انتقادات لآلية قرار علاج «كوفيد ـ 19» بالبلازما

«الأمراض المُعدية» الأميركية تعد الخطوة «تجربة إكلينيكية عشوائية»

مريض «كوفيد - 19» في أحد مستشفيات واشنطن (أ.ف.ب)
مريض «كوفيد - 19» في أحد مستشفيات واشنطن (أ.ف.ب)
TT

انتقادات لآلية قرار علاج «كوفيد ـ 19» بالبلازما

مريض «كوفيد - 19» في أحد مستشفيات واشنطن (أ.ف.ب)
مريض «كوفيد - 19» في أحد مستشفيات واشنطن (أ.ف.ب)

أعرب العديد من الخبراء، بما في ذلك أنتوني فاوتشي، عضو فرقة العمل المعنية بفيروس «كورونا» في البيت الأبيض، عن تحفظات بشأن قوة الدراسات التي يستند إليها قرار الإدارة الأميركية في اعتماد البلازما لعلاج مرضى فيروس «كوفيد - 19». ويرى الخبراء أن الدراسة التي تستند إليها الإدارة تم إصدارها في 12 أغسطس (آب) في نسخة ما قبل الطباعة، ما يعني أنه لم تتم مراجعتها بعد من الأقران، وكشفت الدراسة عن أن 8.7% من المرضى الذين عولجوا في غضون ثلاثة أيام من التشخيص ماتوا، مقارنةً بنحو 12% من المرضى الذين بقوا على قيد الحياة بعد أربعة أيام أو أكثر من تشخيصهم وعلاجهم، أي أن الفارق يتعلق بنحو 37% بين المجموعتين.
كما كشفت الدراسة أن الذين عولجوا بالبلازما التي تحتوي على أعلى مستويات من الأجسام المضادة، كان لديهم خطر أقل بنسبة 35% للوفاة في غضون أسبوع، مقارنةً مع أولئك الذين عولجوا بالبلازما الأقل ثراءً. وترى جمعية الأمراض المُعدية الأميركية أن الطريقة المستخدمة بالدراسة ليست هي الطريقة التي يقيس بها الأطباء عادةً فائدة العلاج، لأنها تجاهلت المعيار الذهبي، وهي تجربة إكلينيكية عشوائية خاضعة للتحكم الوهمي، مما يعني أن الأطباء يختارون بشكل عشوائي من يحصل على العلاج ومن لا يحصل عليه، حتى يتمكنوا حقاً من معرفة ما إذا كان العلاج يؤثر على البقاء وليس شيئاً آخر.
وقالت الجمعية في بيان صدر أمس، إنه «رغم وجود بعض الإشارات الإيجابية التي تشير إلى أن بلازما النقاهة يمكن أن تكون مفيدة في علاج الأفراد المصابين، فإننا نفتقر إلى بيانات التجارب العشوائية المضبوطة التي نحتاج إليها لفهم فائدتها بشكل أفضل». ووصف جوناثان راينر، أستاذ الطب بجامعة جورج واشنطن، ما حدث بأنه «حيلة سياسية». وكتب على «تويتر»: «قد يكون لبلازما النقاهة بعض الفعالية، لكننا نحتاج إلى بيانات نهائية».

