عثر فريق بحثي من البرازيل على أول دليل على إصابة خلايا عضلة القلب بفيروس «كورونا المستجد»، في حالة طفل برازيلي توفي بسبب قصور في القلب إثر إصابته بمتلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة (MIS - C)، المرتبطة بمرض «كوفيد – 19» الذي يسببه الفيروس.
وُصفت الحالة في تقرير نُشر 20 أغسطس (آب) الجاري، في دورية «ذا لانسيت شيلد»، وتقول ماريسا دولنيكوف، الكاتبة الرئيسية للورقة، وهي أستاذة بقسم علم الأمراض بجامعة ساو باولو، إنها تُظهر بشكل واضح أن التهاب عضلة القلب من المحتمل أن يكون استجابة التهابية مباشرة لعدوى الفيروس.
وتضيف في تصريحات لموقع «ميد سكيب» الطبي الأميركي، أول من أمس: «تقرير الحالة الخاص بنا هو الأول على حد علمنا لتوثيق وجود جزيئات فيروسية في أنسجة القلب، علاوة على ذلك، تم التعرف على الجزيئات الفيروسية في سلالات مختلفة من خلايا القلب، بما في ذلك خلايا عضلة القلب، والخلايا البطانية، وخلايا اللحمة المتوسطة، والخلايا الالتهابية».
وكانت تقارير حالات سابقة ربطت بين (كوفيد – 19) والقلب، قد وجدت أن الفيروس كان في المنطقة خارج خلايا عضلة القلب، لكن الحالة التي اكتُشفت في البرازيل مقلقة جداً، لأنها تُظهر لأول مرة أن الفيروس يمكن أن يغزو خلايا عضلة القلب نفسها، كما يقول مايكل جيبسون، المدير التنفيذي لمعهد (Baim) للأبحاث السريرية في بوسطن في التقرير ذاته الذي نشره موقع «ميد سكيب».
وكان فحص الموجات فوق الصوتية الذي أُجري للحالة بعد الوفاة قد أظهر عدوى في بِطانة القلب (شِغاف القلب) وعضلة قلب سميكة (18 مم في البطين الأيسر)، وانصباب تأموري صغير (تجمُّع لسوائل زائدة حول القلب)، وبؤر نخر في عضلة القلب.
وكشف الفحص المجهري الإلكتروني لأنسجة القلب عن جسيمات فيروسية خارج الخلية وداخل خلايا عضلة القلب، والخلايا البطانية الشعيرية والخلايا الليفية، كما شوهدت تجلطات صغيرة في الشرايين الرئوية والشعيرات الدموية الكبيبية الكلوية، ونخر أنبوبي حاد في الكلى ونخر كبدي مركزي ثانوي للصدمة.
ويأتي تقرير الحالة في وقت يلفت فيه المجتمع العلمي في جميع أنحاء العالم الانتباه إلى «متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة» وضرورة التعرف عليه سريعاً ومعالجته عند الأطفال.
وتؤكد العلاقة المباشرة بين الفيروس والتهاب عضلة القلب التي عُثر عليها في هذه الحالة، أن متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة أحد الأشكال الممكنة لأعراض (كوفيد – 19)، وأن القلب قد يكون العضو المستهدف.
يقول سكوت أيدين، مدير العناية المركزة للقلب للأطفال بمستشفى «ماونت سيناي» بنيويورك، إن تقرير الحالة هذا «للأسف ليس مفاجئاً للغاية».
ويضيف في التقرير الذي نشره موقع «ميد سكيب»: «اشتبهنا قبل شهور في وجود آليات للإصابة المباشرة وغير المباشرة لعضلة القلب بسبب الفيروس، وهذا التوصيف المهم للحالة هو مجرد خطوة لزيادة فهم آليات كيفية تسبب (كوفيد – 19) في إحداث فوضى في جسم الإنسان وخيارات العلاجات الممكنة لدينا».
من جانبه، يصف محمد سمير، أستاذ الأمراض المشتركة بجامعة الزقازيق المصرية، نتائج الدراسة بالمهمة، كونها توثق لاستهداف العضو بشكل مباشر عن طريق الفيروس، حيث كانت كثير من الأبحاث يربط التداعيات السلبية على القلب والدماغ بعد الإصابة بالفيروس بحدوث عاصفة السيتوكين، وهي رد فعل مناعي مبالغ فيه يمكن أن يسبب أضراراً كبيرة بأعضاء الجسم تستمر لفترة طويلة المدى.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الآن نحن أمام دليل يوثق لحدوث استهداف من الفيروس لعضلة القلب، وكيفية حدوث ذلك وأسبابه تحتاج إلى مزيد من الدراسات»، مضيفاً: «المعروف أن الفيروس يرتبط بمستقبلات (ACE2) الموجودة بالجهاز التنفسي العلوي، فهل توجد مستقبلات بالقلب تسمح للفيروس باقتحامه؟ هذا هو السؤال التالي الذي يبحث عن إجابة».
أول دليل علمي على استهداف «كورونا» عضلة القلب
أول دليل علمي على استهداف «كورونا» عضلة القلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة