن في 18 من الشهر الحالي «دخل خلسة إلى لبنان للمرة الأولى، واستدرج إلى التوقيف بعد أن أخضع للمراقبة»، مشيرة إلى أنه «يعمل مياوماً لمصلحة شركة تنظيفات في الجميزة، ويسكن في منطقة متداخلة بين مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت». وقالت إنه اعترف بأنه كان يخطط لتنفيذ «عملية انغماسية» ضد عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي عبر إطلاق القنابل عليهم في شارع الجميزة حين يعمل، وكان يبحث عن أدوات لتنفيذ مخططه قبل أن يتم توقيفه أثناء التحضير لعمليته. ولفتت إلى أن اعترف بأنه خضع لدورات تدريب عسكري في تنظيم «داعش»، وتلقى دروساً بالفكر المتطرف، مشددة على أن توقيفه منذ أسبوع تم في عملية استباقية خارج منطقة الجميزة.
وقالت قوى الأمن في بيانها إنه «في إطار خطة عمل الأمن الوقائي المتبعة من قبل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وبخاصة لجهة متابعة وملاحقة الأشخاص المشتبه بانتمائهم إلى تنظيمات إرهابية، وبنتيجة عمليات الرصد الدقيقة، تمكنت الشعبة من تحديد هوية شخص سوري الجنسية ينتمي إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو من مواليد عام 2000.
وقالت إنه بالتحقيق معه، «اعترف بانتمائه إلى تنظيم (داعش) الإرهابي، و(خضع عام 2016 لدورة شرعية في سوريا مدتها 40 يوماً لدى التنظيم المذكور»، و«دخل إلى لبنان خلسة وأقام في محلة شاتيلا، وتنقل بين العديد من المناطق اللبنانية»، وأنه «اشترك في العديد من المجموعات (GROUPES) على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تضم مناصرين للتنظيم الإرهابي ذاته»، لافتة إلى أنه «قام بنشر وترويج أفكار ومعتقدات التنظيم وتبادل أخباره وإصداراته، وتواصل مع العديد من الأشخاص الذين ينتمون إلى التنظيم المذكور».
وأشارت قوى الأمن إلى أنه «رغب مؤخراً بالعودة إلى سوريا للالتحاق بالمجموعات التابعة لـ(داعش)، وعندما لم يتمكن من العودة لعدم حيازته أوراقاً ثبوتية، استعاض عن ذلك بالتخطيط للقيام بعمليات إرهابية في لبنان، بحيث تواصل مع شخص في الموصل وآخر في سوريا واستحصل منهما على فتاوى شرعية لقيامه بعملية (انغماسية) تستهدف عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، في محلة الجميزة تحديداً، وذلك كونه وبعد حصول الانفجار بيوم واحد، انتقل إلى الجميزة، حيث عمل في مجال رفع الأنقاض والزجاج المحطم، لقاء بدل مالي».
وأثناء عمله في المنطقة المذكورة، «شاهد دوريات للجيش اللبناني ولقوى الأمن الداخلي تتجول في المحلة على متن آلياتها، فتولدت لديه فكرة استهداف الدوريات بقنابل يدوية، كان ينوي الحصول عليها من أحد المخيمات الفلسطينية في لبنان»، مشيرة إلى أن الموقوف أُودع القضاء المختص.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.