التعرض إلى ضغوط
وأشار الدكتور بول أوفيت، مدير مركز اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، إلى احتمال تعرض إدارة الغذاء والدواء الأميركية لضغوط، وقال لشبكة (سي إن إن)، إنه يعتقد أنه من المحتمل أن يكون البيت الأبيض ضغط على إدارة الغذاء والدواء الأميركية للموافقة.
ونفى مدير إدارة الغذاء والدواء، ستيفن هان، هذه الاتهامات، وقال في تصريحات صحافية، إن ترمب لم يتحدث معه أو إلى الوكالة بشأن قرارها الأخير، ولم يكن له دور على الإطلاق.
ولا تبدو منظمة الصحة العالمية متحمسة تجاه هذه الطريقة في العلاج، وقالت المنظمة الشهر الماضي إن «بلازما المتعافين يمكن توفيرها على أساس تجريبي من خلال الإنتاج المحلي بشرط استيفاء المعايير الأخلاقية ومعايير السلامة لإعدادها واستخدامها».
قبل أيام معدودة، أعلنت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كايلي ماكيناني، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيعقد مؤتمراً صحافياً في المساء لإعلان «اختراق علاجي كبير لفيروس كورونا المستجد».
وبينما كان العالم في انتظار الإعلان عن علاج جديد يتعامل مع الفيروس وليس أعراضه، كأغلب الأدوية المستخدمة في البروتوكولات الحالية، تمخضت المفاجأة عن إعلانه أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية منحت تصريحاً طارئاً لاستخدام بلازما دم المتعافين في علاج المرضى الجدد.
وهذه التقنية ليست جديدة واستُخدمت منذ أكثر من 100 عام خلال وباء الإنفلونزا الإسبانية، كما استُخدمت مع فيروس إيبولا عام 2014، وتقوم فكرتها على الاستفادة من استجابة الجهاز المناعي للفيروس لدى المتعافين، حيث يقوم بإنشاء أجسام مضادة تقوم بمهاجمته، وبمرور الوقت تتراكم هذه الأجسام في الجزء السائل من الدم «البلازما»، ويتم عزلها من البلازما لاستخدامها في علاج المصابين.
وأُجري العديد من الأبحاث على استخدام هذه التقنية في علاج مرض «كوفيد – 19» الذي يسببه فيروس «كورونا» المستجد، غير أن هذه الأبحاث لم تستطع أن تحسم عاملي الفاعلية والأمان في المرض الجديد، وهو ما دفع إدارة الغذاء والدواء الأميركية في وقت سابق إلى الإحجام عن التصريح باستخدامها.

الاستخدام الطارئ
وجاء التصريح الأخير بالاستخدام عشية المؤتمر الوطني الجمهوري، حيث أطلق ترمب حملته للفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض، وبعد يوم من اتهام ترمب لإدارة الغذاء والدواء بعرقلة طرح اللقاحات والعلاجات لأسباب سياسية. وقبل يوم واحد من إعلان إدارة الغذاء والدواء الأميركية، قال ترمب في تغريدة على «تويتر»: «إن الدولة العميقة، أو أي شخص آخر في إدارة الغذاء والدواء يجعل من الصعب جداً على شركات الأدوية الحصول على أشخاص لاختبار اللقاحات والعلاجات... من الواضح أنهم يأملون في تأخير الإجابة إلى ما بعد الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)... يجب التركيز على السرعة وإنقاذ الأرواح».
وبعد إعلان إدارة الغذاء والدواء موافقتها على التصريح المؤقت باستخدام بلازما الدم، قال الرئيس للصحافيين: «هذا ما كنت أتطلع لفعله منذ فترة طويلة... يسعدني أن أصدر إعلاناً تاريخياً حقاً في معركتنا ضد فيروس الصين الذي سينقذ أرواحاً لا تُعد ولا تحصى».
ووصف ترمب البلازما بأنها علاج قوي، مناشداً الأميركيين التقدم بالتبرع بالبلازما إذا تعافوا من المرض.
من جانبها، بررت إدارة الغذاء والدواء الأميركية تحول موقفها بأن أعطت العلاج «تصريح الاستخدام الطارئ»، بدلاً من الموافقة الكاملة، قائلة إن الأبحاث المبكرة تشير إلى أن بلازما الدم يمكن أن تقلل الوفيات وتحسن صحة المريض إذا تم إعطاؤها خلال الأيام الثلاثة الأولى من دخول المستشفى. وإنها خلصت إلى أن الوضع آمن بعد مراجعة نتائج 20 ألف مريض تلقوا العلاج حتى الآن.
وأضافت: «الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 80 عاماً والذين لم يستخدموا جهاز التنفس الصناعي وتلقوا البلازما التي تحتوي على مستويات عالية من الأجسام المضادة استفادوا أكثر من العلاج، مع معدل بقاء أفضل بنسبة 35% بعد شهر من العلاج، مقارنةً بأولئك الذين تلقوا البلازما، التي تحتوي على مستوى منخفض من الأجسام المضادة». وقال بيتر ماركس، مدير مركز تقييم وأبحاث البيولوجيا التابع لإدارة الغذاء والدواء، في بيان: «يبدو أن المنتج آمن، ونحن مرتاحون لذلك».


مقالات ذات صلة

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.