حميدتي: هدفنا تحقيق السلام وليس لدينا أطماع في السلطةhttps://aawsat.com/home/article/2471276/%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%87%D8%AF%D9%81%D9%86%D8%A7-%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%B3-%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D8%A3%D8%B7%D9%85%D8%A7%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A9
حميدتي: هدفنا تحقيق السلام وليس لدينا أطماع في السلطة
نائب رئيس مجلس السيادة السوداني يحضر مأدبة عشاء أقامتها على شرفه الوفود المتفاوضة (سونا)
الخرطوم:«الشرق الأوسط»
TT
الخرطوم:«الشرق الأوسط»
TT
حميدتي: هدفنا تحقيق السلام وليس لدينا أطماع في السلطة
نائب رئيس مجلس السيادة السوداني يحضر مأدبة عشاء أقامتها على شرفه الوفود المتفاوضة (سونا)
أكد نائب رئيس المجلس السيادي السوداني، محمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي)، عزم وتصميم الأطراف المتفاوضة للوصول إلى اتفاق سلام شامل. وقال حميدتي الذي يرأس وفد الحكومة لمفاوضات السلام، في كلمته التي ألقاها خلال مأدبة الغداء التي أقامتها على شرفه الوفود المتفاوضة، مجموعة من رجال الأعمال بمنطقة أبيي، «ليس لدينا أي هدف آخر سوى تحقيق السلام والاستقرار في السودان» وأضاف «ليس لدينا أطماع في السلطة أو الحكم»، داعياً إلى التسامح والوفاق والتراضي والقبول بالآخر، وفق ما نقلته عنه وكالة الأنباء السودانية (سونا). وشدد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني على ضرورة الالتزام بالعهود والمواثيق، مشيراً إلى ما تم من اتفاقيات سابقة والتي لم تنجح لأنه لم يتم الالتزام بها، مبيناً أن هذا الاتفاق المزمع إبرامه سيختلف عن الاتفاقيات السابقة. كما أشار إلى أن التغيير الذي حدث هو تغيير حقيقي وفّر مناخاً لجميع حركات الكفاح المسلح لمباشرة نشاطها في داخل البلاد، ومكّن من فتح المعابر والممرات لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المواطنين في جميع أنحاء السودان، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها الحركات التي لم تجلس بعد للتفاوض. وعبّر حميدتي عن شكره وامتنانه لحكومة وشعب جنوب السودان على كرم الضيافة، ولما قدموه من جهود مقدرة لدعم مفاوضات السلام السودانية الجارية الآن في جوبا، معرباً عن أمله في أن يسود السلام الشامل والاستقرار والتسامح في البلدين، لافتاً إلى أن قضية أبيي سيتم حلها بالتراضي بين الطرفين. من جانبه، ناشد حسين عبد الباقي، نائب رئيس جمهورية جنوب السودان، أطراف التفاوض تسريع وتيرته للوصول إلى اتفاق سلام شامل والتوقيع عليه في الموعد المحدد؛ حتى يتسنى للبلدين التفكير في كيفية إقامة مشروعات تنموية استراتيجية مشتركة بين الدولتين. إلى ذلك، أكد توت قلواك، رئيس لجنة الوساطة الجنوبية، أن تحقيق السلام في السودان بات أمراً واقعاً ووشيكاً، مضيفاً أن أمن واستقرار السودان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن واستقرار جنوب السودان، وأشار «نحن شعب واحد في دولتين وأن ما يجمع بين شعبي البلدين أكثر مما يفرقهما»، داعياً إلى ضرورة تطبيق الحريات الأربع بين الدولتين. وشدد توت على أن دولة جنوب السودان تحرص كل الحرص على سلامة ضيوفها، مستنكراً ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول شائعة تسمم النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، وقال، إنها شائعة أطلقها أصحاب الأجندة الخاصة. وجدد توت التأكيد أن بلاده ستمضي في دعم جهود إحلال السلام الشامل والاستقرار والأمن في السودان، داعياً أطراف التفاوض لتقديم مزيد من التنازلات والتضحيات من أجل الوصول إلى اتفاق سلام شامل ودائم.
القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.
ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.
ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.
وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.
وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».
وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.
أزمات الفلاحين
سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.
على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.
تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».
ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.
وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».
ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.
وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.
يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».
فرصة ثانية
يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.
أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.
ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».
أنواع جديدة
يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.
ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.