احتكاك عسكري أميركي ـ روسي على الحدود السورية ـ العراقية

تزامناً مع تحليق طائرتين حربيتين روسيتين

جندي أميركي على الطريق السريعة بين القامشلي والمالكية المحاذية للحدود العراقية - التركية (الشرق الأوسط)
جندي أميركي على الطريق السريعة بين القامشلي والمالكية المحاذية للحدود العراقية - التركية (الشرق الأوسط)
TT

احتكاك عسكري أميركي ـ روسي على الحدود السورية ـ العراقية

جندي أميركي على الطريق السريعة بين القامشلي والمالكية المحاذية للحدود العراقية - التركية (الشرق الأوسط)
جندي أميركي على الطريق السريعة بين القامشلي والمالكية المحاذية للحدود العراقية - التركية (الشرق الأوسط)

حصل احتكاك عسكري جديد بين القوات الأميركية والجنود الروس، يوم أمس، لدى اعتراض دورية أميركية لأخرى روسية حاولت الاقتراب من الحدود العراقية بالريف الشرقي لمدينة القامشلي. والاشتباك وقع على الطريق السريعة الواصلة بين القامشلي ومدينة المالكية (ديريك) المؤدية إلى المعبر الحدودي مع إقليم كردستان العراق، عندما قطعت الدورية الأميركية الطريق أمام الشرطة العسكرية الروسية التي كانت تنوي التوجه إلى منفذ «سيمالكا» الحدودي، لكن الأخيرة أُجبرت على العودة إلى مواقعها بالقامشلي.
ونقل أهالي وشهود عيان تواجدوا أثناء التشابك، بأن 4 مدرعات أميركية لاحقت ثلاث عربات للشرطة العسكرية الروسية، واعترضت طريقها في بلدة القحطانية (كري سبيه)، الواقعة على بعد 30 كيلومتراً شرقي القامشلي، بالتزامن مع تحليق طائرتين حربيتين للسلاح الجوي الروسي في سماء المنطقة. وتنتشر القوات الروسية ونقاط عسكرية للقوات النظامية الموالية للأسد، على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا شمالاً، باتفاق مع «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن منذ أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي بعد سيطرة تركيا وفصائل سورية موالية على مدينتي رأس العين بالحسكة، وتل أبيض بالرقة.
وبحسب سكان المنطقة وعلى مدار الأيام الماضية، تجوب دوريات أميركية بشكل دوري لتعقب الدوريات الروسية، وتقف عند مفترق الطرق الرئيسية والفرعية في أرياف القامشلي وديريك، حيث تحاول القوات الروسية الوصول إلى معبر «سيمالكا» والمثلث الحدودي للانتشار في المناطق المحاذية للحدود مع تركيا، لكن واشنطن تستخدم هذا المعبر منفذاً رئيسياً لعبور القوافل العسكرية من قواعدها في العراق المجاور لدعم قواتها المنتشرة شرقي الفرات.
وعززت القوات الأميركية انتشارها في ريف الحسكة، وأدخلت الأحد الماضي قافلة تضم 50 شاحنة إلى قرية «تل بيدر» كانت محملة بمعدات عسكرية ومواد لوجيستية قادمة من قواعدها بإقليم كردستان العراق المجاور، والقرية تقع عند تقاطع الطريق الدولية (m4) وتؤدي إلى بلدة تل تمر غرباً، وناحية الدرباسية شمالاً، ومحافظة الحسكة جنوباً، ومدينة القامشلي شرقاً. وكانت قافلة ثانية وصلت مطلع الأسبوع الحالي حاملة عتاداً عسكرياً ومواد لوجيستية وصهاريج وصلت للقاعدة الأميركية في بلدة الشدادي جنوب الحسكة، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقال «المرصد» في بيان نُشر على حسابه الرسمي، أمس، إنه وصلت نحو 13 آلية عسكرية روسية محملة بالمعدات اللوجيستية والأسلحة والذخائر قادمة من مناطق سيطرة النظام السوري، توجهت نحو قاعدتها في بلدة عين عيسى الواقعة بالريف الشمالي لمحافظة الرقة.
ويقول العقيد الأميركي مايلز كيغينز، المتحدث الرسمي لقوات التحالف الدولي في تصريح، إنه وقبل 5 سنوات وقّعت كل من قوات التحالف الدولي بسوريا والقوات الروسية اتفاقيات تنص على عدم التعرض، «لدينا مكتب خاص بعدم التعرض مع القوات الروسية، ولدى موسكو مكتب للتنسيق بشكل يومي لحركة الدوريات العسكرية لكل جهة، ليتم تحديد البرامج ووجهة الدورية والمجال الجوي للطيران الحربي». ويشرح المسؤول الأميركي، إنها آلية تنسيق للتوصل إلى تفاهم بحسب أولويات كل جهة عسكرية، كما تتم عبرها مناقشة كل المستويات المتعلقة بانتشار القوات الحليفة على الأرض، مضيفاً «كل طرف يعلم تماماً إلى أين ستذهب الجهة الثانية، وما هي الدواعي لتسير دورية في تلك المنطقة».
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن دورياتهم تنتشر في المناطق التي هزمت تنظيم «داعش» شرقي الفرات. وعن مشاهدة سكان المنطقة في تل تمر والقامشلي وديريك والحسكة اعتراض دورية أميركية لمثيلاتها الروسية في الطرقات الرئيسية، أوضح العقيد كيغينز «سرعان ما يتصل ضابط ارتباط يكون مع الدورية مع غرفة العمليات المشتركة، وتأتي الأوامر بعدم التصعيد وحل النزاع والعودة إلى نقاطها، وجنود وضباط الطرفين سرعان ما يلتزمون بالانضباط». ولفت إلى أنهم يشاهدون ويسمعون من السكان المحليين تقربهم للقوات الأميركية ويلقون عليهم التحية، ليقول «نعم، نشاهدهم يبتسمون لنا عندما تسير دورية ترفع علماً أميركياً».
ونشرت وكالات ومواقع محلية بينها «ولاتي نيوز» و«نورث برس» و«شبكة آسو» ووكالة «هاوار»، تقارير ومقاطع فيديو تظهر قيام الأهالي بطرد الدوريات الروسية، وبثت مقاطع مباشرة أثناء محاولة القوات الروسية تشييد نقاط عسكرية أو مواقع، لكنها تعرضت لمنع الأهالي وقوبلت باحتجاجات ومطالبات بالخروج.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.