البحرة: دعم دولي وإقليمي وعربي لانعقاد «الدستورية» اليوم

تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن التطلع لمسودة دستور جديد لسوريا

صورة أرشيفية للاجتماع الأول للجنة الدستورية السورية في جنيف أكتوبر الماضي
صورة أرشيفية للاجتماع الأول للجنة الدستورية السورية في جنيف أكتوبر الماضي
TT

البحرة: دعم دولي وإقليمي وعربي لانعقاد «الدستورية» اليوم

صورة أرشيفية للاجتماع الأول للجنة الدستورية السورية في جنيف أكتوبر الماضي
صورة أرشيفية للاجتماع الأول للجنة الدستورية السورية في جنيف أكتوبر الماضي

ينطلق اليوم في جنيف الاجتماع الثالث للجنة الدستورية السورية، التي أُنشئت برعاية الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، والمكلفة بتعديل الدستور السوري، للمساعدة في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية المستمرة منذ 9 سنوات. وتجمع هذه المحادثات، اليوم في اللجنة المصغرة، 45 شخصاً مختاراً بالتساوي من جانب دمشق والمعارضة وموفد الأمم المتحدة. وقال الرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية، عن هيئة التفاوض، هادي البحرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يجعل الاجتماع اليوم مختلفاً، وجود دعم دولي وإقليمي وعربي لانعقاده، والقبول المتبادل بجدول الأعمال.
> هل من جدول أعمال متفق عليه للجولة الحالية؟
نعم، نتيجة لجهود المبعوث الدولي الخاص، تم التوصل إلى توافق بخصوص جدول أعمال الجلسة الحالية للجنة الدستورية، «بناء على ولاية اللجنة والمعايير المرجعية، والعناصر الأساسية للائحة الداخلية للجنة الدستورية، وعلى مناقشة الأسس والمبادئ الوطنية»، وقد أعلن ذلك في إحاطاته إلى مجلس الأمن.
> ماذا يميز اجتماعات الدورة الثالثة من الاجتماعات عن سابقتها؟ وإلى أين يمكن أن تصل اللجنة الدستورية؟
يميزها أن هناك قبولاً متبادلاً بجدول الأعمال، وبموعد انعقاد اللجنة التي تنطلق اليوم، وأن هناك دعماً دولياً وإقليمياً وعربياً لانعقادها. بالنسبة لنا، نعتبر أن من واجبنا تجاه شعبنا أن ندفع بعمل اللجنة الدستورية قدماً، لتنجز مهمتها الموكلة إليها في إطار تفويضها وفق المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، بأسرع وقت ممكن.
يجب أن تُنجز اللجنة الدستورية، في سياق مسار جنيف الميسر من طرف الأمم المتحدة، لإعداد وصياغة إصلاح دســتوري يطرح للموافقة العمومية، كإســهام في التســوية الســياســية في ســوريا، وفي تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 (2015). ويقوم الإصلاح الدســــتوري، من بين أمور أخرى، بتجســــيد المبادئ الاثني عشرة السورية - السورية الأساسية، نصاً وروحاً في الدستور السوري والممارسات الدستورية السورية.
بالتالي، نحن نهدف ونتطلع إلى صياغة مسودة دستور جديد لسوريا، يحقق تطلعات وآمال الشعب السوري بأطيافه ومكوناته كافة. شعبنا أنهك، واقتصادنا دمر، وما تبقى من موارد يقضمها الفساد، ومؤسسات الدولة يتهدّدها الانهيار. لا يوجد سوري عاقل يستطيع ادّعاء الانتصار على أشلاء ما تبقى من وطن هُجر أكثر من نصف سكانه، واستشهد وقتل أكثر من مليون من بناته وأبنائه، غالبيتهم من المدنيين الأبرياء، وما زال عشرات الآلاف من المواطنات والمواطنين معتقلين ومغيبين قسرياً. لقد آن الأوان أن تنتهي هذه المأساة، وينال السوريون والسوريات ما يستحقون من مستقبل رغيد، ودستور يحقق دولة المواطنة المتساوية بالحقوق والواجبات وقوانين تصون كرامتهم وتكفل حرياتهم.
> ما الذي يبقيكم تعملون بإيجابية وتفاؤل في اللجنة الدستورية، رغم خيبتين سابقتين وفشل محاولات السير في العملية السياسية كلها؟
هناك حقيقة راسخة، بأنه لا حل عسكرياً ممكن التحقيق في سوريا نظراً لتشابك ووجود عدة قوى عسكرية دولية وإقليمية على الأراضي السورية، لها مصالح تتلاقى في القليل منها، وتختلف في أكثرها، وجميعها حريصة على عدم الاشتباك المباشر فيما بينها. تتلاقى بعض من مصالحنا الوطنية مع بعضها، وتختلف مع بعضها الآخر، الحل الوحيد الممكن هو الحل السياسي لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، لأن استمرار المغامرات العسكرية سيدمر ما تبقى من وطننا.
إننا نعتبر أنفسنا حاملين للمأساة السورية، ولمعاناة وهموم السوريين كافة، على اختلاف أطيافهم ومكوناتهم، نريد أن ننتقل بسوريا إلى برّ الأمان والخلاص، نريد للسوريين المهجرين واللاجئين والنازحين، أن يعودوا إلى مواطنهم الأصلية ليساهموا بإعادة إعمار الإنسان والبنيان، فسوريا بحاجتهم ولا يمكن لها أن تتعافى ويعاد إعمارها دون عودتهم، فأكبر خسارة لنا كانت هذه الموارد البشرية. ومن نافلة القول إنه لا يمكن التقدم نحو ما فيه خير لوطننا، طالما بقي هناك معتقل واحد في السجون، أو بقيت أسرة لا تعرف مصير فرد فيها، يجب أن يكشف مصير المغيبات والمغيبين قسراً، ويطلق سراح المعتقلات والمعتقلين، كي تلتئم الجروح، لا بد للعدالة أن تتحقق. لنطوي صفحة الماضي. هذا هو الواقع الذي يدفعنا للعمل الإيجابي باستمرار في اللجنة الدستورية وفي العملية السياسية كلها، نحن نريد اختزال الزمن، نريد إنهاء معاناة وألم شعبنا بأسرع وقت ممكن، لو كان القرار لنا فقط، لتابعنا العمل بشكل متواصل ودون انقطاع في جنيف حتى إنجاز مهمتنا، هذا حق شعبنا علينا، وواجبنا الوطني.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.