من المفترض أن تدخل الولايات المتحدة الأميركية وحركة طالبان مرحلة جديدة من الاتفاقية المبرمة بين الطرفين في فبراير (شباط) الماضي، وذلك برفع العقوبات الأميركية على أعضاء حركة طالبان غداً (الخميس)، وذلك مقابل التزام الحركة بتعهداتها التي وافقت عليها مع واشنطن، بعدم تأييد «القاعدة» والمنظمات الإرهابية أو إيوائهم، أو مساعدتهم في استخدام الأراضي الأفغانية لمهاجمة المصالح الأميركية أو قواتها العسكرية.
وبحسب الاتفاقية بين الطرفين التي تم إبرامها في نهاية فبراير (شباط) الماضي، بعد رحلات مكوكية ومشاورات طويلة، فإن الالتزامات الأميركية الأخرى ستعمل على تسهيل تبادل الأسرى بين «طالبان» والحكومة الأفغانية، ورفع العقوبات الأميركية على أعضاء «طالبان»، والسعي مع مجلس الأمن في الأمم المتحدة لرفع العقوبات أيضاً عن «طالبان».
ونصت الاتفاقية على أن «طالبان» ملزمة بعدم السماح لأعضاء الحركة أو الجماعات الأخرى، بما في ذلك «القاعدة»، باستخدام الأراضي الأفغانية لتهديد الولايات المتحدة أو حلفائها، عن طريق منع التجنيد والتدريب وجمع الأموال لمثل هذه الأنشطة. وسبق الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة أسبوع بين الطرفين قبل إبرام الاتفاقية، لكن العنف بين «طالبان» وقوات الحكومة الأفغانية لم يتوقف منذ 29 فبراير (شباط).
وكانت الحكومة الأفغانية قد رفضت، تحت ضغوطات خارجية من دول كثيرة، إطلاق سراح 400 شخص من القائمة التي حددتها «طالبان»، وذلك بذريعة أنهم «خطيرين جداً»، وعرضت على الحركة استبدال أسرى آخرين بهم.
وأكدت حكومة الرئيس أشرف غني أنها أفرجت عن 4600 سجين مدرجين في قائمة مساجين «طالبان»، وذلك بضغط من واشنطن، فيما أعلنت «طالبان» عن إفراجها عن نحو ألف معتقل. ومع ذلك، يقاوم الرئيس الأفغاني إطلاق سراح الـ400 شخص المتبقين في القائمة، زاعماً أنهم متورطون في جرائم خطيرة، بما في ذلك تفجير ضخم عام 2017 ضد السفارة الألمانية، وغيرها من الهجمات الدموية. وبسبب ذلك، توقفت المفاوضات والمناقشات التي كان من المفترض أن تبدأ الأسبوع الماضي، وعلمت «الشرق الأوسط» أن الولايات المتحدة حاولت عبر المساعي الدبلوماسية حل الخلاف بين الطرفين، وتقريب وجهات النظر لإنهاء هذا الصراع الدموي المستمر طيلة 18 عاماً، بيد أن حركة طالبان لا تزال ملتزمة بموقفها من الإفراج عن الـ400 سجين.
وفي سياق متصل، كشف المفتش العام في وزارة الدفاع الأميركية، في تقريره الأخير، عن التزام حركة طالبان المسلحة بعدم مهاجمة القوات الأميركية في أفغانستان خلال الأشهر الماضية التي بدأت منذ توقيع اتفاقية السلام المبدئية بين الطرفين، مؤكداً أنها لم تطلق رصاصة واحدة على الجيش الأميركي، بيد أنه لم ينكر استمرار العنف والتفجيرات والاشتباكات بين الحركة المسلحة وقوات الأمن التابعة للحكومة الأفغانية.
وأوضح التقرير الدفاعي الذي اطلعت «الشرق الأوسط» عليه أن حركة طالبان التزمت بالاتفاقية التي أبرمتها مع الولايات المتحدة في نهاية فبراير (شباط) الماضي، ولم تشن هجوماً واحداً ضد القوات الأميركية أو قوات التحالف على مدى 3 أشهر هذا الربيع، وهي الفترة التي يغطيها التقرير؛ من أبريل (نيسان) حتى مطلع يوليو (تموز). وأدى ذلك إلى انخفاض العنف المبلغ عنه في البلاد بنسبة 80 في المائة، مما انعكس أيضاً على انخفاض في الضربات الجوية التي نفذتها القوات الأميركية وقوات التحالف خلال الفترة نفسها.
ومع انخفاض عدد القوات الأميركية إلى أقل من 8600 جندي في أفغانستان، بعد أن كانوا 14 ألف جندي، فإن الحكومة الأميركية تعتزم خفضها أكثر، لتصل قبل نوفمبر (تشرين الثاني) إلى ما يقل عن 5 آلاف جندي هناك، رغم معارضة كثير من القيادات الأميركية العسكرية، وعلى رأسهم وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الذي عبر في أكثر من مناسبة عن أنه غير راضٍ عن أداء الحركة المسلحة في الميدان، ومدى التزامها بتنفيذ بنود الاتفاقية، وكذلك الحال في تصريحات الجنرال جون كيلي رئيس هيئة الأركان الأميركية، والجنرال كينيث ماكنزي رئيس القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط.
ووفقاً لتقرير وزارة الدفاع الأميركية، فإن هذا التصعيد في الهجمات يأتي في الوقت الذي تخطط فيه وزارة الداخلية الأفغانية لحل الشرطة الأفغانية المحلية المسلحة المجهزة الممولة من الولايات المتحدة، التي تتكون من أكثر من 18 ألف فرد منتشرين في مختلف مناطق أفغانستان، مفصحاً عن نقص مقلق في الموظفين بين قوات الشرطة المحلية في مقاطعات قندهار وزابول وهلمند وأوروزغان، وكثير من المقاطعات التي تتنازع عليها طالبان حالياً.
واشنطن لرفع العقوبات عن أعضاء «طالبان» غداً
واشنطن لرفع العقوبات عن أعضاء «طالبان» غداً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة