وفيات وإصابات «كورونا» لا تزال تصاعدية في إيران

نصف الحصيلة في طهران

إيرانيون يتبضعون في بازار طهران أمس (مهر)
إيرانيون يتبضعون في بازار طهران أمس (مهر)
TT

وفيات وإصابات «كورونا» لا تزال تصاعدية في إيران

إيرانيون يتبضعون في بازار طهران أمس (مهر)
إيرانيون يتبضعون في بازار طهران أمس (مهر)

قالت هيئة بوزارة الصحة الإيرانية إن مسار وباء «كوفيد19» على صعيد الإصابات والوفيات «لا يزال تصاعدياً رغم (الثبات والتغييرات الجزئية)»، وكشفت مسؤولة الصحة في مجلس بلدية طهران، عن إحصائية للوفيات تعادل نصف الحصيلة الرسمية في البلاد التي تجاوزت 20 ألفاً منذ أيام.
وذكر تقرير جديد في «لجنة الأمراض الوبائية» التابعة لوزارة الصحة، أن مسار الوباء يشهد ثباتاً بتغييرات مختصرة في 7 محافظات في أنحاء البلاد. وأشار التقرير إلى عودة محافظتي الأحواز في جنوب غربي البلاد، ويزد وسط البلاد، إلى المسار التصاعدي.
كما كشف التقرير عن دخول 7 محافظات إلى الذروة مع استمرار المسار التصاعدي للإصابات فيها. وفيما أشار التقرير إلى تراجع الإصابات في محافظتي زنجان وخراسان الشمالية، ذكر أن المعطيات في 11 محافظة لم تسمح بالتوصل إلى تحليل صائب للأوضاع.
والتقرير قائم على تحليل «معطيات» من مسار مؤشرات الوباء على صعيد الإصابات اليومية الجديدة إضافة إلى عدد الأفراد الذين يدخلون المستشفيات، وفق ما نقلت وكالة «ايسنا» الحكومية عن وزارة الصحة.
وفي المؤتمر الصحافي اليومي، أبلغت المتحدثة باسم وزارة الصحة، سيما سادات لاري، عن 2113 إصابة جديدة، و141 حالة وفاة، ونقل 882 إلى المستشفيات لتلقي العلاج، حيث تتعامل الكوادر الطبية مع 3841 حالة حرجة، خلال 24 ساعة.
وارتفعت حصيلة الوفيات إلى 20 ألفاً و643 شخصاً، فيما بلغ العدد الإجمالي للإصابات 359 ألفاً، وشفي منذ 19 فبراير (شباط) الماضي نحو 310 آلاف.
وأبقت وزارة الصحة العاصمة طهران على رأس 15 محافظة في «الوضع الأحمر» الذي يشير إلى تفشٍّ متصاعد للفيروس نظراً لحالات الوفاة والإصابات. ولا تزال 11 محافظة في «حالة الإنذار» وهي المستوى الثاني على صعيد توضيح الأوضاع في المحافظات.
وقال محافظ طهران، أنوشيروان محسني بندبي إن هناك مؤشرات على أن مسار الوفيات والإصابات «ينخفض ببطء» في طهران.
ونقلت وكالة «فارس»، عن ناهيد خداكرمي، رئيسة «لجنة الصحة» في مجلس بلدية طهران، إن الفيروس أدى إلى وفاة 10 آلاف و200 شخص في العاصمة طهران، ما يظهر أن نصف حالات الوفاة وقعت في العاصمة الإيرانية، خلال 6 أشهر من تفشي الفيروس في البلاد.
من جانب آخر، أجرى وزير الصحة الإيراني، سعيد نمكي، أمس، مشاورات مع وزير التعليم محسن حاجي میرزایی، حول افتتاح المدارس في 5 سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقال نمكي: «من المرجح أن نواجه خريفاً صعباً»، وأضاف: «ربما تتزامن (كورونا) مع الإنفلونزا»، وحض على تعزيز التعليم عبر الإنترنت واتخاذ سياسة للدمج بين التعليم الإلكتروني والتعليم في المدارس، قائلاً إنها «تمنحنا الجرأة والقدرة على اتخاذ القرار، لكي نواصل التعليم ونعمل على الوقاية من الوباء». وصرح بأن «تغيير سلوك الفيروس أظهر إمكانية إصابة الأطفال بالوباء».
من جهته، قال وزير التعليم محسن حاجي ميرزايي إن «المعلمين يجب أن يواصلوا أنشطتهم مثل الكادر الطبي». ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، بدأت إيران مراسم «عاشوراء» لمدة 10 أيام. وأصرت الحكومة على إقامة المراسم مع التزام بروتوكولات الحجر الصحي.
ودافع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مرات عدة عن سياساته في إدارة أزمة «كورونا»، خصوصاً إقامة المناسبة الدينية، رغم أنه حذر من موجة ثالثة إذا لم يلتزم الإيرانيون بالمعايير الصحية.
ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، في خطاب موجه إلى الرئيس الإيراني، أن «منع المساجد والحسينيات والأماكن المغلقة من إقامة المراسم ليس ضمن قرارات (اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا)، وقد أعلنت بصورة مفاجئة من وزارة الصحة».
وأشار منتظري إلى انتقادات كثيرة تواجه وزارة الصحة، مطالباً روحاني برفع «الحظر المقرر».
وجددت «اللجنة الوطنية لمكافحة (كورونا)»، في بيان، دعوتها الإيرانيين إلى تجنب السفر في عطل رسمية بمناسبة «عاشوراء». ونشرت مواقع إيرانية صوراً من نصب لافتات كبيرة في مداخل الطرق السريعة، تحذر من السفر.



عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
TT

عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات

أثار اعتقال إسرائيل لما يقارب 30 مواطناً، معظمهم يهود، للاشتباه بأنهم تجسسوا لصالح إيران ضمن تسع خلايا سرية، قلقاً داخل الدولة، ويعد أحد أكبر الجهود التي بذلتها طهران منذ عقود لاختراق خصمها الرئيس اللدود، وفقاً لأربعة مصادر أمنية إسرائيلية.

ومن بين الأهداف التي لم تتحقق للخلايا المزعومة كانت اغتيال عالم نووي إسرائيلي ومسؤولين عسكريين سابقين، وجمع معلومات عن قواعد عسكرية ودفاعات جوية، وفقاً لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت).

وذكر جهاز الأمن الداخلي، الذي يعرف أيضاً باسم الشاباك، والشرطة الأسبوع الماضي أن فريقاً مكوناً من أب وابنه نقل تفاصيل عن تحركات لقوات إسرائيلية، بما في ذلك في هضبة الجولان حيث يعيشان.

ونقلت وكالة «رويترز» عن المصادر الأربعة، التي تضم مسؤولين عسكريين وأمنيين حاليين وسابقين، أن الاعتقالات جاءت بعد جهود متكررة من عملاء استخبارات إيرانيين على مدى عامين لتجنيد إسرائيليين من المواطنين العاديين لجمع معلومات استخباراتية وتنفيذ هجمات مقابل المال.

وطلبت المصادر عدم الكشف عن أسمائها نظراً لحساسية الأمر.

وقال شالوم بن حنان وهو مسؤول كبير سابق في الشاباك «هناك ظاهرة كبيرة هنا»، في إشارة إلى ما أسماه العدد المفاجئ من المواطنين اليهود الذين وافقوا عن علم على العمل لصالح إيران ضد الدولة من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية أو التخطيط للتخريب والهجمات.

ولم يرد الشاباك ولا الشرطة الإسرائيلية على طلبات للتعليق. كما لم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على الأسئلة.

وفي بيان أرسل إلى وسائل إعلام بعد موجة الاعتقالات، لم تقدم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تأكيداً أو نفياً لسعي طهران إلى تجنيد إسرائيليين، وقالت إنه «من وجهة نظر منطقية» فإن أي جهود من هذا القبيل من جانب أجهزة الاستخبارات الإيرانية ستركز على أفراد غير إيرانيين وغير مسلمين لتقليل الشكوك.

وقالت الشرطة والشاباك إن اثنين على الأقل من المشتبه بهم ينتمون إلى مجتمع اليهود المتزمتين دينياً في إسرائيل.

موتي مامان المتهم بتجنيده من قبل إيران لتنفيذ مخطط اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزير الدفاع أو رئيس جهاز الأمن العام (رويترز)

الفئات المستهدفة

وعلى النقيض من عمليات تجسس إيرانية في العقود السابقة تمت من خلال تجنيد رجل أعمال بارز ووزير سابق في الحكومة فإن معظم الجواسيس المشتبه بهم الجدد أشخاص مهمشون في المجتمع الإسرائيلي، ومن بينهم مهاجرون وصلوا حديثاً وهارب من الجيش ومدان بجرائم جنسية، وفقاً للمصادر ولسجلات قضائية وتصريحات رسمية.

وقال جهاز الشاباك إن الكثير من نشاط هؤلاء المشتبه بهم كان يقتصر على نثر شعارات معادية لنتنياهو أو للحكومة على الجدران وإلحاق الضرر بسيارات.

القلق من التوقيت

ومع ذلك فإن حجم الاعتقالات وتورط مثل هذا العدد من اليهود الإسرائيليين بالإضافة إلى المواطنين العرب تسبب في حالة من القلق في إسرائيل وسط استمرار الحرب مع حركة «حماس» المدعومة من إيران في قطاع غزة وهشاشة اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله» في لبنان.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) قال الشاباك إن أنشطة التجسس الإيرانية تعد «من أخطر الأنشطة التي شهدتها دولة إسرائيل».

