توقيفات جديدة في انفجار المرفأ والمحقق العدلي يلتقي فريق «إف بي آي»

آلية للجيش اللبناني تساهم في رفع الأنقاض في مرفأ بيروت (تويتر)
آلية للجيش اللبناني تساهم في رفع الأنقاض في مرفأ بيروت (تويتر)
TT

توقيفات جديدة في انفجار المرفأ والمحقق العدلي يلتقي فريق «إف بي آي»

آلية للجيش اللبناني تساهم في رفع الأنقاض في مرفأ بيروت (تويتر)
آلية للجيش اللبناني تساهم في رفع الأنقاض في مرفأ بيروت (تويتر)

تتسارع وتيرة التحقيقات القضائية التي يجريها المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، سواء باستجواب المزيد المدعى عليهم في الملف، أم عبر الاستنابات التي يسطرها إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية وخبراء المتفجرات الأجانب الذين يستكملون عمليات المسح الميداني لموقع الانفجار، وتحديد أسبابه وخلفياته ونوعية المواد المتفجرة، وما إذا كان ناجماً عن خطأ بشري أو استهداف أمني مدبّر، حيث عقد القاضي صوّان اجتماعاً أمس (الاثنين)، هو الأول من نوعه، مع فريق الـ«إف بي آي»، وجرى تقييم للمرحلة التي بلغتها الأعمال الفنية في المرفأ والوقت الذي يحتاجه الخبراء للانتهاء من أعمالهم.
وكشف مصدر رفيع قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن المحقق العدلي «اطلع من خبراء المتفجرات الأميركيين على آخر ما توصلوا إليه في مهمتهم، والانطباع الذي تكوّن لديهم بعد أسبوع من عملهم المتواصل في مرفأ بيروت»، مشيراً إلى أن صوّان «كلّف الفريق الأميركي بموجب استنابة رسمية، بمهام جديدة مرتبطة بطبيعة عمله (الفريق الأميركي)، وطلب أجوبة تقنية وفنية حولها في أسرع وقت، لأن هذه الأجوبة يتوقّف عليها بعض القرارات التي سيتخذها».
وفيما لم يتسلّم المحقق العدلي أي تقرير من الخبراء الفرنسيين والروس الذين يشاركون الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية في مهامها، رجّح المصدر القضائي أن «تعقد اجتماعات متلاحقة بين هؤلاء الخبراء والقاضي صوّان، لمعرفة آخر المستجدات على صعيد تحديد أسباب الانفجار التي يتوقّف عليها أمور كثيرة». وكشف المصدر أن صوّان «تلقى اتصالاً من القائم بأعمال السفارة الكندية في لبنان، أبدى خلاله استعداد بلاده لتقديم الدعم الذي يحتاجه القضاء اللبناني، الذي يساهم في جلاء حقيقة ما حصل في المرفأ والكارثة التي أصابت بيروت وكلّ لبنان».
أما على صعيد التحقيقات القضائية، فقد استجوب المحقق العدلي أمس، المدير العام السابق للجمارك اللبنانية شفيق مرعي بحضور وكيله المحامي جورج روفايل، كما استجوب المدعى عليه يوسف شبلي وهو متعهد أعمال التلحيم التي حصلت في العنبر رقم 12 قبل ساعات من الانفجار، والموظف في المرفأ مخائيل المرّ بحضور وكيلي الدفاع عنهما، وأصدر مذكرات توقيف بحقهم. وقد حصلت الاستجوابات بحضور المحامي يوسف لحود ممثلاً نقابة المحامين في بيروت، التي اتخذت صفة الادعاء الشخصي نيابة عن كلّ أهالي الضحايا والمصابين والمتضررين جراء هذا الانفجار، ليرتفع بذلك عدد الموقوفين قضائياً في كارثة المرفأ إلى تسعة أشخاص أبرزهم شفيق مرعي ومدير عام الجمارك الحالي بدري ضاهر ومدير مرفأ بيروت المهندس حسن قريطم، بالإضافة إلى مهندسين وموظفين كبار في موقع المسؤولية.
ويبقى على قائمة الاستجواب 10 موقوفين على ذمة التحقيق، وستة مدعى عليهم غير موقوفين، على أن يبدأ بعدها استجواب وزراء الأشغال والمال الحاليين والسابقين حول هذا الموضوع ومسؤوليتهم عن إبقاء مادة نترات الأمونيوم في المرفأ طيلة هذه السنوات.
وفيما ينتظر القضاء اللبناني إذناً من السلطات القبرصية، يسمح بإيفاد فريق أمني إلى لارنكا لاستجواب قبطان الباخرة «روسوس» التي نقلت شحنة «نترات الأمونيوم» إلى بيروت، تواصل النيابة العامة التمييزية تحقيقاتها في مضمون الوثيقة التي تلقتها، وتبيّن أسباب رسوّ الباخرة المذكورة في مرفأ بيروت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، والتي كان هدفها نقل شاحنات للحفر وآليات للمسح الجيولوجي إلى ميناء العقبة في الأردن، كانت وزارة الطاقة اللبنانية استقدمتها بطلب من وزير الطاقة آنذاك جبران باسيل، لصالح شركة «سبكتروم» الروسية، لإجراء مسح زلزالي وإجراء دراسات عن وجود حقول للنفط والغاز في منطقة البترون (شمال لبنان). وبتكليف من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، يغادر اليوم (الثلاثاء) وفد من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي إلى تركيا، لاستجواب الوسيط الذي توسّط مع قبطان الباخرة «روسوس» للمجيء إلى مرفأ بيروت، لنقل المعدات والآليات المذكورة بناء على طلب وزارة الطاقة.
وفي سياق استكمال المسح الميداني، كشف الجيش اللبناني عن ضبط مستوعبات جديدة في مرفأ بيروت تحتوي على مواد كيميائية خطيرة. وقال الجيش في بيان أصدره أمس: «تتواصل الإجراءات الاحترازية وعمليات المسح الشامل التي تقوم بها الفرق المتخصصة التابعة لفوج الهندسة في الجيش بالتعاون مع فريق من الخبراء الفرنسيين في منطقة المرفأ». وأضاف: «خلال الفترة الممتدة ما بين 14-8-2020 و22-8-2020، تم الكشف على 25 مستوعباً يحتوي كل منها مادة حمض الهيدريك، وكذلك على 54 مستوعباً تحتوي مواد أخرى، قد يشكل تسربها من المستوعبات خطراً»، مؤكداً أنه «تمت معالجة تلك المواد بوسائل علمية وطرق آمنة، وتجري متابعة هذه الأعمال بالتنسيق مع الإدارات المعنية العاملة ضمن المرفأ».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.