«سد النهضة»: مصر تتمسك بالتفاوض وإثيوبيا تطرح مجدداً تقاسم المياه

سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

«سد النهضة»: مصر تتمسك بالتفاوض وإثيوبيا تطرح مجدداً تقاسم المياه

سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

عادت إثيوبيا تتحدث من جديد حول هيمنة مصرية على مياه نهر النيل، في وقت تجري فيه المفاوضات بين الجانبين بشأن قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة»، الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل. وقال وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاتشو، إن «دول المنبع ترفض الهيمنة المصرية على استخدام مياه النيل». في حين جددت القاهرة تمسكها بالمسار التفاوضي.
وقال محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الري المصرية، بشأن المفاوضات التي تخوضها مصر والسودان وإثيوبيا، إن المفاوضات الجارية برعاية الاتحاد الأفريقي، مستمرة بعد تجميع مقترحات الدول الثلاث بشأن الاتفاق النهائي، واختيار عضو فني وقانوني ممثل لكل دولة، مشيراً إلى أنه من المقرر رفع التقرير النهائي إلى دولة جنوب أفريقيا، الرئيسة الحالية للاتحاد، الجمعة المقبل.
ورفض السباعي، في تصريحات له، نشرت أمس، الحديث عن تقدم أو تراجع في المفاوضات، مؤكداً أن «كل ما حدث صياغة مقترحات الدول الثلاث»، وأن بلاده مستمرة في المسار التفاوضي.
وتخشى مصر أن يتسبب السد في تضرر حصتها السنوية من مياه النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب، تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة، وتستند فيها إلى «اتفاقيات تاريخية». بينما ترغب إثيوبيا في أن يتضمن أي اتفاق نهائي تقاسم مياه النيل، والتي تقول إثيوبيا، إن مصر تحصل على نصيب الأسد فيه.
وقال وزير الخارجية الإثيوبي، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الإثيوبية (الرسمية)، أمس، إن «بلاده في حاجة إلى بناء السد... وعليها أن تعكس الواقعية حول استخدام نهر النيل».
ووصف أندارجاتشو سد النهضة بأنه شعار لجميع الإثيوبيين وفخر للبلاد لاستكمال مثل هذا المشروع الضخم بقدراتها الخاصة.
وقال إن إثيوبيا يمكنها توليد ما يصل إلى 30 ألف ميغاواط من طاقة كهرومائية من نهر النيل، مضيفاً أن «هذه الإمكانات الهائلة ستمكن البلاد في توصيل الكهرباء إلى جميع الشعوب الإثيوبية، وتوسيع المجمعات الصناعية، وخلق فرص عمل إلى جانب تحسين الخدمات».
وانتقد الوزير الإثيوبي ما اعتبره «حق الهيمنة (المصرية) على استخدام مياه النيل»، مؤكداً أنه «ادعاء ترفضه دول المنبع، التي هي مصدر كل مياه النيل تقريباً». وأضاف «هذه الروايات القديمة يجب استبدالها بالاستخدام العادل والمنصف للمياه لجميع الدول المشاطئة لنهر النيل».
في السياق ذاته، قالت الباحثة الإثيوبية في مجال الموارد المائية، مقدلاويت ميساي، إن استخدام نهر النيل ليس خياراً، لكنه مسألة بقاء؛ لأن 90 إلى 95 في المائة من سكان إثيوبيا يعتمدون عليه. وأضافت «ليس من المجدي تقاسم المياه التي تخص أكثر من 10 دول مشاطئة بين بلدين فقط».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.