محطة قطارات لـ«الصعايدة» تثير الانتقاد والجدل في مصر

TT

محطة قطارات لـ«الصعايدة» تثير الانتقاد والجدل في مصر

تسببت خطة حكومية مصرية لتعديل نقطة نهاية رحلة القطارات القادمة من محافظات الصعيد (جنوب البلاد)، في إثارة انتقادات واتهامات بـ«التمييز» ضد سكان الإقليم، فيما دافعت وزارة النقل المسؤولة عن مرفق السكك الحديدية عن عملها مؤكدة أنه «تنظيمي لتخفيف الزحام عن المحطة الرئيسية في البلاد بوسط العاصمة القاهرة». وتنقل شبكة القطارات في مصر 500 مليون راكب سنوياً، وتمتد بطول أغلب المحافظات المصرية، ويعتمد سكان المحافظات خاصة الجنوبية البعيدة عن العاصمة القاهرة بشكل أساسي على السكك الحديدية في حركتهم. وتعتزم وزارة النقل تخصيص محطة بمنطقة بشتيل (شمال الجيزة) لتكون نقطة النهاية لرحلات القطارات التي تحمل القادمين من محافظات الجنوب وأغلبهم ممن يعرفون بـ«الصعايدة» نسبة إلى نطاقهم الجغرافي، ومن المقرر أن يتم الانتهاء من إنشاء تلك المحطة خلال 3 سنوات الممتدة على مساحة 31 ألف متر مربع. غير أن أدبيات شعبية مصرية وتصريحات سابقة لمسؤولين حكوميين، تُحمّل في جانب منها المسؤولية عن زحام العاصمة للقادمين من المحافظات البعيدة، وهو تسبب على ما يبدو في حديث بعض نواب البرلمان عن دوائر بمحافظات الصعيد عن اعتبار تلك الخطة تتضمن «تمييزاً» ضد «الصعايدة». لكن المهندس كامل الوزير، وزير النقل، دافع عن خطة إنشاء المحطة الجديدة بالحديث عما اعتبره «مزاياها» ومنها أنها «ستكون محاطة بشوارع ومحاور رئيسية تمكن القادمين من الانتقال داخل العاصمة»، وزاد أن «هناك خطة أخرى مستقبلية لنقل جزء من خطوط الوجه البحري إلى منطقة على أطراف القاهرة، ومد خط مترو الأنفاق الخط الثاني لتخفيف الزحام عن محطة رمسيس». الوزير أشار كذلك إلى «إنشاء فندق يضم غرفاً بأسعار مناسبة في منطقة (بشتيل) لخدمة أهالي الصعيد». وذخرت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات تراوحت بين الغضب والسخرية من القرار. وانتقلت المساجلات بشأن «محطة قطارات الصعيد» إلى أروقة البرلمان في آخر أيام انعقاده (الاثنين) الماضي، وتقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة لرئيس البرلمان علي عبد العال، بشأن المحطة وما اعتبروه «تمييزاً»، غير أن الأخير قال خلال الجلسة العامة، إنه «لا يجوز أن تكون هناك محطة واحدة رئيسية في القاهرة»، ومستشهداً بأن «فرنسا بها أكثر من محطة قطار رئيسية، ومنها محطات للقطارات القادمة من الجنوب والشمال والشرق والغرب».
واعتبر عبد العال أن «ما يحدث ليس تمييزا، وإنما هو نوع من التنظيم في إطار حل مشكلات التكدس والزحام، ويجب عدم التعامل معه بحساسية».
وجاء تعليقات عبد العال بعدما ذهب أحد النواب الذين عارضوا إنشاء تلك المحطة، وهو النائب محمد الغول إلى القول في تصريحات صحافية، إن «بعض المسؤولين في الحكومة يتعاملون مع الصعايدة باعتبارهم من مواطني الدرجة الثانية».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».