حمدوك مستعد للتعاون مع «الجنائية الدولية» في جرائم النظام المعزول

قال في مناسبة مرور عام على حكومته: بدأنا في السيطرة على الشركات الأمنية والعسكرية

عبد الله حمدوك ( وكالة السودان للأنباء)
عبد الله حمدوك ( وكالة السودان للأنباء)
TT

حمدوك مستعد للتعاون مع «الجنائية الدولية» في جرائم النظام المعزول

عبد الله حمدوك ( وكالة السودان للأنباء)
عبد الله حمدوك ( وكالة السودان للأنباء)

شدد رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك، على ضرورة الإسراع في محاكمة رموز النظام المعزول في كل القضايا الجنائية والفساد، وجدد التزام الحكومة بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لتسهيل مثول المتهمين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لتحقيق العدالة.
وأشار حمدوك في خطاب للأمة السودانية أمس، بمناسبة مرور عام على تشكيل الحكومة الانتقالية المدنية، إلى جهود لجنة التحقيق في أحداث فض الاعتصام، وقال: «ننتظر إكمال أعمالها لتقديم المتورطين في جرائم القتل والانتهاكات لمحاكم عادلة تضمن القصاص العادل لشهداء الثورة».
وأوضح أن المرحلة الأولى من عملية السلام على مشارف التوقيع على اتفاق سلام مع فصائل الجبهة الثورية. وأكد أنه يتابع بدقة الأوضاع الاقتصادية التي تُثقل كاهل المواطنين نتيجة للتشوهات الاقتصادية التي تركها النظام المعزول. وقال: «شرعنا في إجراء إصلاحات لمعالجة الخلل الهيكلي في الاقتصاد الذي سمح بنمو المضاربات الطفيلية في أسعار السلع الاستراتيجية والأساسية». وأكد أن الحكومة بدأت خطوات عملية في استعادة الشركات الاقتصادية التابعة للقطاعين الأمني والعسكري، وأيلولتها بالكامل لوزارة المالية، كما تعمل الحكومة على إنشاء مشاريع دعم تهدف إلى توفير السلع الأساسية للمواطنين.
وجدد استمرار الحكومة في دعم المدخلات الزراعية والكهرباء والغاز والفيرنس والقمح والدواء، ومعالجة نظام الدعم للجازولين والبنزين بشكل تدريجي. وأشار إلى أن الحكومة قررت زيادة المبالغ المرصودة لمضاعفة ميزانيات الصحة والتعليم.
من جهة أخرى، قال حمدوك: «بدأنا في عملية الإصلاح القانوني بإلغاء القوانين المقيِّدة للحريات وقانون النظام العام، الذي كان يستغله النظام المعزول في إذلال المواطنين وبخاصة النساء. وأوضح أن محاكمات قادة النظام العزول تمضي بشكل متواتر، حيث تعمل حالياً أكثر من 35 لجنة تحقيق في قضايا مختلفة، وتمت محاكمة وإدانة الرئيس المخلوع على جريمة فساد أولى ولا يزال يواجه محاكمات في جرائم أخرى وعلى رأسها جريمة الانقلاب على النظام الديمقراطي في عام 1989.
وقال حمدوك إن الحكومة عملت على عودة السودان للأسرة الدولية التي أفسدها النظام المعزول بخوضه البلاد في وحل دعم الإرهاب والتورط في إثارة القلاقل في الإقليم والعالم، مؤكداً أن الشعب السوداني لم يكن يوماً داعماً للإرهاب ولا الفوضى. وأضاف: «قطعنا خطوات كبيرة في إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب».
وشدد حمدوك على أن إكمال هياكل الحكم المحلي خطوة مفصلية في تحقيق أهداف الثورة، حاثاً تحالف قوى التغيير والعسكريين في مجلس السيادة على الإسراع في تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي.
وأشار إلى أن أبرز تحديات «الانتقالي» العلاقة بين المدنيين والعسكريين، مضيفاً أن «الشراكة بين قوى الثورة والجيش يجب أن نواجهها ونتعامل معها بوضوح وبشفافية وحزم في إطار تقسيم الواجبات والمهام الواضحة والمنصوص عليها لنجاح الفترة الانتقالية». وفي هذا الصدد أشار إلى إقرار الوثيقة الدستورية بضرورة إصلاح المؤسسة العسكرية، من أجل استعادة دورها الوطني. وأعلن رئيس الوزراء استعداد الحكومة لدعم المؤتمر التأسيسي لقوى الحرية والتغيير للتحالف الحاكم لمعالجة الإشكالات والتباينات من أجل الانتقال لمرحلة جديدة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.