السودان يترقب زيارة بومبيو ويأمل برفع اسمه من «لائحة الإرهاب»

رئيس الوزراء الإثيوبي يزور الخرطوم لبحث مشاكل الحدود

وضع السودان على «قائمة الإرهاب» إبان عهد البشير الذي يُحاكم الآن في الخرطوم (أ.ف.ب)
وضع السودان على «قائمة الإرهاب» إبان عهد البشير الذي يُحاكم الآن في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

السودان يترقب زيارة بومبيو ويأمل برفع اسمه من «لائحة الإرهاب»

وضع السودان على «قائمة الإرهاب» إبان عهد البشير الذي يُحاكم الآن في الخرطوم (أ.ف.ب)
وضع السودان على «قائمة الإرهاب» إبان عهد البشير الذي يُحاكم الآن في الخرطوم (أ.ف.ب)

تشهد العاصمة السودانية الخرطوم حراكاً دبلوماسياً واسعاً هذا الأسبوع، مع سلسلة زيارات لمجموعة من المسؤولين الأجانب رفيعي المستوى، على رأسهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في وقت سبقهم فيه إلى البلاد مبعوث قطر لمباحثات السلام السودانية الجارية حالياً في عاصمة جنوب السودان (جوبا)، الذي التقى رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك أمس.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو سيصل إلى الخرطوم غداً (الثلاثاء)، ضمن جولة يقوم بها في الشرق الأوسط تشمل إسرائيل والإمارات وسلطنة عمان والبحرين. وكانت وسائل إعلام أميركية قد ذكرت أول من أمس، أن بومبيو وجاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترمب سيقومان بجولة في بلدان الشرق الأوسط، وضمنها سيزور بومبيو السودان، وذلك في أعقاب اتفاق السلام الموقع بين الإمارات وإسرائيل.
وقال مصدر دبلوماسي أميركي لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن بومبيو سيصل إلى الخرطوم غداً (الثلاثاء)، دون أن يكشف القضايا التي سيبحثها مع المسؤولين السودانيين. لكن مصادر سودانية عبرت عن اعتقادها بأن أحد أهم بنود المباحثات مع بومبيو ستتركز على قضية حذف اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي يعوّل عليها السودان كثيراً في تحسين وضعه الاقتصادي ودعوة رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في السودان والحصول على قروض من المؤسسات المالية الدولية، الأمر الذي لا يستطيع عمله طالما ظل اسمه ضمن «قائمة الإرهاب». غير أن بعض السودانيين عبروا عن خشيتهم من أن يشترط بومبيو على السودان تطبيع علاقاته مع إسرائيل، مقابل حذف اسمه من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.
وكان رئيس الوزراء السوداني حمدوك قد ذكر في خطابه أول من أمس، في مناسبة مرور عام على تسلمه موقعه، أن حذف اسم السودان من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب أصبح وشيكاً، وتوقع أن يتم الإعلان في غضون أيام. ومنذ عام 1993، أدرجت الخارجية الأميركية السودان على قائمتها للدول الراعية للإرهاب على خلفية استضافته زعيم القاعدة أسامة بن لادن، ضمن أسباب أخرى تسببت في العزلة التي يعانيها السودان دولياً. ورفعت الإدارة الأميركية عقوبات اقتصادية وتجارية كانت قد فرضتها على السودان منذ عام 1997، بيد أنها أبقت عليه في اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب. وتقود الحكومة السودانية الانتقالية جهوداً كبيرة للخروج من تلك القائمة بعد الوصول إلى تسوية قضت بدفع تعويضات لضحايا المدمرة الأميركية «إس إس كول»، والتوافق على دفع تعويضات لضحايا تفجير السفارتين الأميركيتين في تنزانيا ودار السلام في عام 1998، تمهيداً لحذف اسمه من القائمة سيئة الصيت.
وأخيراً رفع البلدان مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما لمستوى السفراء، واعتمدت الإدارة الأميركية السفير نور الدين ساتي سفيراً للسودان في واشنطن، فيما ينتظر أن تختار واشنطن دبلوماسياً ليشغل منصب سفيرها في الخرطوم.
من جهة أخرى، أبلغ مصدر سوداني مطلع «الشرق الأوسط» أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يتوقع أن يصل إلى الخرطوم غداً (الثلاثاء) أو بعد غد (الأربعاء)، في زيارة لبحث ملفات الحدود بين البلدين وسد النهضة الإثيوبي، وذلك بعد أيام قليلة من زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مع وفد رفيع من الوزراء وكبار المسؤولين المصريين.
ونقلت تقارير إعلامية استبعاد آبي أحمد اندلاع نزاع حدودي بين البلدين، وأن بلاده تحفظ ما سماه «جميل السودان» على بلاده وشعبه عبر التاريخ ولجوء أعداد كبيرة من الإثيوبيين إليه، وذلك في إشارة إلى التوتر الحدودي والاعتداءات الإثيوبية على الحدود التي راح ضحيتها عدد من القتلى من الجانبين.
إلى ذلك، استقبل رئيس الوزراء السوداني في الخرطوم أمس، مبعوث دولة قطر لمفاوضات السلام الجارية في عاصمة جنوب السودان جوبا، مطلق بن ماجد القحطاني، بحضور وزير مجلس الوزراء عمر مانيس ووزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين. وذكرت نشرة صادرة عن إعلام مجلس الوزراء أن حمدوك وضيفه بحثا سير مفاوضات السلام في السودان.الطرفان الوصول إلى اتفاق بين الحكومة وعدد من الحركات المسلحة في وقت قريب.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».