وفد عسكري إسرائيلي في الدوحة لترتيب تهدئة في غزة

TT

وفد عسكري إسرائيلي في الدوحة لترتيب تهدئة في غزة

في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود المصرية للتهدئة بعد جولة توتر دامت 12 يوما، ويقوم وفد إسرائيلي عسكري بزيارة للدوحة بغية نصح «حماس» الخارج، بالتدخل، وإزاء التهديدات الإسرائيلية بالعودة إلى سياسة الاغتيالات، ذكرت مصادر استخبارية في تل أبيب، أن قادة حركة «حماس» في القطاع نزلوا إلى العمل من تحت الأرض وأنهم يأخذون بكل جدية التهديدات بالتصعيد الحربي.
وقالت هذه المصادر، إن الحكومة الإسرائيلية، ونتيجة لانشغالها في أزماتها العديدة، من أزمة «كورونا» إلى الأزمة الاقتصادية والأزمة الائتلافية، كلفت قيادة الجيش بإدارة الصراع مع قطاع غزة، بالتنسيق مع مجلس الأمن القومي في ديوان رئيس الوزراء، برئاسة مئير بن شبات، المقرب من بنيامين نتنياهو. وأكدت أن الجيش، الذي يهتم بالوساطة المصرية قرر زيادة دور قطر في هذه الوساطة. وأنه، في هذا الإطار، قام قائد اللواء الجنوبي في الجيش، الجنرال هرتسي هليفي، بزيارة الدوحة برفقة ضباط أمن آخرين، من الجيش و«الشباك» (جهاز الأمن العام)، والموساد (جهاز الأمن الخارجي) ومجلس الأمن القومي. وأنه عمل على بلورة تفاهمات لتسوية، أو لوقف إطلاق النار، يوافق عليها قادة «حماس» في الخارج، المقيمون في العاصمة القطرية، خصوصا إسماعيل هنية، رئيس الدائرة السياسية، وصالح العاروري، نائبه.
يذكر أن توترا ساد بين إسرائيل وقطاع غزة، في الأيام الأخيرة، قامت فيه «حماس» وغيرها من الشباب بإطلاق قذائف بسيطة وبالونات تحمل عبوات ناسفة وحارقة باتجاه البلدات الإسرائيلية الجنوبية، التي تسببت بالأساس بحرائق في الحقول الإسرائيلية وبعض الحقول الفلسطينية، وردت إسرائيل عليه بقصف بالمدرعات أو غارات بالطائرات على أهداف متفرقة تابعة لـ«حماس» و«الجهاد». وقد تبادل الطرفان تهديدات بمزيد من التصعيد، ولمح الجنرالات الإسرائيليون بأنهم ينوون العودة إلى سياستهم في تنفيذ اغتيالات بحق القادة، ورد ناطق بلسان «حماس»، بأن اغتيال أي قائد سيقابل برد مفاجئ وغير مسبوق. لكن مصر تدخلت وأرسلت وفدا رفيعا من المخابرات للقاء مسؤولين في «حماس» وغيرها من التنظيمات في القطاع وكذلك مع مسؤولين في إسرائيل.
ونفت «حماس» أن يكون دافعها إلى إطلاق البالونات هو الحصول على المنحة القطرية الشهرية بقيمة 30 مليون دولار، وطرحت مطالب إضافية تتعلق بالضائقة التي يعيشها سكان القطاع من جراء الحصار الإسرائيلي وإعادة العمل في مشاريع الإعمار ومواجهة فيروس «كورونا»، وطالبت بعودة المفاوضات حول صفقة تبادل أسرى. وقالت إن «أحد أسباب عرقلة جهود التهدئة تعود إلى الصراعات والخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية. فكل طرف منهم يحاول ترسيخ قوته، وهذا يخلق عددا غير قليل من المشاكل التي يمكن أن تؤدي بـ(حماس) إلى الاستنتاج بأنه ليس لديها عنوان واحد واضح. الأحداث الأخيرة تظهر أن (حماس) غير معنية بصراعات القوى في إسرائيل وتطالب باستمرار التسوية».
وصادق مصدر أمني رفيع في تل أبيب على ما يردده رجال حماس وقال في حديث مع صحيفة «هآرتس»، أمس: «إذا كان بن شبات اتخذ قرارات مع المستوى الأمني ورئيس الحكومة، فاليوم يريد الجميع أن يكونوا شركاء ويطرحوا آراءهم. رئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية قاما بتعيين العميد احتياط آشر بن لولو ممثلا من طرفين؛ وزير الخارجية، غابي أشكنازي، يريد أن يتحدث مع قطر ومصر بعد أن لم تكن وزارة الخارجية في صورة الاتفاق مع الإمارات، ووزير الأمن، بيني غانتس أعلن أنه سيعين شخصا آخر من طرفه ليكون منسق أعمال الحكومة تابعا له؛ ومنسق أعمال الحكومة الحالي يحاول الحفاظ على مكانته وصلاحياته. و(حماس) تتفرج علينا ولا تفهم».
ولكن الإسرائيليين يشيرون إلى وجود خلافات أيضا داخل قيادة «حماس» حول طريقة التعامل مع إسرائيل. فإسماعيل هنية، الذي يغيب منذ ستة شهور عن القطاع يختلف مع يحيى سنوار المقيم في غزة ويقود «حماس» في القطاع. وسنوار مقرب أكثر من خالد مشعل، الذي يحاول العودة إلى رئاسة الحركة. البعض يميل إلى زيادة دور قطر والبعض يميل لزيادة دور تركيا. وكلهم يوافقون على مفاوضة إسرائيل وممارسة الضغوط عليها لتعطي دفعة إيجابية لمفاوضات التهدئة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.