آبي أحمد يبحث في الخرطوم تطوير العلاقات بعد تقارب مصري ـ سوداني

دعا حمدوك إلى زيارة إثيوبيا و{سد النهضة»

حمدوك لدى استقباله نظيره الإثيوبي آبي أحمد في الخرطوم (رويترز)
حمدوك لدى استقباله نظيره الإثيوبي آبي أحمد في الخرطوم (رويترز)
TT

آبي أحمد يبحث في الخرطوم تطوير العلاقات بعد تقارب مصري ـ سوداني

حمدوك لدى استقباله نظيره الإثيوبي آبي أحمد في الخرطوم (رويترز)
حمدوك لدى استقباله نظيره الإثيوبي آبي أحمد في الخرطوم (رويترز)

بحث رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، خلال زيارة رسمية خاطفة إلى الخرطوم أمس، تطوير العلاقات مع السودان، وأجرى مشاورات مع نظيره السوداني عبد الله حمدوك، حول نزاع «سد النهضة»، بعد حدوث تقاري مصري - سوداني، تجسد في مواقف ثنائية حازمة ظهرت مؤخراً؛ الأمر الذي قد يتسبب في مزيد من الضغط الدولي على أديس أبابا.
ووفق مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى الخرطوم، أمس، تستهدف - فضلاً عن ملفات ثنائية متشابكة - «استمالة» الموقف السوداني لصالحها، في مفاوضات السد، بما يجنّبها اتهامات بإفشال مساعي الحل.
ووصل آبي أحمد إلى الخرطوم، على رأس وفد رفيع يضم وزراء الدفاع والخارجية والمياه والري، وعدداً من كبار المسؤولين، واستقبله في مطار الخرطوم رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك.
وقال حمدوك في إفادات قصيرة مع ضيفه، إن العلاقات بين البلدين ستسهم في إقامة تكامل يفيد الإقليم، وتابع موجهاً حديثه لرئيس الحكومة الإثيوبية «زيارتك الحالية خاصة جداً؛ لأنها تتزامن وذكرى توقيع الوثيقة الدستورية التي أسهمت في توقيعها... وأنتهز الفرصة للإشادة بالدور القيادي المهم الذي لعبته لمساعدتنا للوصول للمرحلة الانتقالية».
وتوقع حمدوك في كلمته الوصول لاتفاق في المفاوضات الجارية بين كل من السودان ومصر وإثيوبيا برعاية الاتحاد الأفريقي، بقوله «تبقت قضايا محدودة، وأنا واثق من الوصول لاتفاق حولها».
بدوره، قال آبي أحمد، إن الطرفين بحثا العلاقات الثنائية، وتوصلا لتفاهمات مثمرة بشأن سد النهضة، والتكامل الاقتصادي بين البلدين، فضلاً عن بحث قضايا السلام والأمن في الإقليم، ودعا للوصل لتفاهمات يكون فيها «الكل رابحاً» بين البلدين وبين بلدان حوض النيل، وتابع «توصل لنتائج مثمرة».
ودعا أحمد في ختام كلمته حمدوك لزيارة إثيوبيا، وزيارة مقر سد النهضة بقوله «آمل أن يزور رئيس الوزراء إثيوبيا، وربما نزور معاً مشروعنا المشترك سد النهضة».
وأجرى الطرفان جلسة مباحثات رسمية برئاسة رئيسي الوزراء، قبل أن يعقد الوزراء مع نظرائهم اجتماعات ثنائية، ثم أجرى أحمد مباحثات مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
وبحسب بيان صحافي بنهاية الزيارة، بحث الجانبان سُبل تقوية وتوسيع وتعميق التعاون الثنائي في المجالات كافة، وجدد الطرفان دعمهما كلاً للآخر، وتعزيز مساعيهما في تحقيق الاستقرار والسلام والديمقراطية. وأعلن البلدان الشروع في إقامة تكامل إقليمي لتلبية تطلعات شعبيهما في السلام والتنمية والوحدة الأفريقية، ولإقامته اتفقا على تنشيط كل الآليات الثنائية الموجودة بينهما لترقية التعاون. وجدد الوفد الإثيوبي الدعم لمطالب السودان المشروعة في إزالة اسمه من قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب وإعفاء ديونه، في حين نوقشت خلال المباحثات عدد من القضايا الدولية والإقليمية محل الاهتمام المشترك.
