بريطانيا لضم الفلسطينيين إلى مسيرة السلام الأميركية

بومبيو في إسرائيل لسد الثغرات في الاتفاق الإسرائيلي ـ الإماراتي

مصافحة بالمرفق أثناء استقبال نتنياهو وزير الخارجية الأميركي في مكتبه أمس (د.ب.أ)
مصافحة بالمرفق أثناء استقبال نتنياهو وزير الخارجية الأميركي في مكتبه أمس (د.ب.أ)
TT

بريطانيا لضم الفلسطينيين إلى مسيرة السلام الأميركية

مصافحة بالمرفق أثناء استقبال نتنياهو وزير الخارجية الأميركي في مكتبه أمس (د.ب.أ)
مصافحة بالمرفق أثناء استقبال نتنياهو وزير الخارجية الأميركي في مكتبه أمس (د.ب.أ)

على أثر الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو إلى إسرائيل والسودان والإعلان عن زيارة وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، اليوم (الثلاثاء)، لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، ذكرت مصادر دبلوماسية في تل أبيب، أن هناك محاولة لضم الفلسطينيين إلى مسيرة السلام التي تقودها الإدارة الأميركية في المنطقة، وربما طرح رزمة شاملة تشمل دولاً عربية عدة.
وقالت هذه المصادر، إن الإدارة الأميركية، التي تسود القطيعة بينها وبين السلطة الفلسطينية، تدرك أنه من دون الفلسطينيين لا يمكن أن تكون هناك عملية سلام حقيقية. وهي تسمع هذا الكلام من جميع العواصم العربية. ولذلك تفتش عن وسيلة اتصال معهم. لكنها لا ترغب في شريك تقليدي، مثل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، ووجدته في الشريك البريطاني. ولذلك يأتي راب ويزور إسرائيل وكذلك رام الله، فيستهل اجتماعاته بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس الحكومة البديل، وزير الأمن، بيني غانتس، ووزير الخارجية، غابي أشكنازي، ثم ينتقل إلى رام الله في زيارة رسمية للسلطة الفلسطينية، يلتقي خلالها الرئيس محمود عباس.
وأعربت هذه المصادر عن قناعتها بأن الزيارة مرتبطة بدفع خطة الرئيس ترمب والرسالة الأساسية التي يحملها صاحبها، هي أن هذه الخطة قابلة للتعديل بما يلائم مصالح الجميع وأن هذه فرصة للنزول عن الشجرة والانخراط في مسيرة سلام قابلة للتنفيذ. وحسب وزير إسرائيلي سابق، معروف بتأييد عملية سلام تشمل الفلسطينيين، فإن «هنالك من يبحث عن حلول إبداعية تفكك الألغام التي انتشرت على الأرض منذ أن اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت السفارة الأميركية إليها. فقد غضب الفلسطينيون بشدة واعتبروها ضربة استراتيجية. ولكن، إذا طرح اقتراح بتحويل القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة، يمكن للأمور أن تتغير». وأضاف، رداً على سؤال إن كانت إسرائيل جاهزة لمثل هذا الموقف، أجاب الوزير الإسرائيلي «من كان يصدق أن نتنياهو يتنازل عن مخطط الضم؟ وقد فعلها مقابل الاتفاق مع الإمارات. فإذا كان سيبرم اتفاقاً مماثلاً مع السودان والبحرين وغيرهما من الدول العربية والإسلامية، ويحقق مكاسب تعزز مكانته في الحكم، فلِمَ لا يوافق على خطوات تنهي الصراع مع الفلسطينيين».
من جهته، وصل وزير الخارجية الأميركي، بومبيو، إلى إسرائيل في زيارة خاطفة وتوجه منها مباشرة إلى السودان، وسط تقديرات بأنه يسعى لتبكير الإعلان عن اتفاق سلام بين الدولتين. وقالت مصادر إسرائيلية، إن الحديث يجري عن صفقة ثلاثية تشمل رفع العقوبات الاقتصادية عن الخرطوم وشطبها من قائمة الدول المساندة للإرهاب مقابل سلام مع إسرائيل يتم بموجبه فتج أجواء السودان أمام خطوط الطيران الإسرائيلية المدنية، واستيعاب اللاجئين الأفريقيين في إسرائيل (نحو 30 ألفاً، 6500 منهم سودانيون) وتعاون أمني في البحر الأحمر. وحاول بومبيو سد بعض الثغرات التي اكتشفت في الاتفاق الإسرائيلي - الإماراتي، والتي بسببها ثارت خلافات. وحسب مصادر في تل أبيب، تذمرت قوى عربية من تصريحات نتنياهو التي نفى فيها أنه تعهد بوقف مخطط الضم، وأنه يعارض بيع الإمارات طائرات إف 35، وغيرها من الأسلحة