ميدان التحرير غص بألوف المصريين محتضنا {خريطة الطريق}

على وقع هتافات داعمة للجيش

مصريات يرفعن صور الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وسط مطالبته بالترشح لرئاسة الجمهورية وذلك وسط تشديدات أمنية مكثفة ولجان شعبية لتفتيش الموجودين خوفا من اندلاع أي أعمال عنف بميدان التحرير أمس (أ.ف.ب)
مصريات يرفعن صور الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وسط مطالبته بالترشح لرئاسة الجمهورية وذلك وسط تشديدات أمنية مكثفة ولجان شعبية لتفتيش الموجودين خوفا من اندلاع أي أعمال عنف بميدان التحرير أمس (أ.ف.ب)
TT

ميدان التحرير غص بألوف المصريين محتضنا {خريطة الطريق}

مصريات يرفعن صور الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وسط مطالبته بالترشح لرئاسة الجمهورية وذلك وسط تشديدات أمنية مكثفة ولجان شعبية لتفتيش الموجودين خوفا من اندلاع أي أعمال عنف بميدان التحرير أمس (أ.ف.ب)
مصريات يرفعن صور الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وسط مطالبته بالترشح لرئاسة الجمهورية وذلك وسط تشديدات أمنية مكثفة ولجان شعبية لتفتيش الموجودين خوفا من اندلاع أي أعمال عنف بميدان التحرير أمس (أ.ف.ب)

«اليوم نحن في ميدان التحرير لنقول لا للإرهاب ولنعلن عن وقوفنا مع قائد الجيش».. هكذا يقول مؤمن خالد (30 سنة) الذي أخذ يهتف بكلمات تقول إن «مصر السلام لكن.. على الأعداء حرب وضروس». ولم تمنع التفجيرات التي شهدتها البلاد أول من أمس، ملايين المصريين من الخروج للميادين للاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. وكان خالد يقف وسط حشود في ميدان التحرير رافعا صوته بالهتاف عصر أمس بالأغنية التي تمجد الجيش وتقول «تسلم الأيادي.. تسلم يا جيش بلادي».
ومع الاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة يناير آثر الشاب الثلاثيني أن يحتفل به في الميدان الذي شهد ميلاد الثورة وليستعيد أجواء الـ18 يوما التي انتهت برحيل مبارك عن الحكم. تلك الأيام التي سطرت مستقبلا مصريا جديدا قائما على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي نادت بها الثورة منذ يومها الأول وحتى «سقوط النظام» في 11 فبراير (شباط) من عام 2011.
يقول مؤمن ممسكا بعلم مصر والفرحة تملأ عينيه: «أتيت اليوم من محافظة الشرقية (شمال مصر) خصيصا للاحتفال بذكرى الثورة في ميدان التحرير.. حيث لم يكن من الممكن أن أفوت الاحتفال باليوم الذي نعده يوما فاصلا يكلل المصريون من خلاله نتاج ثورتين في ثلاث سنوات». وفي بعض المواقع من الميدان حاول بعض الشبان رفع صور الرئيس الأسبق حسني مبارك، بحجة أنه لم يثبت ضده حتى الآن أي تهمة من التهم الموجهة إليه من النيابة، إلا أنه جرى منعهم من جماعات ثورية كانت تشرف على فعاليات الميدان.
وعلى مداخل الميدان انتشرت البوابات الإلكترونية وخبراء المفرقعات كما حلقت المروحيات العسكرية بكثافة في سماء الميدان وانتشرت قوات من الجيش والشرطة ضمن خطة لتأمين الميدان من أي محاولات لاختراقه من قبل جماعة الإخوان المحظورة وتعكير صفو الاحتفالات.
كما انتشرت أعداد من الشباب على مداخل الميدان في ما يشبه اللجان الشعبية للتأكد من عدم حيازة أسلحة أو ألعاب نارية خطرة كما يقول محمد ربيع (25 سنة): «نحاول اليوم الوقوف جنبا إلى جنب مع قوات الأمن لتأمين الاحتفال ولضمان عدم دخول المندسين لإفساد الاحتفالية». ويضيف: «تعيش البلاد الآن مرحلة غاية في الدقة في مواجهة قوى الإرهاب.. أعتقد أن على الشعب مساندة الجيش والشرطة في مواجهتها».
ويعد ميدان التحرير أكبر ميادين مدينة القاهرة، وسمي في بداية إنشائه باسم ميدان الإسماعيلية، نسبة للخديو إسماعيل، ثم تغير الاسم إلى «ميدان التحرير» نسبة إلى التحرر من الاستعمار في ثورة 1919 إلى أن ترسخ الاسم رسميا في ثورة 23 يوليو (تموز) عام 1952. كما يعد الميدان رمزا لحرية الشعب وصموده حين شهد عدة مواجهات بين المحتجين والقوات الأمنية منها ما كان في بداية أحداث ثورة 1919 ومظاهرات 1935 ضد الاحتلال الإنجليزي وثورة الخبز في 18 و19 يناير عام 1977، وكذلك ثورة 25 يناير عام 2011. وتأتي الذكرى الثالثة لثورة يناير في ظروف خاصة هذا العام بعد سقوط نظام الإخوان في ثورة 30 يونيو (حزيران) من العام المنصرم، وفي أعقاب عمليات إرهابية. وتقول نادية السيد (45 سنة): «لن ترهبنا محاولات الإخوان لبث الرعب والفوضى في البلاد». وتضيف: «الجيش والشرطة أمنوا الطرق والمؤسسات الحيوية والميدان اليوم (أمس)».
وكان لافتا للنظر انتشار أعداد كبيرة من الباعة الجائلين الذين يبيعون المرطبات والمياه والمأكولات في يوم يعد موسما في حد ذاته بالنسبة لهم، وما بين بائعي الأعلام المصرية والمشروبات وقف محمد شرقاوي (33 سنة) يبيع بعض اللوحات ذات الشعارات الثورية على غرار «الجيش والشرطة والشعب يد واحدة» و«لا للإرهاب»، وغيرها من الشعارات الثورية المؤيدة للجيش. يقول محمد: «أتيت اليوم (أمس) منذ ساعات الصباح الأولى قبل تشديد الإجراءات الأمنية، وذلك لأبيع اللوحات للمواطنين التي يحتاجونها في الاحتفال».
وواصل ألوف المواطنين الاحتفال في الميدان، بينما صعد عدد من منظمي الفعاليات على ما يشبه المنصة، مرددين النشيد الوطني: «بلادي بلادي.. لكي حبي وفؤادي»، في أجواء ألهبت حماس الحشود. وبعد قليل صعد على المنصة شيخ وقس مرددين هتاف: «مسلم ومسيحي يد واحدة»، في حين رقص الشباب على أنغام «تسلم الأيادي»، رافعين الأعلام المصرية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.