وأكد الطرفان، الإثيوبي والسوداني، على بذل الجهود للوصول لنهاية ناجحة لمفاوضات سد النهضة الثلاثية الجارية برعاية الاتحاد الأفريقي، للوصول لصيغة «الجميع رابحون» وتحويل السد لأداة تكامل بين الدولة المتشاطئة.
وبحث الجانبان النزاع الحدودي السوداني - الإثيوبي، واتفقا على معالجة المسائل العالقة بما يخص خط الحدود والمناطق الحدودية، ووجها الآليات المشتركة الخاصة بمواصلة عملها بنفس روح التعاون والإنصاف والعقل المفتوح؛ للوصول لحلول مقبولة للطرفين. ووفقاً للبيان، اختتمت الزيارة باجتماع بين رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وربط عدد من المراقبين زيارة آبي أحمد، بزيارة مماثلة أجراها نظيره المصري مصطفى مدبولي، إلى الخرطوم منتصف الشهر (أغسطس/آب) الحالي، وهي الزيارة التي شهدت بياناً مشتركاً يطالب باتفاق نهائي لنزاع سد النهضة، يضمن عدم الإضرار بدولتي المصب (مصر والسودان). تقول الدكتورة هبة البشبيشي، خبيرة الشؤون الأفريقية «يبدو أن أحمد يرد على زيارة مدبولي للسودان بزيارة أمس».
وتوقعت البشبيشي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تسهم تلك المحادثات الثنائية في لعب السودان «دور الوسيط» بصورة ديناميكية ومؤثرة، بما قد يذلل الخلافات التي تعيق أي تقدم في المفاوضات الراهنة. ويسعى السودان إلى الحفاظ على منشآته المائية من مخاطر سد النهضة، وحصته المائية، وهي مصالح مشتركة مع مصر، غير أنه في المقابل مهتم بالاستفادة من الكهرباء التي سيولدها سد النهضة ودوره في تنظيم فيضان النيل الأزرق الذي يتسبب في أضرار للسودان. ويعتقد الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية الأسبق في مصر، أن «إثيوبيا لن تتنازل عن الشريك السوداني السابق بسهولة، وأن الفترة القادمة قد تشهد كثيراً من المحاولات الإثيوبية لاستمالة السودان بأي وسيلة لتحقيق أهدافها غير الشرعية من سد النهضة، وتجنب اتهامها بأنها السبب في عدم نجاح المفاوضات».
ومنذ 2011، تتفاوض الدول الثلاث للوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، لكنها رغم مرور هذه السنوات أخفقت في الوصول إلى اتفاق. في المقابل، يسعى السودان، وفقاً لعلام، لأخذ مسافة واحدة من مصر وإثيوبيا، وإيجاد حلول وسط للتعنت الإثيوبي، مثل بند فض المنازعات، فبدلاً من اللجوء للقضاء الدولي تقترح السودان «وسيطاً ملزماً»، لكن تبقى مشكلة اختيار الوسيط والتوافق حوله، ثم ضمان حيادته والتزامه بالقانون الدولي.
وتخشى القاهرة تضرر حصتها السنوية من مياه النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب، التي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة، بينما ترغب إثيوبيا في أن يتضمن أي اتفاق نهائي تقاسم مياه نهر النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، التي تقول إثيوبيا إن مصر تحصل على نصيب الأسد فيه.
وبدأت مطلع يوليو (تموز) الماضي، جولة جديدة من المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، وحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وخبراء مفوضية الاتحاد الأفريقي، تعمل حالياً على التفاوض حول نسخة أولية مجمعة مُعدة من مقترحات الدول الثلاث بشأن سد النهضة.
ومن المقرر رفع التقرير النهائي إلى دولة جنوب أفريقيا، الرئيسة الحالية للاتحاد، يوم الجمعة المقبل.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.