ينطلق اليوم في جنيف الاجتماع الثالث للجنة الدستورية السورية، التي أُنشئت برعاية الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، والمكلفة بتعديل الدستور السوري، للمساعدة في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية المستمرة منذ 9 سنوات. وتجمع هذه المحادثات، اليوم في اللجنة المصغرة، 45 شخصاً مختاراً بالتساوي من جانب دمشق والمعارضة وموفد الأمم المتحدة. وقال الرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية، عن هيئة التفاوض، هادي البحرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يجعل الاجتماع اليوم مختلفاً، وجود دعم دولي وإقليمي وعربي لانعقاده، والقبول المتبادل بجدول الأعمال.
> هل من جدول أعمال متفق عليه للجولة الحالية؟
نعم، نتيجة لجهود المبعوث الدولي الخاص، تم التوصل إلى توافق بخصوص جدول أعمال الجلسة الحالية للجنة الدستورية، «بناء على ولاية اللجنة والمعايير المرجعية، والعناصر الأساسية للائحة الداخلية للجنة الدستورية، وعلى مناقشة الأسس والمبادئ الوطنية»، وقد أعلن ذلك في إحاطاته إلى مجلس الأمن.
> ماذا يميز اجتماعات الدورة الثالثة من الاجتماعات عن سابقتها؟ وإلى أين يمكن أن تصل اللجنة الدستورية؟
يميزها أن هناك قبولاً متبادلاً بجدول الأعمال، وبموعد انعقاد اللجنة التي تنطلق اليوم، وأن هناك دعماً دولياً وإقليمياً وعربياً لانعقادها. بالنسبة لنا، نعتبر أن من واجبنا تجاه شعبنا أن ندفع بعمل اللجنة الدستورية قدماً، لتنجز مهمتها الموكلة إليها في إطار تفويضها وفق المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، بأسرع وقت ممكن.
يجب أن تُنجز اللجنة الدستورية، في سياق مسار جنيف الميسر من طرف الأمم المتحدة، لإعداد وصياغة إصلاح دســتوري يطرح للموافقة العمومية، كإســهام في التســوية الســياســية في ســوريا، وفي تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 (2015). ويقوم الإصلاح الدســــتوري، من بين أمور أخرى، بتجســــيد المبادئ الاثني عشرة السورية - السورية الأساسية، نصاً وروحاً في الدستور السوري والممارسات الدستورية السورية.
بالتالي، نحن نهدف ونتطلع إلى صياغة مسودة دستور جديد لسوريا، يحقق تطلعات وآمال الشعب السوري بأطيافه ومكوناته كافة. شعبنا أنهك، واقتصادنا دمر، وما تبقى من موارد يقضمها الفساد، ومؤسسات الدولة يتهدّدها الانهيار. لا يوجد سوري عاقل يستطيع ادّعاء الانتصار على أشلاء ما تبقى من وطن هُجر أكثر من نصف سكانه، واستشهد وقتل أكثر من مليون من بناته وأبنائه، غالبيتهم من المدنيين الأبرياء، وما زال عشرات الآلاف من المواطنات والمواطنين معتقلين ومغيبين قسرياً. لقد آن الأوان أن تنتهي هذه المأساة، وينال السوريون والسوريات ما يستحقون من مستقبل رغيد، ودستور يحقق دولة المواطنة المتساوية بالحقوق والواجبات وقوانين تصون كرامتهم وتكفل حرياتهم.
> ما الذي يبقيكم تعملون بإيجابية وتفاؤل في اللجنة الدستورية، رغم خيبتين سابقتين وفشل محاولات السير في العملية السياسية كلها؟
هناك حقيقة راسخة، بأنه لا حل عسكرياً ممكن التحقيق في سوريا نظراً لتشابك ووجود عدة قوى عسكرية دولية وإقليمية على الأراضي السورية، لها مصالح تتلاقى في القليل منها، وتختلف في أكثرها، وجميعها حريصة على عدم الاشتباك المباشر فيما بينها. تتلاقى بعض من مصالحنا الوطنية مع بعضها، وتختلف مع بعضها الآخر، الحل الوحيد الممكن هو الحل السياسي لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، لأن استمرار المغامرات العسكرية سيدمر ما تبقى من وطننا.
إننا نعتبر أنفسنا حاملين للمأساة السورية، ولمعاناة وهموم السوريين كافة، على اختلاف أطيافهم ومكوناتهم، نريد أن ننتقل بسوريا إلى برّ الأمان والخلاص، نريد للسوريين المهجرين واللاجئين والنازحين، أن يعودوا إلى مواطنهم الأصلية ليساهموا بإعادة إعمار الإنسان والبنيان، فسوريا بحاجتهم ولا يمكن لها أن تتعافى ويعاد إعمارها دون عودتهم، فأكبر خسارة لنا كانت هذه الموارد البشرية. ومن نافلة القول إنه لا يمكن التقدم نحو ما فيه خير لوطننا، طالما بقي هناك معتقل واحد في السجون، أو بقيت أسرة لا تعرف مصير فرد فيها، يجب أن يكشف مصير المغيبات والمغيبين قسراً، ويطلق سراح المعتقلات والمعتقلين، كي تلتئم الجروح، لا بد للعدالة أن تتحقق. لنطوي صفحة الماضي. هذا هو الواقع الذي يدفعنا للعمل الإيجابي باستمرار في اللجنة الدستورية وفي العملية السياسية كلها، نحن نريد اختزال الزمن، نريد إنهاء معاناة وألم شعبنا بأسرع وقت ممكن، لو كان القرار لنا فقط، لتابعنا العمل بشكل متواصل ودون انقطاع في جنيف حتى إنجاز مهمتنا، هذا حق شعبنا علينا، وواجبنا الوطني.
البحرة: دعم دولي وإقليمي وعربي لانعقاد «الدستورية» اليوم
تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن التطلع لمسودة دستور جديد لسوريا
البحرة: دعم دولي وإقليمي وعربي لانعقاد «الدستورية» اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة