الجزائر: مطالبات بضمان نزاهة استفتاء تعديل الدستور

حركة إسلامية تتحفظ وتتهم السلطة بـ«الفوقية»

الجزائر: مطالبات بضمان نزاهة استفتاء تعديل الدستور
TT

الجزائر: مطالبات بضمان نزاهة استفتاء تعديل الدستور

الجزائر: مطالبات بضمان نزاهة استفتاء تعديل الدستور

طالبت قوى جزائرية بضمان نزاهة الاستفتاء على مقترحات لتعديل الدستور الذي أعلنت الرئاسة، مساء أول من أمس، إجراءه في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بعدما عرض الرئيس عبد المجيد تبون المقترحات على الطبقة السياسية لإبداء الرأي فيها.
ودعت «حركة البناء» الإسلامية إلى أن يكون الاستفتاء على تعديل الدستور «بعيداً عن أي وصاية أو تزوير». وقال رئيس «البناء» عبد القادر بن قرينة في بيان، أمس، إن حزبه «يأمل في أن يشكل هذا الموعد فرصة لتكريس بداية التحول الديمقراطي الحقيقي، وأن يمكّن من استعادة ثقة الشعب في المؤسسات وتجاوز الأزمة المتعددة الأبعاد ويكون نقطة أمل لتجسيد تطلعات شباب الحراك المليوني الحضاري، وانطلاقة حقيقية لمسار بناء مؤسسات الدولة التي حلم بها الشهداء ويحلم بها اليوم الأبناء، عبر تحصين عناصر هوية الأمة وتعزيز الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية وتمتين النسيج المجتمعي».
وأوضح بن قرينة، الذي ترشح لانتخابات الرئاسة نهاية العام الماضي، أنه «يترقب أن يكون المشروع التمهيدي لتعديل الدستور المزمع طرحه للاستفتاء، قد استجاب إلى مساهمات المكونات الفاعلة في الوطن، من أحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات من المجتمع المدني وشخصيات وطنية، واستند إلى المقترحات التي قدمتها، بما يترجم طموحات الشعب الجزائري، في إرساء قواعد دستورية، تجسيداً لتطلعاته نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية».
ويتضمن تعديل الدستور تبديل منصب الوزير الأول برئيس حكومة. غير أنه لن يكون منبثقاً من الأغلبية التي تفوز في الانتخابات التشريعية، وإنما يختاره الرئيس. وقد أثار ذلك حفيظة قطاع من الأحزاب التي انتقدت احتفاظ الرئيس بصلاحيات واسعة في مسودة تعديل الدستور. وأكدت الرئاسة، رداً على ردود الفعل على الوثيقة، أن «المجتمع غير مهيأ لتغيير نظام الحكم». وأبعدت الوثيقة وزير العدل ورئيس المحكمة العليا من تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء. كما نصّت على تضمين الدستور إنشاء سلطة عليا لمحاربة الفساد.
وتضمنت أيضاً حظر أكثر من ولايتين رئاسيتين متتاليتين أو منفصلتين، وتحديد العهدة البرلمانية بعهدتين فقط، مع إمكانية تعيين رئيس الجمهورية نائباً له، وهو مشروع كان مطروحاً في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لكن تم التخلي عنه في تعديل للدستور عام 2016.
وتعهد الرئيس تبون بحل البرلمان والمجالس البلدية والولائية بعد الاستفتاء على الدستور. وقال إنه «ستتم مواصلة العمل بالدستور الحالي إذا رفض الشعب المراجعة التي أقترحها عليه». وتم في الوثيقة دسترة الحراك الشعبي الذي اندلع في 22 فبراير (شباط) من العام الماضي وأدى إلى استقالة بوتفليقة.
وأعلنت «حركة مجتمع السلم» تحفظها على المسعى. وقال رئيس الحركة الإسلامية عبد الرزاق مقري في اجتماع حزبي، أمس، إنه كان يتمنى «إجراء حوار بين مكونات المجتمع حول وثيقة الدستور قبل عرضها على الاستفتاء، حتى يكون لدينا دستور توافقي يقوم على قاعدة عدم العبث بعناصر الهوية المتمثلة في الدين واللغة والحريات والديمقراطية».

ورأى مقري أن «رموز السلطة الجديدة وقعت في جملة من الأخطاء كالأبوية والفوقية والتحكم في كل شيء، والإيهام بأنهم يعرفون كل شيء ويقررون ما يصلح للمجتمع وما لا يصلح له، وهذه الممارسات كانت ميزة من حكموا البلاد من جيل الثورة، لكن الذين يحكمون الآن ليسوا من جيل الثورة ونحن لا نفهم لماذا يبقون على هذه الأبوية».
ووجّه معارضون انتقادات لاختيار عيد ثورة الاستقلال لتنظيم الاستفتاء، إذ لم يحدث أن وقع ذلك في الاستفتاءات الدستورية الثلاثة التي شهدتها البلاد منذ الاستقلال. ورأى هؤلاء الموعد «استغلالاً لرمز تاريخي لغرض سياسي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.