واشنطن و«التحالف» على خط أزمة المياه في الحسكة

مطالب بتحييد محطة العلوك من الصراعات السياسية والعسكرية

أزمة مياه في محافظة الحسكة بسبب تسييس محطة علوك (الشرق الأوسط)
أزمة مياه في محافظة الحسكة بسبب تسييس محطة علوك (الشرق الأوسط)
TT

واشنطن و«التحالف» على خط أزمة المياه في الحسكة

أزمة مياه في محافظة الحسكة بسبب تسييس محطة علوك (الشرق الأوسط)
أزمة مياه في محافظة الحسكة بسبب تسييس محطة علوك (الشرق الأوسط)

عقدت منسقة الخارجية الأميركية، أمس، اجتماعاً مع ممثلين من هيئات ولجان الإدارة الذاتية بمدينة الحسكة وبمشاركة خبراء من التحالف الدولي، لبحث أزمة المياه والانقطاعات المتكررة التي تشهدها محافظة الحسكة منذ سيطرة الجيش التركي وفصائل موالية، على محطة العلوك بريف رأس العين.
وبحسب مصدر حضر الاجتماع، قام وفد الإدارة بتسليم الجانب الأميركي مذكرة وبياناً موقعاً من 89 منظمة مدنية وحقوقية، احتجاجاً على استخدام ملف المياه في الصراعات العسكرية والسياسية. ونقلت مديرة مياه الحسكة لدى الإدارة الذاتية سوزدار أحمد التي حضرت الاجتماع، أن الاجتماع تم مع وفد من الخارجية الأميركية برئاسة زهرة بيلّي وخبراء فنيين من التحالف الدولي، في قاعدة الأخيرة بالحسكة. وقالت إن ممثلي المنظمات، أكدوا للمسؤولين الأميركيين وأعضاء التحالف «عدم ضخ المياه من محطة علوك حتى تاريخه، وقدمنا مذكرة احتجاج على الانتهاكات التركية واستخدام ملف المياه سلاحاً لمحاربة الإدارة الذاتية، وقد وعد الجانب الأميركي بالضغط على تركيا لحل الأزمة».
ومنذ سيطرة الجيش التركي والفصائل المسلحة الموالية، بداية أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، على مدينة رأس العين بالحسكة، بعد هجوم واسع، تحولت محطة العلوك إلى ورقة ضغط وشهدت المنطقة انقطاعاً تاماً لمياه الشرب منذ بداية الشهر الجاري، وهذا الانقطاع يعد الثامن من نوعه.
وذكرت المسؤولة الكردية أن مدينة الحسكة وريفها والمخيمات المنتشرة في محيطها، تحتاج إلى 80 ألف متر مكعب يومياً من المياه الصالحة للشرب. ولإخراج ملف المياه من الضغوط التركية وابتزازاتها، حفرت الإدارة الذاتية في منطقة الحمة الواقعة على بعد نحو 14 كيلومتراً غربي المدينة، 50 بئراً لتغطية احتياجات سكان الحسكة. وعن محطة الحمة قالت أحمد: «هي مجموعة آبار سطحية بعمق 100 متر وغزارة 15 مترا مكعبا في الساعة، أنشئت محطة بديلة لتزويد الحسكة بمياه الشرب عوضاً عن محطة علوك»، منوهة بأن هذه المحطة ستضخ المياه كل 10 أيام مرة واحدة لكل حي في المدينة: «بما يعني أنها ستحمي أهالي الحسكة من العطش فقط، لأن استطاعة هذه الآبار لا تغطي ثلث الاحتياجات مقارنة مع محطة علوك».
ومع انتشار فيروس كورونا المستجد في المنطقة وتسجيل هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية 362 حالة إصابة، وارتفاع حالات الوفاة إلى 25 خلال شهرين، تزداد المخاوف من إمكانية التصدي للوباء مع استمرار انقطاع المياه النظيفة. وقالت نحو 89 منظمة مدنية وجمعية حقوقية سورية في بيان، الاثنين، إن القوات التركية عمدت إلى قطع المياه على سكان شمال شرقي سوريا للمرة الثامنة، وإن محطة علوك «هي المصدر الوحيد لمياه الشرب وتغذي حوالي 800 ألف شخص، بالإضافة إلى كونها المصدر الرئيسي لنقل المياه بالشاحنات لمخيمات الهول والعريشة والتوينة (واشو كاني)، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر».
وقال بسام الأحمد المدير التنفيذي لـمنظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة»، إنّ هذا الحرمان المتعمد من المياه يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، ووصفه بـ«جريمة حرب»، نظراً لأنها من أبسط الحقوق الحصول على مياه صالحة للشرب وللاستعمال. وطالب بالضغط على الحكومة التركية والفصائل والمجالس المحلية المرتبطة بها: «من أجل السماح بإعادة ضخّ المياه باتجاه المناطق المحرومة منها بشكل فوري وعاجل، وضمان عدم تكرار عمليات القطع تحت أي ذريعة كانت».
ودعت المنظمات السورية في بيانها إلى تحييد محطة مياه العلوك من الصراعات السياسية والعسكرية، وإخضاع إدارتها إلى فريق متخصص ومستقل، تحت إشراف ورقابة دولية، وكف يد القوات التركية وأي طرف آخر من استخدامها كورقة ابتزاز.
وتشكو منظمات إنسانية دولية ومحلية تعمل في المنطقة من أن بدائل ضخ المياه من محطة مياه العلوك غير كافية، حيث تقوم بتوزيع المياه عبر الصهاريج بشكل متقطع، لكنها تستغرق وقتاً طويلاً، وقال عدنان حزام المتحدث الرسمي لـ«اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في حديث: «تدعو (الصليب الأحمر) كل الأطراف المنخرطة في الصراع إلى الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني، وتحييد المنشآت الخدمية والمدنية، وعلى رأسها المياه والكهرباء، من دائرة الصراعات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».