كما جاءت الاعتقالات في أعقاب موجة من محاولات القتل والاختطاف التي تم الربط بينها وبين طهران في أوروبا والولايات المتحدة.

وقال بن حنان إن القرار غير المعتاد بتقديم تقارير علنية مفصلة عن المؤامرات المزعومة يشكل خطوة من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية لتحذير إيران وكذلك تحذير المخربين المحتملين داخل إسرائيل بأنه سيتم الوصول إليهم.

وقال «ينبغي تنبيه الجمهور. وينبغي أيضاً تقديم العبرة لمن قد يكون لديهم أيضاً نيات أو خطط للتعاون مع العدو».

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لحرق سيارات من قِبل عملاء جندتهم إيران

نجاحات إسرائيل الاستخباراتية

وحققت إسرائيل نجاحات استخباراتية كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية في حرب ظل مع خصمتها الإقليمية، بما في ذلك قتل عالم نووي كبير. وقال مسؤول عسكري إنه مع الاعتقالات الأخيرة أحبطت إسرائيل «حتى الآن» جهود طهران للرد.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية على جماعة «حزب الله» اللبنانية، وكيل إيران في لبنان، والإطاحة ذات الصلة بحليف طهران الرئيس السوري السابق بشار الأسد في إضعاف إيران.

أساليب التجنيد

قالت الشرطة الإسرائيلية في مقطع فيديو نُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن وكالات الاستخبارات الإيرانية غالباً ما تجد مجندين محتملين على منصات التواصل الاجتماعي، محذرة من محاولات تسلل مستمرة.

وتكون جهود التجنيد مباشرة في بعض الأحيان. وتعد إحدى الرسائل المرسلة إلى مدني إسرائيلي والتي اطلعت عليها «رويترز» بتقديم مبلغ 15 ألف دولار مقابل الحصول على معلومات مع بريد إلكتروني ورقم هاتف للاتصال.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير سابق عمل في جهود إسرائيل لمكافحة التجسس حتى عام 2007، إن إيران تتصل أيضاً بشبكات المغتربين من اليهود من دول القوقاز الذين يعيشون في كندا والولايات المتحدة.

وقالت السلطات الإسرائيلية علناً إن بعض المشتبه بهم اليهود هم في الأصل من دول القوقاز.

وقال المسؤول السابق إن الأفراد المجندين يتم تكليفهم أولاً بمهام تبدو غير ضارة مقابل المال، قبل مطالبتهم تدريجياً بمعلومات استخبارية محددة عن أهداف، بما في ذلك عن أفراد وبنية تحتية عسكرية حساسة، مدعومين في ذلك بتهديد بالابتزاز.

صورة نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية لفلاديسلاف فيكتورسون وصديقته آنا بيرنشتاين بعد توقيفهما

قضية فيكتورسون

وأُلقي القبض على أحد المشتبه بهم الإسرائيليين، فلاديسلاف فيكتورسون (30 عاماً)، في 14 أكتوبر مع صديقته البالغة من العمر 18 عاماً في مدينة رامات جان الإسرائيلية قرب تل أبيب. وكان قد سُجن في عام 2015 بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً وفقاً للائحة اتهام للمحكمة منذ ذلك الوقت.

وقالت إحدى معارف فيكتورسون لـ«رويترز» إنه أخبرها أنه تحدث إلى إيرانيين باستخدام تطبيق «تلغرام» للتراسل. وقالت إن فيكتورسون كذب على المتعاملين معه بشأن تجربته العسكرية. ورفض أحد معارفه الكشف عن اسمه بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

وقال إيجال دوتان محامي فيكتورسون لـ«رويترز» إنه يمثل المشتبه به مضيفاً أن الإجراءات القانونية ستستغرق وقتاً وأن موكله محتجز في ظروف صعبة. وأوضح دوتان أنه لا يمكنه الرد إلا على القضية الحالية، ولم يدافع عن فيكتورسون في محاكمات سابقة.

أنشطة التخريب

وقال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) والشرطة إن فيكتورسون كان يعلم أنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية، ويقوم بمهام تشمل الكتابة على الجدران وإخفاء أموال وتوزيع منشورات وحرق سيارات في هياركون بارك بتل أبيب والتي تلقى مقابلها أكثر من 5000 دولار. وأظهرت التحقيقات أنه وافق لاحقاً على تنفيذ اغتيال لشخصية إسرائيلية، وإلقاء قنبلة يدوية على منزل، والسعي للحصول على بنادق قنص ومسدسات وقنابل يدوية.

وقالت الأجهزة الأمنية إنه جنّد صديقته التي كُلفت بتجنيد المشردين لتصوير المظاهرات.