المتطورة. وقالت هذه المصادر، إن تصريحات نتنياهو سكبت ماءً بارداً على حماسة بعض الدول العربية التي كانت مرشحة لإبرام اتفاقات مماثلة مع إسرائيل. ولذلك سارع الرئيس ترمب ومستشاره وصهره جاريد كوشنير إلى التصريح بوقف مخطط الضم والتمسك ببيع الأسلحة المذكورة للإمارات. وقد وضع بومبيو صيغة تجسر الهوة بين الطرفين، فقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو، إن بلاده «ملتزمة بالحفاظ والإبقاء على التفوق العسكري لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط»، وفي الوقت نفسه، قال إن «لأميركا علاقات عسكرية وطيدة مع الإمارات، وعليه ستواصل واشنطن فحص مسار صفقة الأسلحة وبيع الإمارات الطائرات للدفاع عن ذاتها من التهديد الإيراني».
وفي بيان مشترك، جاء أن المشاورات التي جمعت بومبيو ونتنياهو في القدس الغربية، أمس (الاثنين)، «تمحورت حول تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، واتفاقيات التطبيع والتحالف مع الإمارات، والنووي الإيراني واستئناف العقوبات على طهران». وقال نتنياهو، على مسمع قيادة جيشه ووزارتي الدفاع والخارجية، الذين غضبوا من استثنائهم وإخفاء المعلومات حول الاتفاق مع الإمارات عنهم وراحوا يهاجمونه على موافقته على صفقة أسلحة للإمارات من دون استشارة الجيش، إن «الاتفاق مع الإمارات لا يشمل موافقة إسرائيل على أي صفقة أسلحة»، و«أنا لا أعرف هذه الصفقة. وبعد الاجتماع مع العزيز بومبيو نؤكد أن موقفنا لم يتغير». وأضاف رئيس الحكومة الإسرائيلية «لقد علمت من بومبيو، لقد سمعت التزاماً قوياً بأن الولايات المتحدة على أي حال ستضمن الميزة النوعية لإسرائيل. وقد ثبتت صحة ذلك على مدى أربعة عقود مع مصر، وعقدين مع الأردن. وقد أوفت الولايات المتحدة بهذا الالتزام وليس لدي شك في أنها ستفعل ذلك».
وعاد نتنياهو لتمجيد خطه السياسي ضد إيران، مشيداً بشأن استئناف العقوبات على إيران، قال «مجلس الأمن يجلس جانباً ولا يحرك ساكناً ولا ينضم إلى آليات فرض العقوبات، فهذه فضيحة. يعني أن هذا النظام الإيراني سيحصل على دبابات وطائرات وأسلحة لمواصلة حملته العدوانية في المنطقة والعالم».
وأشار نتنياهو إلى أنه يلتقي بومبيو للمرة الثانية عشرة، منذ تعيينه وزيراً للخارجية، وهذا عدا عن عشرات المحادثات الهاتفية. وأشاد بالحلف التاريخي الذي يربط الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر. وقال، حدث أمران مفصليان منذ لقائنا الأخير. أولهما هو تصديكم للعدوان الإيراني وتفعيلكم آلية إعادة العقوبات (Snapback Sanctions). وأشيد بكما على قيامكما بذلك. فأنا أعتقد بأن الناس يجب أن يدركوا بأن الصفقة مع إيران قد فشلت تماماً كما توقعنا؛ كونها لم تخفف من حدة التصرفات العدوانية الإيرانية، بل زادت الطين بلة بتغذيتها وتكثيفها. ومنذ إبرام الاتفاقية النووية، شاهدنا كيف انطلقت إيران من مغارتها لتلتهم وتفترس الدولة تلو الأخرى، وتستهدف الدول بالصواريخ والإرهاب والابتزاز والسرقة والقتل، في كل أرجاء الشرق الأوسط وخارجه، بما في ذلك في منطقتكم. إن مشاهدة مجلس الأمن وهو يمتنع عن الانضمام إلى آلية إعادة العقوبات الأميركية بل يعترض عليها حتى، أمر اعتبره مخزياً. إنه يعني حصول على النظام على دبابات، وطائرات، وصواريخ ومنظومات دفاعية مضادة لطائرات واستمرار حملتها العدوانية في أنحاء هذه المنطقة والعالم».
وأضاف نتنياهو «أما الأمر الآخر الذي حصل، وهو أمر تاريخي بالقدر نفسه، فهو التوصل إلى معاهدة السلام الإسرائيلية - الإماراتية وإحلال التطبيع الكامل. لقد حدث ذلك بوساطة من الرئيس ترمب وبمساعدتك، مما يُعدّ إنجازاً عظيماً للسلام والاستقرار في المنطقة ويبشر بعصر جديد، حيث يمكن لمزيد من الدول الانضمام. لقد تحدثنا عن ذلك وآمل بأنه سيردنا مزيد من الأخبار السارة مستقبلاً، ربما في المستقبل المنظور».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».